أول أسيرة فلسطينية "فاطمة البرناوي"
تنتمي لحركة فتحقائدة
الشرطة الفلسطينية المتقاعدة العميد فاطمة البرناوي ولدت لاب من نيجيريا
ولأم أردنية غير أنها فلسطينية في القلب والروح والهوية عمرها النضالي
بعمر الثورة التي سلكت معها كافة دروب الالام والتضحيات حتى استقرت اليوم
في وطنها فلسطين. " فلسطين 48" زارتها في بيتها داخل مدينة غزة فحدثتنا عن
قصة حياتها الزاخرة بالاحداث وهي في الواقع قصة الثورة التي انتمت اليها
ونذرت حياتها من اجلها. وفاطمة سيدة افريقية الملامح في الستينات من عمرها
كانت قد ولدت في مدينة القدس التي وفد اليها والدها من نيجيريا برفقة
اقاربه لاداء فرائض دينية فاستهوت قلبه وبقي فيها حتى تعرف على والدتها
الاردنية وهو الاخر شارك في النضال الفلسطيني الى جانب المفتي امين
الحسيني. وتستذكر فاطمة التي تحمل جوازي سفر فلسطيني ونيجيري قصتها من
البداية حينما قصفت العصابات الصهيونية احياء القدس فنزحت طفلة صغيرة الى
الاردن برفقة والديها وسكنوا في المغاور بجوار مدينة عمان منوهة ان ذلك
زرع فيها الرغبة بمقاومة الاضطهاد الذي احست بها اثر تشريدها وقتذاك.
ولفتت فاطمة ان والدها كان يحدثها بأن الكثيرين من المهجرين في النكبة
فروا من بيوتهم حفاظا على عرض بناتهم واضافت مبتسمة" وقتها كان العرض لا
يقل عن العرض عند الناس". وما لبثت العائلة ان عادت واستقرت في القدس وشبت
فاطمة وما ان بلغت جيل الثامنة عشرة حتى التحقت بحركة " فتح" وشاركت في
تنفيذ عمليات فدائية حتى القي القبض عليها خلال عملية زرع عبوة ناسفة في
سينما صهيون في القدس الغربية عام 1967. وعن تلك العملية قالت انها دخلت
صالة السينما برفقة زميلين وخلال عرض الفلم تركت فاطمة حقيبتها الملغمة
وخرجت لكن صحفي امريكي كان هو الاخر في الصالة تنبه للحقيبة فقام بتسليمها
للمسؤولين الذين اكتشفوا امرها فتم اعتقال الخلية. وامضت فاطمة عشر سنوات
في السجن التقت خلالها بالمطران كبوتشي قبل ان يفرج عنها وابعادها في
11.11.1977 لكن فاطمة لم تتردد فالتحقت بكوادر المقاومة الفلسطينية في
لبنان حيث كان شقيقها محمد وهو الوحيد بين اربع بنات مقاتلا في صفوفها.
واشارت فاطمة انها شاركت وشقيقها في مقاومة الاجتياح الاسرائيلي للبنان
عام 1982 وفيما خرجت سالمة من الحرب فقد محمد ساقيه جراء قصف جوي.
وبسبب
كونها ممرضة في مهنتها اوكلت منظمة التحرير الى طبيب فلسطيني برفقة فاطمة
مهمة رعاية احد الجنود الاسرائيليين الذين وقعوا بالاسر واصيبوا بجراح ولم
تكن تعرف ان هذه هي بداية التعرف على من سيصبح زوجها وشريك حياتها ولو بعد
حين. ونوهت فاطمة الى ان ثمانية جنود من وحدة " الناحل" وقعوا بالاسر ستة
منهم بقوا برعاية حركة فتح فيما ظل اسيران لدى الجبهة الشعبية القيادة
العامة برئاسة احمد جبريل واضافت" كان الجنود بعد احتلال لبنان وانتهاء
المواجهات الكبيرة يلهون بلعب الاوراق حينما فاجأتهم دورية فلسطينية
بقيادة محمود العالول محافظ نابلس اليوم واخذتهم اسرى بدون مقاومة."
واشارت الى انه حينما كان المقاتلون الفلسطينيون يقتادون الجنود في البر
زل قدم احدهم وانطلقت رصاصة بالخطأ اصابت كتف احد الجنود يدعى ايلي بوحبوط
الذي شاركت لاحقا برعايته داخل بيت سري. وروت البرناوي ان بوحبوط مكث في
رعايتها طيلة ثلاثة شهور واضافت" قمت بمداواته وطمأنته والتحدث اليه
بالعبرية التي بت اجيدها بعد السجن الاسرائيلي بل هنئته بعيد ميلاده
العشرين. ورغم اصابة شقيقي البالغة جراء القصف الاسرائيلي لم اتردد في
تقديم العلاج للاسير انطلاقا من اخلاقنا وحرصا على من سيساعدنا في الافراج
عن اسرانا".
واوضحت العميد فاطمة البرناوي انها كانت تقول للجنود
الاسرى انها تواصل رعايتهم كما يجب حتى بعد مجازر صبرا وشاتيلا واضافت "
كان الاسرى يستمعون منا الى شروحات وافية حول عدالة قضية نضالنا وبعد صبرا
وشاتيلا كانوا يؤكدون انهم ليسوا من اليهود الذين ينتمي اليهم ارئيل شارون
وكان بوحبوط يقول انه لولا تعلقه بوالدته لفضل البقاء مع الفلسطينيين."
وفي
العام 1983 تمت تبادل الاسرى مع اسرائيل ضمن صفقة اطلق فيها المئات من
الاسرى الفلسطينيين منهم العميد فوزي النمر ابن مدينة عكا المحكوم
بالمؤبد. وكانت فاطمة قد عادت الى القطاع عام 1994 بعد اتفاقات اوسلو
وتولت منصب قيادة الشرطة النسائية الفلسطينية وكان الرئيس الراحل ياسر
عرفات يعتز بها ويعرف ضيوفه عليها والصور المثبتة في جدران بيتها توثق تلك
اللقاءات. وشاءت الاقدار ان تلتقي فاطمة بفوزي بعد عودتهما الى غزة عام
1994 ويرتبطا بعقد الزواج وعن ذلك تقول متوددة " بفضل الصفقة خرج الكثيرون
من اسرانا الى حريتهم ولم اكن اعلم انها ستكون صفقة مربحة الى هذا الحد
مثلما انني لم اكن اعرف ان حراستي على الاسير الاسرائيلي ستنتهي بي الى
فوزي.."
واستذكرت فاطمة انها اجتازت معبر اريحا في طريقها للاردن
فنجح احد الجنود الاسرائيليين بالتعرف عليها فخاطب زملائه بالعبرية
قائلا:" انظروا هذه مخربة" واضافت " عندها اجبته بالعبرية انا مناضلة من
اجل الحرية وانا من اعتنين بجنود وقعوا بالاسر عناية فائقة".
مؤخرا
شاركت فاطمة البرناوي في برنامج بثته القناة الاسرائيلية الثانية برفقة
لجندي بحبوط الذي بدا متاثرا وكرر شكره ها على رعايتها وعن ذلك تقول
فاطمة" شاركت بالبرنامج لسببين اولهما التاكيد على عدالة ثورتنا
الفلسطينية امام الاسرائيليين وعلى انني صاحبة حق وليست ارهابية وثانيهما
استغليت فرصة تسجيل ابرنامج في عكا لزيارة اهل زوجي هناك وتعويضهم عن
اللقاء به لمنعه من قبل السلطات الاسرائيلية من زيارة مسقط راسه. واشارت
فاطمة الى ان اللقاء كان مؤثرا لكليهما لافتة الى قوة المشاعر الانسانية
رغم ظروف العداوة. وفاطمة لا زالت تنتظر الحصول على شريط مسجل للقاء وكان
اعلامي عربي وعدها بالمساعدة.
وبعد نحو اربعين عاما من الخدمة في صفوف
" فتح" والسلطة الوطنية خرجت فاطمة للتقاعد بيد ان ذلك لم يمنعها من
التطوع في جمعية فلسطينية-لبنانية في المجال الاجتماعي.
وعن نتائج
انتخابات المجلس التشريعي اشارت فاطمة بلهجة واثقة ممزوجة بالاسى ان "
الزلازال" السياسي الذي اطاح ب"ام الثورة" لم يفاجئها لافتة الى وقوع
السلطة الوطنية باخطاء سياسية وادارية قاتلة طيلة عقد كامل واضافت " لا
تنسى ان اسرائيل ايضا كان لها دور جاد في هزيمة فتح من خلال تعثير خطوات
محمود عباس ابو مازن