وبعدها خاضت الدبلوماسية المصرية حربها التى لاتقل جسارة عن قتال الجبهة
لتحرير سيناء ولم تيأس مصر أمام العناد الاسرائيلى حتى دفعت بالحكومة
الاسرائيلية لقبول الانسحاب المحدد سلفا فى 25 أبريل 1982 وكانت تلك
الفترة قد شهدت أصعب مفاوضات أجريت استغرقت ست سنوات من عام 73 إلى عام 79
وتم توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل والتى نصت على الانسحاب
الاسرائيلى الكامل من سيناء حتى الحدود الدولية .
وبعد إتمام عملية الانسحاب الإسرائيلى من سيناء على ثلاث مراحل تم تحرير
كل شبر من سيناء فيما عدا الشبر الأخير ممثلا فى مشكلة طابا التى أوجدتها
إسرائيل فى آخر أيام انسحابها من سيناء وقد استغرقت المعركة الدبلوماسية
لتحرير هذه البقعة سبع سنوات وانتهت باستردادها ورفع العلم المصرى عليها
فى 19 مارس 89 لتكتمل مسيرة النضال من أجل تحرير سيناء.
لقد كانت سيناء الساحة الرئيسية للصراع العربى - الإسرائيلى وبالتحديد
لأربع حروب متتالية بداية (1948 - 1956 - 1967 - 1973) إلا أن الدور الذى
لعبته سيناء اختلف من حرب إلى أخرى.
ففى الحرب العربية الاسرائيلية الأولى فى 15 مايو 1948 لم تكن أرض سيناء
سوى معبر لقوات الجيش المصرى نحو أرض فلسطين بعد يوم واحد من إعلان
الزعماء الإسرائيليين عن تأسيس دولتهم وفتح أراضيها أمام هجرة يهود العالم
من كل الدول.
وفى 29 اكتوبر 1956 كانت سيناء مسرحا للعدوان الثلاثى (البريطانى والفرنسى
والإسرائيلى) المشترك على الأراضى الفلسطينية عقب قرار الرئيس جمال عبد
الناصر بتأميم قناة السويس ، وكانت هذه الحرب فرصة أمام إسرائيل لاحتلال
قطاع غزة الذى كان خاضعا للسيادة المصرية .
وبعد توقف القتال بقرار من الأمم المتحدة اضطرت الدول الثلاث بعد أيام إلى
الرحيل من الأراضى المصرية فى سيناء لكن إسرائيل رفضت الانسحاب من قطاع
غزة حتى عام 1957 وذلك بعد أن وعدتها الولايات المتحدة بحل النزاع
والابقاء على مضيق تيران مفتوحا .
وكان قرار الرئيس جمال عبد الناصر بإغلاق مضيق تيران وخروج قوات الأمم
المتحدة من الأراضى المصرية من الأسباب التى اتخذتها إسرائيل مبررا لها
لشن حرب 1967، واستمر الاحتلال ست سنوات إلى أن عبر الجيش المصرى قناة
السويس 1973 ودمر خط بارليف وتم استرداد سيناء .
وما إن انتهت معركة التحرير حتى بدأت معركة التعمير والعمران ، وبرؤية
ثاقبة وتحرك سريع ، اهتم الرئيس حسنى مبارك بضرورة إعداد خطط متكاملة
لتعمير سيناء كجزء غال على الجميع فقد قرر مجلس الوزراء فى عام 1994 جعل
منطقة سيناء منطقة جذب سكانى من خلال خطة تنمية شاملة وأعيد صياغتها فى
عام 2000 لتضم محافظات القناة وذلك بمقتضى مشروع بلغت تكاليفه 6ر110 مليار
جنيه بما يسمى المشروع القومى لتنمية سيناء حتى عام 2017 لربطها بالوادى
والعالم الخارجى .
وخلال 27 عاما من حركة التعمير والتنمية، تم تشييد 4 شرايين عملاقة لربط
الوادى بسيناء وهى نفق الشهيد أحمد حمدى وكوبرى مبارك للسلام فوق قناة
السويس وكوبرى الفردان لعبور القطارات بين الفردان والعريش والشريان
الرابع هو ترعة السلام التى تعتمد على مياه النيل لرى واستصلاح نحو 500
ألف فدان.
كما تم تجديد شبكة خطوط السكك الحديديةالتى امتدت من القنطرة إلى رفح وتمت
توسعات كبرى فى مينائى نويبع والعريش كما تم إقامة العديد من الطرق
بإجمالى أطوال 1520 كيلو مترا وذلك لربط القرى والمدن ببعضها وأقيمت
العشرات من القرى والمشروعات السياحية فى الأماكن التاريخية فى سيناء
وتعددت المدارس والمستشفيات ومراكز الحدمات والانتاج فى شمال وجنوب سيناء
وتحولت أرض سيناء إلى مناطق لاجتذاب المستثمرين .
ويرى الخبراء أنه بالرغم من هذه الخطوات الايجابية التى تم انجازها فى مجال التنمية والتعمير فى سيناء فلا تزال تحتاج إلى جهد أكبر .
إن سيناء ، كما يقول المؤرخون ، تحمل فى إحشائها ذلك الكنز المدفون من
الثروات المعدنية التى حباها الله بها .. إنها ليست صندوقا من الرمال
وإنما هى ، وبالدرجة الأولى ، صندوق من الذهب الأسود الذى جعل منها إلى
جانب الميزات الأخرى نعمة كبرى لمصر .
منقووووول