الكاميرا و التصوير

كيف
تعمل آلة التصوير؟
تعتبر هذه الآلة بلا شك أهم اختراع على مر العصور لأنها نقلت وبصدق تصور
الإنسان للعالم من حوله ومكنته من رؤية أشياء تبعد عنه مئات الأميال –
وكذلك السنوات ٬
فالتصوير يتيح لنا التقاط لحظات للإحتفاظ بها للذكرى .
ولو تمعنا في التقنيات الأساسية التي تجعل من هذه العملية ممكنة فسنجد
أنها في غاية البساطة ٬ فآلة التصوير ذات الفيلم تتألف من ثلاثة أجزاء رئيسية
وهي : العنصر البصري ( العدسات ) والعنصر الكيميائي ( الفي لم ) والعنصر
الميكاكتابةي ( جسم الكاميرا نفسها ) ٬ وسنرى أن مفهوم التصوير يتمحور حول
دمج وضبط هذه العناصر بحيث تلتقط صورة واضحة وسهلة التمييز .
هناك العديد من الطرق للجمع بين هذه العناصر ٬ وسنسلط الضوء على آلة
٬ وفيها يرى المصور نفس الصورة ( SLR ) التصوير العادية ذات العدسة الأحادية
2
 الساقطة
على الفيلم بالضبط ٬ كما يستطيع ضبط كل شئ بتحريك المؤشرات
والضغط على الأزرار ٬ ويوفر هذا النوع من آلات التصوير عرضاً جيداً للعمليات
الحيوية خلال التصوير لانتفاء حاجتها إلى الكهرباء .
تركيز الضوء
كما قلنا سابقاً فإن العنصر البصري في آلة التصوير هو العدسة ٬ وهي عبارة
عن قطعة منحنية من الزجاج أو البلاستيك ٬ وتتلخص وظيفتها في تجميع
الضوء المنعكس عن الأجسام وإعادة توجيهه ليشكل صورة حقيقية تشبه
المنظر مقابل العدسة تماماً .
ولكن كيف يمكن لقطعة من الزجاج أن تقوم بذلك؟ عندما ينتقل الضوء من
محيط إلى آخر فإن سرعته تتغير ٬ ويتحرك الضوء عبر الهواء بسرعة أكبر مما
يفعله عبر الزجاج ٬ لذا فالعدسة تبطئ من سرعة الضوء . عندما تدخل موجات
الضوء من خلال العدسة على شكل زاوية يصل جزء من الموجات إلى العدسة
قبل غيره وبالتالي فهو أول من يبطئ سرعته ٬ وهذا يشبه دفع عربة تسوق
من الرصيف إلى العشب بشكل زاوية ٬ فالإطار الأيمن هو من يصل أولاً
للعشب ويبطئ سرعته في حين يظل الإطار الأيسر على الرصيف ٬ وحيث أن
هذا الأخير يتحرك بسرعة أكبر فإن العربة تندفع تلقائياً نحو اليمين (أنظر
الشكل أدناه).
3
 وينطبق
نفس التأثير على الضوء عند وصوله للزجاج في شكل زاوية ٬ فهو
ينحني إلى اتجاه واحد وينحني ثانية لدى اختراقه الزجاج لأن جزيئات الضوء
تدخل الهواء وتزيد من سرعتها قبل غيرها . نجد في العدسات المحدبة أو
المجمِ عة أن جانباً واحداً من العدسة محدب أو كلاهما معاً ٬ وهذا يعني أن
الأشعة الضوئية المارة تنحني نحو مركز العدسة ٬ أما في العدسات المحدبة
الثنائية كالعدسات المكبرة فإن الضوء ينحني ما أن يصل إلى العدسة.
4
 تؤدي
هذه التقنية إلى عكس مسار الضوء المنعكس بدوره عن الأجسام
بشكل فعال ٬ فأي مصدر للضوء ( ولنقل شمعة ) يصدر ضوءاً في جميع
الإتجاهات ٬ وتصدر جميع الأشعة من نقطة واحدة ( لهيب الشمعة ) ثم تتباعد
بشكل ثابت ٬ وتعيد العدسة المحدبة توجيه الضوء بحيث يسقط على نقطة
واحدة ٬ وهنا نحصل على صورة حقيقية للشمعة .
البؤرة
رأينا في السابق كيف تتشكل الصورة عبر اختراق الضوء للعدسة المحدبة ٬
وتتفاوت طبيعة الصورة طبقاً لكيفية انتفال الضوء عبر العدسة ٬ ويعتمد هذا
المسار الضوئي على عاملين مهمين :
زاوية
سقوط شعاع الضوء على العدسة.
5
بنية
العدسة .
تتغير زاوية سقوط الضوء عند تحرك الجسم قرباً أو بعداً عن العدسة ويمكنك
التأكد من ذلك من الرسم البياني أدناه ٬ فتدخل الأشعة الآتية من رأس قلم
الرصاص العدسة بزاوية حادة جداً عندما يكون القلم قريباً من العدسة وبزاوية
م نفرجة عندما يكون بعيداً ٬ وبشكل عام تعمل العدسة على تركيز الضوء
بدرجة معينة وليس مهماً من أين يدخل الضوء عبرها ٬ ونتيجة لذلك فإن الضوء
الداخل بزاوية حادة سيخترق العدسة بزاوية منفرجة والعكس صحيح ٬ وتبقى
زاوية الإنحراف الكلية في أي نقطة محددة هي نفسها .
ومثلما هو واضح فإن الأشعة القادمة من نقطة قريبة تتجمع أبعد ما يكون عن
العدسة من الأشعة القادمة من نقطة أبعد ٬ وبإمكانك ملاحظة هذه الظاهرة
6
 بتجربة
بسيطة : أشعل شمعة في ا لظلام وأمسك عدسة مكبرة بينها وبين
الحائط ٬ ستشاهد صورة مقلوبة للشمعة على الحائط ٬ إن لم تسقط الصورة
الحقيقية رأساً على الحائط فستظهر مشوشة بعض الشئ لأن الأشعة
الصادرة من نقطة معينة لا تتجمع كلها في تلك النقطة ٬ ولتقريب الصورة قم
بتحريك العدسة المكبرة قريباً و بعيداً عن الشمعة.
هذا ما يحدث عندما تحرك عدسة آلة التصوير للتركيز على شئ معي ن ٬ فأنت عملياً تقوم بتقريب العدسة أو
إبعادها عن سطح الفيلم لضبط الصورة بحيث تسقط كا ملة على الفيلم
شكل العدسة وحجم الصورة
رأينا أن العدسة تركز الضوء على نقطة معينة وبدرجة معينة مهما كانت زاوية
سقوط الضوء عليها ٬ وتُحدد زاوية التركيز الكلية عن طريق بنية العدسة .
تمتلك العدسة ذات الشكل المستدير ( ومركز محدب أكثر ) زاوية تركيز أكثر
دقة ٬ وفي الأساس يزيد إنحناء العدسة من المسافة بين نقاط مختلفة فيها ٬
7
 فهو
يزيد من الوقت بحيث يتحرك جزء من الأشعة بصورة أسرع من الباقي ٬
وهكذا نحصل على إنحناء أكثر حدة .
إن قمت بزيادة زاوية التركيز فستحصل على تأثير واضح ٬ فتتجمع الأشعة
القادمة من نقطة معينة عند نقطة قريب ة من العدسة ٬ ولن تتجمع الأشعة في
زاوية حادة مع العدسة ذات الشكل المنبسط وإنما ستتجمع الأشعة بعيداً
عن العدسة .
تؤدي زيادة المسافة بين العدسة والصورة في الحقيقة إلى زيادة حجم الصورة
الكلي ٬ نفس المبدأ ينطبق على جهاز العرض ٬ فكلما حركت الجهاز بعيداً عن
الشاشة تصبح الصورة أكبر ٬ بكلمات أخرى ينتشر الضوء مع سقوطه على
الشاش ة. يحدث الأمر ذاته في آلة التصوير فمع زيادة المسافة بين العدسة
والصورة ينتشر الضوء أكثر ليشكل صورة أكبر إلا أن حجم الفيلم لا يتغير ٬ وعند
تركيب عدسة منبسطة فهي تعرض صورة كبيرة جداً ولا يستوعب الفيل م
سوى الجزء الأوسط منها ٬ بحيث تركز العدسة على منتصف الإطار لتكبير
القسم الصغير من المشهد الذي أمامها . وتعطي العدسة المستديرة صوراً
أصغر حجماً بحيث يلتقط الفيلم مدى أعرض للمشهد ( مع تكبير أقل ).
توفر آلات التصوير للمحترفين تشكيلة أوسع من العدسات بحيث تستطيع ر ؤية
المشهد بدرجات تكبير متعددة ٬ وتوصف قوة التكبير بالبعد البؤري ويُعرف على
أنه المسافة بين العدسة والمشهد الحقيقي وفي مسافة بعيدة (كالقمر
8
 على
سبيل المثال ) ٬ ويشير أعلى رقم للبعد البؤري إلى مدى تكبير أوسع
للصورة .
تعتبر العدسات المتنوعة مناسبة لمختلف الظروف ٬ إن كنت تلتقط صورة
لسلسلة جبال فستحتاج إلى عدسة ذات بعد بؤري خاص للحصول على
تركيب أضيق ٬ وإن كنت تلتقط منظراً مقرباً لشخص فأنسب عدسة هي ذات
الزاوية العريضة وهي ذات بعد بؤري أقصر لتقلص المشهد مقابلها ٬ فهي تظهر
الوجه كاملاً على الفيلم حتى ولو كان الشخص على بعد قدم واح د. وليست
العدسة ذات قطر 50 ملم العادية قادرة على تكبير أو تقليص الصور بشكل
ملحوظ ٬ وهي مثالية لتصوير أجسام قريبة نسبياً.
9
 أنواع
العدسات
عدسة آلة التصوير هي في الحقيقة عبارة عن عدة عدسات مجتمعة في
عدسة واحدة ٬ وبمقدور عدسة محدبة منفردة تشكيل صورة على الفيلم إلا
أنها ستكون منحرفة ومشوهة . أحد أهم عوامل حدوث التشوهات هي ميلان
ألوان مختلفة على نحو متباين لدى مرورها خلال العدسة ٬ ويؤدي هذا
الإنحراف اللوني إلى تشكيل صور ة متداخلة الألوان .
تعوض آلات التصوير هذه المشكلة باستعمال أكثر من عدسة مصنوعة من
مواد مختلفة مصممة للتعامل مع جميع الألوان ٬ وعند دمجها بطريقة معينة
تعود الألوان إلى ترتيبها الصحيح . فيما يخص عدسة التقريب (الزوم ) بمقدروك
تحريك عدة عدسات إلى الأمام والخلف ٬ كم ا يمكنك ضبط قوة التكبير ( البعد
لبؤري ) للعدسات ككل بتغيير المسافة بين عدسات محددة .
إسقاط الضوء
الفيلم هو الجزء الكيميائي في أي آلة تصوير ٬ وهو مصمم في الأساس
ليتعرض للضوء المنعكس عن الصورة الحقيقية وطبعها على الفيلم . يتم ذلك
عن طريق حبيبات صغيرة الحجم حساسة للضوء تنتشر على شريط
بلاستيكي ٬ وتتفاعل هذه الحيبيات كيميائياً لدى تعرضها للضو ء.
بعد الإنتهاء من تصوير كامل الفيلم يمر الفيلم بعملية التظهير أو التحميض ٬
وفيها يتم معالجته بمواد كيميائية أخرى تتفاعل مع الحبيبات الحساسة
10
 للضوء
٬ تعمل المواد المظهرة على تعتيم ا لحبيبات التي تعرضت للضوء . تؤدي
هذه العملية ( في الصور البيضاء والسوداء ) إلى صنع الصورة السلبية أو
النيغاتيف التي تظهر فيها المناطق المضاءة داكنة والعكس صحيح ٬ ثم تتحول
إلى صورة عادية بعد طبعها على ورق خاص .
أما في الصور الملونة فإن الفيلم يحتوي على ثلاث طبقات مختلفة من المواد
الحساسة للضوء التي تستجيب في الأساس لثلاثة ألوان وهي الأحمر
والأخضر والأزرق ٬ ويتم معالجة هذه الطبقات بمواد كيميائية تعمل على
صباغتها ٬ وهذه بدورها تغطي الألوان بمعزل عن الألوان الثلاثة الرئيسية
لنحصل على الصورة السلبية .
كيف جاءت التسمية؟
خ لال القرن التاسع عشر ٬ ابتدع السير جون هيرشيل –عالم فلكي ومن أوائل
المصورين تعبير
التصوير الفوتوغرافي عام ٬ 1839 وهو عبارة عن تعبير مركب
من كلمتين باللغة اليونانية : ( فوتو ) وتعني الضوء و (غرافين ) وتعني الكتابة أو
الرسم ٬ أما تعبير (الكاميرا ) فقد اشتُق من العب ارة اللاتينية ( كاميرا أوبسيكيورا )
ومعناها "الغرفة المظلمة " التي ظهرت قبل التصوير الفوتوغرافي بمئات
السنين . كانت آلة التصوير التقليدية عبارة عن صندوق مظلم ينفذ إليها الضوء
عبر ثقب صغير في أحد جوانبه ليشكل صورة مقلوبة على الجانب المقابل ٬
وقد شاع استخدام هذا ا لأسلوب بين الفنانين والعلماء والمراقبين الفضوليين.

شكرا على المعلومات القيمه دكتور عصام بارك الله فيك