سنا مصر
أهلاً بك زائرنا الكريم فى منتداك سنا مصر
لو كنت هاوى ... لو كنت غاوى .....لو كنت ناوى

تعالى .............شاركنا .......رسالتنا
عقل صافى ....قلب دافى....مجتمع راقى


سنا مصر
أهلاً بك زائرنا الكريم فى منتداك سنا مصر
لو كنت هاوى ... لو كنت غاوى .....لو كنت ناوى

تعالى .............شاركنا .......رسالتنا
عقل صافى ....قلب دافى....مجتمع راقى


سنا مصر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سنا مصر

منتدى اجتماعي ثقافي تعليمي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
ادارة المنتدى : ترجو كل مَن لديه مواد علمية أوتعليمية أن يشارك بها وله جزيل الشكر
مرحبا يا غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم 060111020601hjn4r686 ahmedomarmohamad غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم 060111020601hjn4r686 نشكر لك إنضمامك الى أسرة منتدى سنا مصر ونتمنى لك المتعة والفائدة
أستغفر الله استغفاراً أرقى به بفضل الله و رحمته إلى درجات الأوابين


 

 غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نوجا مصرية
 
 
avatar


انثى
عدد المساهمات : 1939
غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم 7aV76083
الدولة : مصر
النواية الحسنه
تاريخ التسجيل : 06/12/2010
مزاجى : غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم 665449037
المهنة : غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم Profes10

غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم Empty
مُساهمةموضوع: غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم   غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم I_icon10الخميس 21 أبريل - 16:23

معركة بدر الكبرى


مقدّمة



بعد أن استقرّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) في المدينة، بدأ يخطِّط
عسكرياً لضرب رأس المال الذي كانت قريش تعتمد عليه اعتماداً مباشراً في
تجارتها. ولتحقيق هذا الهدف خرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) ومعه
أصحابه للسيطرة على القافلة التجارية التي كان يقودها أبو سفيان، فعلم أبو
سفيان بخُطّة المسلمين فغيّر طريقه، وأرسل إلى مكّة يطلب النجدة من قريش،
فخرجت قريش لقتال رسول الله(صلى الله عليه وآله). تاريخ المعركة ومكانها


17 شهر رمضان 2ﻫ، منطقة بدر، وبدر اسم بئر كانت لرجل يدعى بدراً، تبعد (160) كيلو متراً عن المدينة المنوّرة.
عدد الجيش


خرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً،
ومعهم سبعون بعيراً، وفرسان أحدهما للزبير بن عوام والآخر للمقداد بن
الأسود. وخرجت قريش في تسعمائة وخمسين مقاتلاً، ومعهم سبعمائة بعير، ومائتي فرس.
استشارة الصحابة


استشار رسول الله(صلى الله عليه وآله) أصحابه في طلب قافلة أبي
سفيان ومحاربة قريش، فقام أبو بكر فقال: يا رسول الله، إنّها قريش
وخيلاؤها، ما آمنت منذ كفرت، ولا ذلّت منذ عزّت، ولم نخرج على هيئة الحرب،
فقال(صلى الله عليه وآله): «اجلس»، فجلس. ثمّ قام عمر بن الخطّاب فقال مثل ذلك، فقال(صلى الله عليه وآله): «اجلس»، فجلس.
ثمّ قام المقداد فقال: يا رسول الله، إنّها قريش وخيلاؤها، وقد
آمنا بك وصدقنا، وشهدنا أنّ ما جئت به حقّ، والله لو أمرتنا أن نخوض جمر
الغضا وشوك الهراس لخضناه معك والله، لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل
لموسى: )فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنّا هَاهُنَا
قَاعِدُونَ(، ولكنّا نقول: امض لأمر ربّك فإنّا معك مقاتلون، فجزاه رسول
الله(صلى الله عليه وآله) خيراً على قوله ذاك. وقام سعد بن معاذ ـ وهو من الأنصار ـ فقال: بأبي أنت وأُمّي يا
رسول الله، إنّا قد آمنا بك وصدّقناك، وشهدنا أنّ ما جئت به حقّ من عند
الله، فمرنا بما شئت، وخذ من أموالنا ما شئت واترك منها ما شئت، والله لو
أمرتنا ان نخوض هذا البحر لخضناه معك، ولعلّ الله عزّ وجلّ أن يريك منّا
ما تقرّ به عينك، فسر بنا على بركة الله. ففرح بذلك رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقال: «سيروا على بركة
الله، فإنّ الله عزّ وجلّ قد وعدني إحدى الطائفتين، ولن يخلف الله وعده،
والله كأنّي أنظر إلى مصرع أبي جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن
ربيعة، وفلان وفلان»(1). سلام الملائكة على الإمام علي(عليه السلام)


قال الإمام علي(عليه السلام): «لمّا كانت ليلة بدر، قال رسول
الله(صلى الله عليه وآله): من يستقي لنا من الماء؟ فأحجم الناس، قال: فقمت
فاحتضنت قربة، ثمّ أتيت قليباً بعيد القعر مظلماً، فانحدرت فيه، فأوحى
الله إلى جبرائيل وميكائيل وإسرافيل تأهبّوا لنصرة محمّد(صلى الله عليه
وآله) وحزبه، فهبطوا من السماء لهم دوي يذهل من يسمعه، فلمّا حاذوا القليب
وقفوا وسلّموا عليّ من عند آخرهم، إكراماً وتبجيلاً وتعظيماً»(2). وعن محمّد بن الحنفية قال: بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله)
علياً في غزوة بدر أن يأتيه بالماء، حين سكت أصحابه عن إيراده، فلمّا أتى
القليب وملأ القربة وأخرجها، جاءت ريح فهراقته، ثمّ عاد إلى القليب
فملأها، فجاءت ريح فهراقته، وهكذا في الثالثة، فلمّا كانت الرابعة ملاها
فأتى بها النبي(صلى الله عليه وآله) وأخبره بخبره. فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «أمّا الريح الأُولى
فجبرائيل في ألف من الملائكة سلّموا عليك، والريح الثانية ميكائيل في ألف
من الملائكة سلّموا عليك، والريح الثالثة إسرافيل في ألف من الملائكة
سلّموا عليك»(3). قال السيّد الحميري بهذه المناسبة:

وسلّم جبريل وميكال ليلة ** عليه وحيّاه إسرافيل معربا

أحاطوا به في روعة جاء يستقي ** وكان على ألف بها قد تحزّبا

ثلاثة آلاف ملائك سلّموا ** عليه فأدناهم وحيّا ورحّبا(4).
وقال أيضاً:

ذاك الذي سلّم في ليلة ** عليه ميكال وجبريل

ميكال في ألف وجبريل في ** ألف ويتلوهم سرافيل

ليلة بدر مدداً أنزلوا ** كأنّهم طير أبابيل

فسلّموا لمّا أتوا حذوه ** وذاك إعظام وتبجيل(5).
العناية الإلهية


قد تجلّت العناية الإلهية بالنبي(صلى الله عليه وآله) وأصحابه منذ
ليلة المعركة، إذ بعث الله المطر الغزير، والمسلمون يغشاهم النعاس. وأرسل النبي(صلى الله عليه وآله) عمّار بن ياسر وعبد الله بن
مسعود سِرّاً لاستطلاع أحوال جيش العدو، فَطَافا في معسكرهم، ثمّ رَجعا
فأخبَرا بأنّهم مذعورون فزعون، وذلك قوله تعالى: )إِذْ يُغَشِّيكُمُ
النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السّمَاء مَاء
لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ
عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ
إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الّذِينَ آمَنُواْ
سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الّذِينَ كَفَرُواْ الرّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ
الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلّ بَنَانٍ((6). بدء المعركة


لمّا أصبح رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوم بدر، عبّأ أصحابه
ودفع(صلى الله عليه وآله) الراية إلى الإمام علي(عليه السلام)، ولواء
المهاجرين إلى مصعب بن عمير، ولواء الخزرج إلى الحبّاب بن المنذر، ولواء
الأوس إلى سعد بن معاذ، وقال(صلى الله عليه وآله): «اللّهمّ أنجز لي ما
وعدتني، اللّهمّ إنْ تُهلِكَ هَذه العصَابَة لا تُعبَد في الأرض»(7). وخرج عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة والوليد بن شيبة، إلى ساحة
المعركة وقال: يا محمّد، أخرج إلينا أكفّاءنا من قريش، فبرز إليهم ثلاثة
نفر من الأنصار وانتسبوا لهم، فقالوا: ارجعوا إنّما نريد الأكفّاء من
قريش، فنظر رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى عبيدة بن الحارث بن عبد
المطّلب ـ وكان له يومئذٍ سبعون سنة ـ فقال: «قم يا عبيدة»، ونظر إلى حمزة
فقال: «قم يا عمّ»، ثمّ نظر إلى الإمام علي(عليه السلام) فقال: «قم يا علي
ـ وكان أصغر القوم ـ فاطلبوا بحقّكم الذي جعله الله لكم، فقد جاءت قريش
بخيلائها وفخرها تريد أن تطفئ نور الله، ويأبى الله إلّا أن يتمّ نوره». ثمّ قال: «يا عبيدة عليك بعتبة بن ربيعة»، وقال لحمزة: «عليك بشيبة»، وقال لعلي(عليه السلام): «عليك بالوليد».
فمروا حتّى انتهوا إلى القوم فقالوا: أكفّاء كرام، فحمل عبيدة على
عتبة فضربه على رأسه ضربة فلقت هامته، وضرب عتبة عبيدة على ساقه فأطنّها
فسقطا جميعاً، وحمل شيبة على حمزة فتضاربا بالسيفين حتّى انثلما. وحمل الإمام علي(عليه السلام) على الوليد فضربه على حبل عاتقه،
فأخرج السيف من إبطه، قال(عليه السلام): «لقد أخذ الوليد يمينه بيساره
فضرب بها هامتي، فظننت أنّ السماء وقعت على الأرض»، ثمّ ضربه(عليه السلام)
ضربةً أُخرى فقتله. ثمّ اعتنقا حمزة وشيبة، فقال المسلمون: يا علي أما ترى أنّ الكلب
قد نهز عمّك؟ فحمل عليه الإمام علي(عليه السلام) ثمّ قال: «يا عم طأطأ
رأسك»، وكان حمزة أطول من شيبة، فأدخل حمزة رأسه في صدره فضربه علي(عليه
السلام) فطرح نصفه، ثمّ جاء إلى عتبة وبه رمق، فأجهز عليه(8). وبرز حنظلة بن أبي سفيان إلى علي(عليه السلام)، فلمّا دنا منه
ضربه علي(عليه السلام) ضربة بالسيف فسالت عيناه ولزم الأرض، وأقبل العاص
بن سعيد بن العاص يبحث للقتال، فلقيه(عليه السلام) فقتله. لا سيف إلّا ذو الفقار


قال الإمام الباقر(عليه السلام): «نادى مُنادٍ في السماء يوم بدر يقال له رضوان: لا سيف إلّا ذو الفقار، ولا فتى إلّا علي»(9).
وفي رواية أُخرى عن ابن عباس: كان لرسول الله(صلى الله عليه وآله)
سيف محلّى، قائمه من فضّة، ونعله من فضّة، وفيه حلق من فضّة، وكان يسمّى
ذا الفقار(10). تخيير الصحابة


أُسر من قريش في معركة بدر سبعين رجلاً، فاستشار رسول الله(صلى
الله عليه وآله) أصحابه فيهم، فغلظ عليهم عمر غلظة شديدة، فقال: يا رسول
الله أطعني فيما أشير به عليك! قدّم عمّك العباس واضرب عنقه بيدك، وقدّم
عقيلاً إلى أخيه علي يضرب عنقه، وقدّم كلّ أسير إلى أقرب الناس إليه
يقتله. فكره رسول الله(صلى الله عليه وآله) ذلك ولم يعجبه، كأنّه كره
تسليم كلّ أسير إلى الأقرب إليه لما فيه من الجفاء. ورغب المسلمون في فداء الأسرى دون قتلهم؛ ليتقوّوا بالمال، فقبل
رسول الله(صلى الله عليه وآله) الفداء أكثره أربعة آلاف درهم وأقله ألف،
وأطلق رسول الله(صلى الله عليه وآله) جماعة بغير فداء، فنزلت الآية
الكريمة: )مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حتّى يُثْخِنَ
فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ
وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسّكُمْ
فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ فَكُلُواْ مِمّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً
طَيِّبًا وَاتّقُواْ اللهَ إِنّ اللهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ((11)،(12). وعن الإمام علي(عليه السلام): «إنّ جبرائيل(عليه السلام) هبط على
النبي(صلى الله عليه وآله)، فقال له: خيّرهم ـ يعني أصحابه ـ في الأسرى،
إن شاؤوا القتل، وإن شاؤوا الفداء، على أن يقتل العام المقبل منهم عدّتهم،
قالوا: الفداء، ويقتل منّا عدّتهم»(13). فأُسر يومئذٍ العباس بن عبد المطّلب، وعقيل بن أبي طالب، ونوفل
بن الحارث بن المطّلب، وحليف لبني هاشم اسمه عقبة بن عمرو، فلمّا أمسى
القوم والأسرى محبوسون في الوثاق، بات رسول الله(صلى الله عليه وآله) تلك
الليلة ساهراً، فقال له أصحابه: ما لك لا تنام يا رسول الله؟ قال: «سمعت
أنين العباس من وثاقه»، فقاموا إليه فأطلقوه فنام رسول الله(صلى الله عليه
وآله)(14). ولمّا قدم بالأسرى إلى المدينة، قال رسول الله(صلى الله عليه
وآله) للعباس: «افدِ نفسك يا عباس، وابني أخويك عقيلاً ونوفلاً، وحليفك
عتبة بن عمرو، وأخي بني حارث بن فهر، فإنّك ذو مال»، فقال: يا رسول الله،
إنّي كنت مسلماً، وإنّ القوم استكرهوني، فقال(صلى الله عليه وآله): «الله
أعلم بإسلامك، إن يكن حقّاً فإنّ الله يجزيك به، فأمّا ظاهر أمرك فقد كان
علينا»(15)، ثمّ فدى نفسه وابني أخويه وحليفه. شهداء بدر


استشهد من المسلمين يوم بدر أربعة عشر رجلاً، من المهاجرين: عبيدة
بن الحارث بن عبد المطلّب، وذو الشمالين عمرو بن نضلة حليف بني زهرة،
ومهجع مولى عمر، وعمير بن أبي وقّاص، وصفوان بن أبي البيضاء. ومن الأنصار: عاقل بن أبي البكير، وسعد بن خيثمّة، ومبشر بن
المنذر، وحارثة بن سراقة، وعوذ ومعوذ أبنا عفراء، وعمير بن الحمام، ورافع
بن المعلى، ويزيد بن الحارث بن فسحم. قتلى المشركين


قُتل من المشركين في معركة بدر اثنان وخمسون رجلاً، قتل الإمام علي(عليه السلام) منهم مع الذين شرك في قتلهم أربعة وعشرين رجلاً.
وأمر رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالقتلى، فطُرحوا كلّهم في
قليب بدر، وكأنّه فعل ذلك لئلاّ تتأذّى الناس بروائحهم، إلّا أُميّة بن
خلف، كان قد انتفخ وتزايل لحمه فترك، والقوا عليه التراب والحجارة. ثمّ وقف(صلى الله عليه وآله) على أهل القليب، فناداهم رجلاً
رجلاً: «يا عتبة بن ربيعة، ويا شيبة بن ربيعة، ويا أُميّة بن خلف، ويا أبا
جهل بن هشام، هل وجدتم ما وعدكم ربّكم حقاً فإنّي وجدت ما وعدني ربّي
حقاً، بئس القوم كنتم لنبيّكم، كذبتموني وصدّقني الناس، وأخرجتموني وآواني
الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس». فقالوا: يا رسول الله، أتنادي قوماً قد ماتوا؟ فقال: «لقد علموا إنّ ما وعدهم ربّهم حقّ»(16).
قال حسّان بن ثابت بهذه المناسبة:

يناديهم رسول الله لمّا ** قذفناهم كباكب في القليب

ألم تجدوا حديثي كان حقّاً ** وأمر الله يأخذ بالقلوب

فما نطقوا ولو نطقوا لقالوا ** صدقت وكنت ذا رأي مصيب(17).
وهكذا حقّق الله عزّ وجلّ النصر للمسلمين، واندحرت قريش وتشتّت
جيشها، وفقدت هيبتها وسُمعتها، كما تحقّقت للمسلمين في هذه المعركة مكاسب
مالية وعسكرية وعقائدية وإعلامية، ساهمت في خدمة الإسلام وتثبيت أركانه،
وأوجدت منعطفاً كبيراً في مجمل الأحداث في الجزيرة العربية. ــــــــــــــــــــــــــــ
1. تفسير مجمع البيان 4/433.
2. شرح إحقاق الحق 6/91.
3. مناقب آل أبي طالب 2/80.
4. مدينة المعاجز 1/94.
5. الأمالي للطوسي: 199.
6. الأنفال: 11ـ12.
7. تفسير مجمع البيان 4/437.
8. المصدر السابق 4/440.
9. تاريخ مدينة دمشق 42/71.
10. بحار الأنوار 16/127، الجامع الصغير 2/356.
11. الأنفال 67ـ69.
12. أعيان الشيعة 1/250.
13. صحيح ابن حبّان 11/118، موارد الظمآن 5/312.
14. شرح نهج البلاغة 14/182.
15. إعلام الورى بأعلام الهدى 1/169.
16. شرح نهج البلاغة 14/178.
17. البداية والنهاية 3/359.
معركة أُحد وشهادة حمزة(رضي الله عنه)


مكان المعركة



أُحُد: جبل يبعد عن المدينة المنوّرة ميلين أو ثلاثة بجهة مكّة المكرّمة، حصلت فيه المعركة.
تاريخ المعركة


15 شوال 3ﻫ، وقيل: 17 شوال 3ﻫ.
الهدف من المعركة


قال الإمام الصادق(عليه السلام): «كان سبب غزاة أُحد أنّ قريشاً
لمّا رجعت من بدر إلى مكّة، وقد أصابهم ما أصابهم من القتل والأسر؛ لأنّهم
قُتل منهم سبعون، وأُسر سبعون، قال أبو سفيان: يا معشر قريش! لا تدعوا
نساءكم يبكين على قتلاكم، فإنّ الدمعة إذا خرجت أذهبت بالحزن والعداوة
لمحمّد، فلمّا غزوا رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوم أُحد، أذنوا
لنسائهم بالبكاء والنوح، وخرجوا من مكّة في ثلاثة آلاف فارس وألفي راجل،
واخرجوا معهم النساء، فلمّا بلغ رسول الله(صلى الله عليه وآله) ذلك جمع
أصحابه وحثّهم على الجهاد...»(1). العُدّة والعدد


خرجت قريش بثلاثة آلاف رجل يقودهم أبو سفيان بن حرب، معهم مائتا
فرس قد جنبوها، وثلاثة آلاف بعير، وفيهم سبعمائة دارع، والظعن خمس عشرة
امرأة، وخرجوا بعدّة وسلاح كثير. وخرج النبي(صلى الله عليه وآله) في ألف مقاتل من المسلمين، وفي
الطريق انعزل عبد الله بن أُبي بن سلول ومن معه من أهل النفاق، وهم
ثلثمائة رجل، فبقي رسول الله(صلى الله عليه وآله) في سبعمائة مقاتل، فيهم
مائة دارع ومعهم فرسان، فرس لرسول الله(صلى الله عليه وآله) وفرس لأبي
بردة بن نبار. الجيش الإسلامي


عبّأ رسول الله(صلى الله عليه وآله) أصحابه وسَوّى الصفوف، وعقد
ثلاثة ألوية؛ لواء المهاجرين بيد أمير المؤمنين(عليه السلام)، ولواء الأوس
بيد أسيد بن حضير، ولواء الخزرج بيد الحباب بن المنذر، وقيل بيد سعد بن
عبادة. ثمّ وضع(صلى الله عليه وآله) خمسين رجلاً من الرماة بقيادة عبد
الله بن جبير خلف الجيش على حافة الجبل، وأوصاهم بالثبات وعدم ترك
أماكنهم، وأكّد على ذلك، حتّى روي أنّه(صلى الله عليه وآله) أوصاهم بأن
يلزموا مراكزهم ولا يتركوها حتّى في حالة النصر أو الهزيمة. بدء المعركة


نشبت الحرب بين الجانبين، فصاح طلحة بن أبي طلحة العبدري، وهو صاحب
لواء المشركين: يا محمّد، تزعمون أنّكم تجهزوننا بأسيافكم إلى النار،
ونجهزكم بأسيافنا إلى الجنّة، فمن شاء أن يلحق بجنّته فليبرز إليَّ؟ فبرز إليه الإمام علي(عليه السلام)، فبدره بضربة على رأسه فقتله،
ثمّ تقدّم بلواء المشركين أخوه، والنساء خلفه يحرِّضن ويضرِبْن بالدفوف،
فتقدّم نحوه حمزة ـ عمّ النبي(صلى الله عليه وآله) ـ وضربه ضربة واحدة
وصلت إلى رئته فمات. وعن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «كان أصحاب اللواء يوم أُحد تسعة، قتلهم علي(عليه السلام) عن آخرهم»(2).
قال الواقدي: «لقد قُتل أصحاب اللواء وانكشف المشركون منهم لا يلوون، ونساؤهم يدعين بالويل بعد ضرب الدفاف والفرح»(3).
انهزام جيش العدو


قال الواقدي: «ولمّا انهزم المشركون تبعهم المسلمون يضعون السلاح
فيهم حيث شاؤوا، حتّى أخرجوهم من المعسكر، ووقعوا ينتهبونه ويأخذون ما فيه
من الغنائم. فلمّا رآهم الرماة قال بعضهم لبعض: لمَ تقيمون ها هنا في غير
شيء، قد هزم الله العدو، وهؤلاء إخوانكم ينتهبون عسكرهم، فادخلوا عسكر
المشركين فاغنموا معهم. فقال بعضهم: ألم تعلموا أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال
لكم: "احمُوا ظُهُورَنا، وإنْ غَنِمْنا فلا تشرِكُونا"؟ فقال الآخرون: لم
يرد رسول الله هذا»(4). هجوم خالد بن الوليد على الجيش الإسلامي


ذهب الرماة الذين أوصاهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) بعدم ترك
أماكنهم إلى معسكر المشركين يجمعون الغنائم، وتركوا أماكنهم على الجبل،
ولمّا نظر خالد بن الوليد إلى خلوّ أماكنهم كرّ بالخيل إلى موضع الرماة،
وحمل عليهم، فانهزم الناس وفرّوا. في قلب المعركة


عندما وجد المشركون خيلهم تقاتل رجعوا من هزيمتهم، وكرُّوا على
المسلمين من أمامهم وهم مشغولون بجمع الغنائم، فأصبح المسلمون وسط الحلقة،
وانتقضت سيوفهم، وأخذ يضرب بعضهم بعضاً من العجلة والدهشة!! فتفرّق أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله) عنه، وأخذ المشركون يحملون عليه يريدون قتله.
وعن زيد بن وهب قال: «قلت لابن مسعود: انهزم الناس عن رسول
الله(صلى الله عليه وآله) حتّى لم يبق معه إلّا علي بن أبي طالب(عليه
السلام)، وأبو دجانة، وسهل بن حنيف؟ قال: انهزم الناس إلّا علي بن أبي طالب(عليه السلام) وحده، وثاب
إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) نفر، وكان أوّلهم عاصم بن ثابت وأبو
دجانة وسهل بن حنيف، ولحقهم طلحة بن عبيد الله. فقلت له: وأين كان أبو بكر
وعمر؟ قال: كانا ممّن تنحّى، قال: وأين عثمان؟ قال: جاء بعد ثلاثة من
الوقعة، فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): "لقد ذهبت فيها
عريضة"؟(5). وقال ابن الأثير: «وقاتل رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوم أُحد
قتالاً شديداً، فرمى بالنبل حتّى فني نبله، وانكسرت سية قوسه، وانقطع
وتره»(6). قال أبو سعيد الخدري: «لمّا كان يوم أُحد شُجّ النبي(صلى الله
عليه وآله) في وجهه، وكُسرت رباعيته، فقام(عليه السلام) رافعاً يديه يقول:
"إنّ الله اشتدّ غضبه على اليهود أن قالوا: عُزير بن الله، واشتدّ غضبه
على النصارى أن قالوا: المسيح بن الله، وإنّ الله اشتدّ غضبه على من أراق
دمي وآذاني في عترتي"»(7). منقبة للإمام علي(عليه السلام)


عن أبي رافع قال: «لمّا كان يوم أُحد نظر النبي(صلى الله عليه
وآله) إلى نفر من قريش، فقال لعلي: "احمل عليهم"، فحمل عليهم فقتل هاشم بن
أُميّة المخزومي وفرّق جماعتهم فقتل فلاناً الجمحي، ثمّ نظر(صلى الله عليه
وآله) إلى نفرٍ من قريش، فقال لعلي: "احمل"، فحمل عليهم ففرّق جماعتهم
وقتل فلاناً الجمحي، ثمّ نظر إلى نفر من قريش، فقال لعلي: "احمل عليهم"،
فحمل عليهم ففرّق جماعتهم وقتل أحد بني عامر بن لؤي، فقال له جبرائيل(عليه
السلام): "إنّ هذه المواساة"، فقال النبي(صلى الله عليه وآله): "إنّه منّي
وأنا منه"، فقال له جبرائيل: "وأنا منكم يا رسول الله"»(8). شهادة حمزة(رضي الله عنه)


كانت هند بنت عتبة ـ زوجة أبي سفيان ـ قد أعطت وحشياً عهداً لئن قتلت محمّداً أو علياً أو حمزة، لأعطينّك كذا وكذا.
فقال وحشي: أمّا محمّد فلم أقدر عليه، وأمّا علي فرأيته حذراً كثير
الالتفات فلا مطمع فيه، فكمنت لحمزة فرأيته يهدّ الناس بسيفه، ما يلقي
أحداً يمرُّ به إلّا قتله، فهززت حربتي فرميتُه، فوقعت في أربيته ـ أصل
الفخذ ـ، حتّى خرجت من بين رجليه فوقع، فأمهلته حتّى مات، وأخذت حربتي
وانهزمت من المعسكر(9). وروي أنّ هند وقعت على القتلى، ولمّا وصلت إلى حمزة بقرت كبده
فلاكته، فلم تستطع أن تسيغه فلفِظَته، ثمّ قطعت أنفه وأُذنيه، وجعلت ذلك
كالسوار في يديها وقلائد في عنقها. وبعد انتهاء المعركة، أبصر رسول الله(صلى الله عليه وآله) عمّه
حمزة وقد مُثّل به، فقال(صلى الله عليه وآله): «ما وقفت موقفاً قطّ أغيظ
إليَّ من هذا الموقف»(10)، ثمّ وضعه إلى القبلة وصلّى عليه وبكى. وكان(صلى الله عليه وآله) يقول: «يا عمّ رسول الله، وأسد الله،
وأسد رسول الله، يا حمزة، يا فاعل الخيرات، يا حمزة، يا كاشف الكربات، يا
حمزة، يا ذابّ يا مانع عن وجه رسول الله»(11). قال ابن الأثير: «ومرّ(صلى الله عليه وآله) بدار من دور الأنصار
فسمع البكاء والنوائح، فذرفت عيناه بالبكاء، وقال: "لكن حمزة لا بواكي
له"، فرجع سعد بن معاذ إلى دار بني عبد الأشهل فأمر نساءهم أن يذهبن
فيبكين على حمزة»(12). بعد المعركة


بعد انصراف جيش المشركين بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله) الإمام
علي(عليه السلام) وقال له: «اُخرج في آثار القوم فانظر ماذا يصنعون، فإن
كانوا قد اجتنبوا الخيل وامتطوا الإبل، فإنّهم يريدون مكّة، وإن ركبوا
الخيل وساقوا الإبل، فهم يُريدون المدينة، فوالله لئن أرادوها لأسيرنّ
إليهم فيها، ثمّ لأُناجزنّهم». فقال الإمام علي(عليه السلام): «فخرجتُ في آثارهم، فرأيتهم امتطوا الإبل واجتنبوا الخيل»(13).
شهداء المسلمين


لقد سقط سبعون شهيداً في المعركة، منهم: حمزة بن عبد المطّلب، عبد
الله بن جحش، مصعب بن عمير، شماس بن عثمان، وهؤلاء الأربعة هم الشهداء من
المهاجرين. وعمرو بن معاذ بن النعمان، الحارث بن أنس بن رافع، عمارة بن زياد
بن السكن، سلمة بن ثابت بن وقش، عمرو بن ثابت بن وقش، ثابت بن وقش، حنظلة
بن أبي عامر ـ وهو غسيل الملائكة ـ، عبد الله بن جبير بن النعمان ـ وهو
أمير الرماة ـ، أوس بن ثابت بن المنذر أخو حسّان بن ثابت، أنس بن النضر ـ
عمّ أنس بن مالك خادم رسول الله(صلى الله عليه وآله)، سهل بن قيس بن أبي
كعب. الرجوع إلى المدينة


بعد أن عاد رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأصحابه إلى المدينة،
استقبلته فاطمة الزهراء(عليها السلام) ومعها إناء فيه ماء، فغسل وجهه،
ولحقه الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) وقد خضّب الدم يده إلى كتفه،
ومعه سيفه ذو الفقار، فناوله فاطمة وقال(عليه السلام) لها: «خُذي هذا
السيف، فقد صدّقني». وقال لها الرسول(صلى الله عليه وآله): «خُذيه يا فاطمة، فقد أدّى بَعلُك ما عليه، وقد قتل اللهُ بسيفه صناديد قُريش»(14).
ــــــــــــــــــــــــ
1. تفسير مجمع البيان 2/376.
2. الإرشاد 1/88.
3. شرح نهج البلاغة 14/239.
4. أعيان الشيعة 1/257.
5. الإرشاد 1/83.
6. الكامل في التاريخ 2/157.
7. الأمالي للطوسي: 142.
8. تاريخ مدينة دمشق 42/76.
9. اُنظر: أعيان الشيعة 1/257.
10. شرح نهج البلاغة 15/16.
11. السيرة الحلبية 2/534.
12. الكامل في التاريخ 2/163.
13. أعيان الشيعة 1/258.
14. الإرشاد 1/90.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نوجا مصرية
 
 
avatar


انثى
عدد المساهمات : 1939
غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم 7aV76083
الدولة : مصر
النواية الحسنه
تاريخ التسجيل : 06/12/2010
مزاجى : غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم 665449037
المهنة : غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم Profes10

غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم   غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم I_icon10الخميس 21 أبريل - 16:24

غزوة الخندق أو الأحزاب


مقدّمة


لمّا نقضت بنو قريظة صلحها مع رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وانضمّت إلى صفوف المشركين، تغيّر ميزان القوى لصالح أعداء الإسلام.
فتحزّبت قريش والقبائل الأُخرى، ومعهم اليهود على رسول الله(صلى
الله عليه وآله) وعلى المسلمين، وكان يقود الأحزاب أبو سفيان، فقاموا
بتطويق المدينة بعشرة آلاف مقاتل، ممّا أدّى إلى انتشار الرُعب بين صفوف
المسلمين، وتزلزلت نفوسهم، وظنّوا بالله الظنونا، كما قال الله تعالى:
)إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ
الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ
الظُّنُونَا((1). حفر الخندق


استشار رسول الله(صلى الله عليه وآله) أصحابه في معالجة الهجوم
المتوقّع من قبل العدو على المدينة المنوّرة، فأجمع رأيهم على البقاء في
المدينة ومحاربة القوم أن جاؤوا إليهم، كما توصّلوا إلى حفر خندق يحصّن
المسلمين من أعدائهم. فبدؤوا بحفر الخندق حول المدينة باتّجاه العدو، وخرج النبي(صلى
الله عليه وآله) مع المسلمين ليشاركهم في حفر هذا الخندق وتقسيم العمل
بينهم، وكان يحثّهم ويقول: «لا عيش إلّا عيش الآخرة، فاغفر للمهاجرين
الأنصار»(2). عدّة الجيشيين


قد اختلفت كلمات المؤرّخين في عدد الجيش الإسلامي الذي واجه
الأحزاب في حرب الخندق، فقد ذهب أكثر المؤرّخين: إلى أنّهم كانوا ثلاثة
آلاف أو نحوها، ولكن الصحيح أنّهم سبعمائة شخص أو أقلّ من ألف. واختلفت كذلك كلمات المؤرّخين في عدد المشركين: فقد قال
المسعودي: فكان عدّة الجمع أربعة وعشرين ألفاً، وقال ابن شهر آشوب: كانوا
ثمانية عشر ألف رجل، وقال ابن الربيع: كانوا أحد عشر ألفاً، والظاهر كان
عددهم عشرة آلاف نفر، وهم الأحزاب، وكانوا ثلاثة عساكر، ورئيس الكلّ أبو
سفيان(3). مبارزة الإمام علي(عليه السلام) لعمرو بن عبد ودّ


تمكّنت مجموعة من العدو من عبور الخندق، وكان من بينهم عمرو بن عبد
ودٍّ، فراح يصول ويجول، ويتوعّد ويتفاخر ببطولته، وينادي: هل من مبارز؟
فلم يجبه أحد، حتّى قال:
ولقد بححت من النداء ** بجمعكم هل من مبارز

ووقفت إذ جبن الشجاع ** بموقف البطل المناجز

إنّي كذلك لم أزل ** متسرّعاً نحو الهزاهز

إنّ الشجاعة والسماحة ** في الفتى خير الغرائز(4).
فقام الإمام علي(عليه السلام) وقال: «أنا له يا رسول الله»!
فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): «اجلس، إنّه عمرو».
فقال الإمام علي(عليه السلام): «وإن كان عمرواً».
فعند ذلك أذن(صلى الله عليه وآله) له، وأعطاه سيفه ذا الفقار، وألبسه درعه، وعمّمه بعمامته.
ثمّ قال(صلى الله عليه وآله): «إلهي أخذت عبيدة منّي يوم بدر،
وحمزة يوم أُحد، وهذا أخي وابن عمّي، فلا تَذَرني فرداً وأنت خير
الوارثين». وقال(صلى الله عليه وآله) أيضاً: «برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه»(5).
ومضى الإمام علي(عليه السلام) إلى الميدان، وهو يقول:

لا تعجلنّ فقد أتاك ** مجيب صوتك غير عاجز

ذو نية وبصيرة ** والصبر منجي كلّ فائز

إنّي لأرجو أن أقيم ** عليك نائحة الجنائز

من ضربةٍ نجلاء يبقى ** ذكرها عند الهزاهز(6).
فتقدّم(عليه السلام) وكلّه ثقة بالله ونصره له، وخاطب ابن عبد ودٍّ
بقوله: «يا عمرو، إنّك كنت تقول: لا يدعوني أحد إلى واحدة من ثلاث إلّا
قبلتها». قال عمرو: أجل.
فقال الإمام علي(عليه السلام): «فانّي أدعوك أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأنّ محمّداً رسول الله، وتسلّم لربّ العالمين».
فقال: يابن أخي، أخّر عنّي هذه.
فقال له: «أما أنّها خير لك لو أخذتها».
ثمّ قال(عليه السلام): «وأُخرى ترجع إلى بلادك، فإن يك محمّد صادقاً كنت أسعد الناس به، وإن يك كاذباً كان الذي تريد».
قال: هذا ما لا تتحدّث به نساء قريش أبداً.
ثمّ قال(عليه السلام): «فالثالثة، أدعوكَ إلى البراز».
فقال عمرو: إنّ هذه الخصلة ما كنت أظنّ أنّ أحداً من العرب يرومني
عليها، ولم يابن أخي؟ إنّي لأكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك، وقد كان أبوك
لي نديماً. فردّ الإمام علي(عليه السلام) عليه قائلاً: «لكنِّي والله أُحبّ أن أقتلكَ».
فغضب عمرو، فقال له علي(عليه السلام): «كيف أقاتلك وأنت فارس، ولكن انزل معي».
فاقتحم عن فرسه فعقره، وسل سيفه كأنّه شعلة نار، وأقبل على الإمام
علي(عليه السلام)، فصدّه برباطة جأش، وأرداه قتيلاً، فعلا التكبير
والتهليل في صفوف المسلمين. ولمّا قتل علي بن أبي طالب(عليه السلام) عمرواً أقبل نحو رسول
الله(صلى الله عليه وآله) ووجهه يتهلّل، فقال له عمر بن الخطّاب: هلا
سلبته يا علي درعه، فإنّه ليس في العرب درع مثلها؟ فقال(عليه السلام): «إنّي استحييت أن أكشف سوأت ابن عمّي».
وقال(عليه السلام) أبياتاً في قتل عمرو، منها:

نَصَرَ الحجارة من سفاهة رأيه ** ونصرتُ دين محمّدٍ بضرابِ

فصددت حين تركته متجندلاً ** كالجذع بين دكادكٍ وروابي

وعففت عن أثوابه ولو إنّني ** كنت المقطّر بزّني أثوابي

لا تحسبنّ الله خاذل دينه ** ونبيّه يا معشر الأحزابِ(7).
ولمّا عاد الإمام(عليه السلام) ظافراً، استقبله رسول الله(صلى الله
عليه وآله) وهو يقول: «لَمُبَارَزَة عليٍّ بن أبي طالب لِعَمرو بن عبد
ودٍّ أفضلُ من عَمل أُمّتي إلى يوم القيامة»(8). وفي رواية: «ضربة علي يوم الخندق أفضل من أعمال أُمّتي إلى يوم القيامة»(9).
قال السروجي بالمناسبة:

ويوم عمرو العامري إذ أتى ** في عسكر ملا الفضاء قد انتشر

فكان من خوف اللعين قبل ذاك ** محمّد لخندقٍ قد احتفر

نادى بصوتٍ قد علا من جهله ** يدعو علياً للبراز فابتدر

إليه شخص في الوغى عاداته ** سفك دم الأقران بالعضب الذكر

فعندها قال النبي معلناً ** والدمع في خدٍّ كأمثال الدرر

هذا هو الإسلام كلّ بارز ** إلى جميع الشرك يا من قد حضر(10).
فلولا الموقف البطولي للإمام(عليه السلام)، لاقتحم جيش المشركين
المدينة على المسلمين بذلك العدد الهائل، وهكذا كانت بطولة الإمام
علي(عليه السلام) في غزوة الخندق (الأحزاب)، فكانت أهمّ عناصر النصر
لمعسكر الإيمان على معسكر الكفر والضلال. وعن أبي الحسن المدائني قال: لمّا قتل علي بن أبي طالب عمرو بن
عبد ودّ، نُعي إلى أُخته ـ واسمها عمرة وكنيتها أُمّ كلثوم ـ فقالت: من ذا
الذي اجترأ عليه؟ فقالوا: ابن أبي طالب، فقالت: لم يعد موته إن كان على يد كفؤ
كريم، لا رقأت دمعتي إن هرقتها عليه، قتل الأبطال وبارز الأقران، وكانت
منيته على يد كفؤ كريم من قومه، ما سمعت بأفخر من هذا يا بني عامر، ثمّ
أنشأت تقول:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله ** لكنت أبكي عليه آخر الأبد

لكن قاتل عمرو لا يُعاب به ** مَن كان يُدعى قديماً بيضة البلد

من هاشم ذراها وهي صاعدة ** إلى السماء تميت الناس بالحسد

قومٌ أبى الله إلّا أن يكون لهم ** كرامة الدين والدنيا بلا لدد

يا أُمّ كلثوم ابكيه ولا تدعي ** بكاء معولة حري على ولد(11).
وقت الانتصار


أقام المشركون بضعاً وعشرين ليلة لم يكن بينهم وبين المسلمين حرب
إلّا الرمي بالنبل والحصا، ولكن بعد عبور أحد أبطال الشرك والكفر، وهو
عمرو بن عبد ودٍّ العامري الخندق، ومبارزة الإمام علي(عليه السلام) له
وقتله، تحقّق النصر للإسلام والمسلمين في الثالث من شوال 5ﻫ. ـــــــــــــــــــــــــــ
1. الأحزاب: 10.
2. صحيح البخاري 4/225.
3. اُنظر: الصحيح من سيرة النبي الأعظم 9/179.
4. مناقب آل أبي طالب 2/325.
5. شرح نهج البلاغة 13/261، ينابيع المودّة 1/281.
6. شرح نهج البلاغة 13/292، مناقب آل أبي طالب 2/325.
7. تاريخ الإسلام 2/291، أحكام القرآن لابن العربي 3/546.
8. تاريخ بغداد 13/19، شواهد التنزيل 2/14.
9. ينابيع المودّة 1/412.
10. مناقب آل أبي طالب 2/325.
11. أعيان الشيعة 1/265.
غزوة بني المصطلق(1)


تاريخ الغزوة



2 شعبان 5ﻫ.
سبب الغزوة


دعا الحارث بن أبي ضرار ـ رئيس بني المصطلق ـ قومه، ومن قدر عليه
من العرب إلى حرب رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فأجابوه وتهيّئوا، فبلغ
ذلك رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فبعث بريدة بن الحصيب الأسلمي ليأتيه
بخبرهم. فرجع بريدة إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأخبره بإصرارهم
على الحرب، فندب رسول الله(صلى الله عليه وآله) الناس إليهم، فأسرعوا. فخرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) ومعه مجموعة كثيرة من
المنافقين لم يخرجوا في غزاة مثلها قطّ، إنّما خرجوا طمعاً في الغنائم مع
قرب المسافة. وأصاب(صلى الله عليه وآله) جاسوساً للمشركين كان وجّهه الحارث
ليأتيه بخبر رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فسأله(صلى الله عليه وآله) عن
بني المصطلق فلم يذكر من شأنهم شيئاً، فعرض عليه الإسلام فأبى، فأمر(صلى
الله عليه وآله) بقتله فقُتل، وبلغ الحارث قتله فساء بذلك ومن معه وخافوا
خوفاً شديداً، وتفرّق عنهم من كان معهم من العرب. منطقة المريسيع


وصل رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى منطقة المريسيع فضرب عليه
قبّته، وكانت معه عائشة وأُمّ سلمة، وتهيّئوا للقتال، وصفّ رسول الله(صلى
الله عليه وآله) أصحابه، ثمّ دعا بني المصطلق إلى الإسلام فأبوا، فتراموا
بالنبل ساعة. ثمّ أمر(صلى الله عليه وآله) أصحابه فحملوا حملة رجلٍ واحد، فما
أفلت منهم إنسان، وقتل عشرة منهم، وأُسر سائرهم فكُتّفوا، ولم يُقتل من
المسلمين إلّا رجل واحد قتله المسلمون خطأً، وكان شعار المسلمين: «يا
منصور أمت». مقاتلة الإمام علي(عليه السلام)


قال الشيخ المفيد(قدس سره) في الإرشاد: «كان من بلاء علي(عليه
السلام) ببني المصطلق ما اشتهر عند العلماء، وكان الفتح له في هذه الغزاة
بعد أن أُصيب يومئذٍ ناس من بني عبد المطّلب، فقتل علي(عليه السلام) رجلين
من القوم، وهما مالك وابنه». إلقاء الرعب في قلوب المشركين


قالت جويرية بنت الحارث ـ زوجة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ـ:
«أتانا رسول الله(صلى الله عليه وآله) ونحن على المريسيع، فأسمع أبي وهو
يقول: أتانا ما لا قِبل لنا به. قالت: وكنت أرى من الناس والخيل والسلاح
ما لا أصف من الكثرة، فلمّا أن أسلمتُ وتزوّجني رسول الله(صلى الله عليه
وآله) ورجعنا، جعلت أظهر إلى المسلمين فليسوا كما كنت أرى، فعرفت أنّه رعب
من الله عزّ وجلّ يلقيه في قلوب المشركين»(2). الغنائم


أصاب(صلى الله عليه وآله) من بني المصطلق سبياً كثيراً قسّمه بين
المسلمين، وأسهم(صلى الله عليه وآله) للفارس سهمين، للفرس سهم ولصاحبه
سهم، وللراجل سهم. وكان ممّن أُصيب من السبايا: جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار ـ
رئيس بني المصطلق ـ سباها الإمام علي(عليه السلام)، فجاء بها إلى
النبي(صلى الله عليه وآله) بعد إسلام بقية القوم. فقال الحارث: يا رسول الله إنّ ابنتي لا تُسبى؛ لأنّها امرأة
كريمة، فقال له: «اذهب فخيّرها»، قال: أحسنت وأحملت. وجاء إليها أبوها
فقال لها: يا بنية لا تفضحي قومك، قالت: قد اخترت الله ورسوله، فقال لها
أبوها: فعل الله بك وفعل فأعتقها رسول الله(صلى الله عليه وآله) وجعلها من
أزواجه، وسمّاها جويرية وكان اسمها برة. قال ابن سعد: «كان السبي منهم مَن مَنَّ عليه رسول الله(صلى الله
عليه وآله) بغير فداء، ومنهم من افتدى، وقدموا المدينة ببعض السبي، فقدم
عليهم أهلوهم فافتدوهم، فلم تبق امرأة من بني المصطلق إلّا رجعت إلى
قومها». وفي رواية أنّه(صلى الله عليه وآله) لمّا تزوّج جويرية قال المسلمون في بني المصطلق: «أصهار رسول الله. فأعتقوا ما بأيديهم».
نزول سورة المنافقين


لمّا رجع رسول الله(صلى الله عليه وآله) من الغزوة، نزل على بئرٍ
وكان الماء قليلاً فيها، فتنازع سنان بن وبر الجهني ـ حليف بني سالم من
الأنصار ـ وجهجاه بن سعيد الغفّاري على الماء، فضرب جهجاه سناناً بيده،
فنادى سنان: يا للأنصار، ونادى جهجاه: يا لقريش، يا لكنانة، فأقبلت قريش
سراعاً، وأقبلت الأوس والخزرج، وشهروا السلاح، فتكلّم في ذلك ناس من
المهاجرين والأنصار حتّى ترك سنان حقّه واصطلحوا. ولمّا سمع عبد الله بن أُبي ـ وكان منافقاً ـ وهو من الأنصار من
الخزرج، وعنده رهط من قومه فيهم زيد بن أرقم حديث السنّ، غضب وقال: «قد
نافرونا وكاثرونا في بلادنا، والله ما مثلنا ومثلهم إلّا كما قال القائل:
سمّن كلبك يأكلك، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة، ليخرجنّ الأعزّ منها
الأذلّ»! يعني بالأعزّ نفسُه، وبالأذلّ رسول الله(صلى الله عليه وآله). فمشى زيد بن أرقم إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) فأخبره
الخبر، فأمر(صلى الله عليه وآله) بالرحيل، وأرسل إلى عبد الله فأتاه فقال:
ما هذا الذي بلغني عنك؟ فقال عبد الله: والذي أنزل عليك الكتاب! ما قلت
شيئاً من ذلك قطّ، وإنّ زيداً لكاذب. فعذره رسول الله(صلى الله عليه
وآله). قال زيد بن أرقم: فلمّا وافى رسول الله(صلى الله عليه وآله)
المدينة، جلست في البيت لما بي من الهمّ والحياء، فنزلت سورة المنافقين في
تصديق زيد وتكذيب عبد الله بن أُبي. ثمّ أخذ رسول الله(صلى الله عليه وآله) بأذن زيد فرفعه عن الرحل،
ثمّ قال: «يا غلام! صدق فوك، ووعت أُذناك ووعى قلبك، وقد أنزل الله فيما
قلت قرآناً». فتقدّم عبد الله بن عبد الله بن أُبي الناس ـ وكان خالص الإيمان،
لم يكن كأبيه ـ ووقف لأبيه على الطريق، وقال: لا أفارقك حتّى تزعم أنّك
الذليل ورسول الله(صلى الله عليه وآله) العزيز، فمرّ به رسول الله(صلى
الله عليه وآله) فقال: «دعه، فلعمري لنحسننّ صحبته ما دام بين أظهرنا». وفيه نزلت: )يَقُولُونَ لَئِن رّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ
لَيُخْرِجَنّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلّ وَلِلّهِ الْعِزّةُ
وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنّ الْمُنَافِقِينَ لَا
يَعْلَمُونَ((3). وفي رواية: إنّه لمّا نزلت سورة المنافقين وفيها تكذيب ابن أُبي،
قال له أصحابه: اذهب إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) يستغفر لك، فلوّى
رأسه ثمّ قال: أمرتموني أن أُؤمن فقد آمنت، وأمرتموني أن أعطي زكاة مالي
فقد أعطيت، فما بقي إلّا أن أسجد لمحمّد، فنزلت: )وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ
تَعَالَوْا( إلى قوله: )وَلَكِنّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ(. ــــــــــــــــــــــــــ
1ـ اُنظر: أعيان الشيعة 1/261.
2ـ إعلام الورى 1/191.
3ـ المنافقون: 8.غزوة بني النضير


تاريخ الغزوة


ربيع الأوّل عام 4ﻫ.
سبب الغزوة


إنّ اليهود الذين كانوا بنواحي المدينة المنوّرة ثلاثة أبطن: بنو
النضير، وقريظة، وقينقاع، وكان بينهم وبين رسول الله(صلى الله عليه وآله)
عهد ومدّة، فنقض بنو النضير عهدهم، إذ خرج(صلى الله عليه وآله) إليهم في
نفرٍ من أصحابه، وكلّمهم أن يعينوه في ديّة رجلينِ من الكلابيين، قتلهم
عمرو بن أُمية الضمّري. فقالوا: نفعل يا أبا القاسم، اجلس هنا حتّى نقضي حاجتك، وخلا
بعضهم ببعض فتأمروا بقتله(صلى الله عليه وآله)، واختاروا من بينهم عمرو بن
جحّاش أن يأخذ حجر رحى فيصعد فيلقه على رأسه(صلى الله عليه وآله) ويشدخه
به، وحذّرهم سلام بن مشكم، وقال لهم: لا تفعلوا ذلك، فو الله ليُخبرن بما
هممتم به، وإنّه لنقض العهد الذي بيننا وبينه. جاءه(صلى الله عليه وآله) الوحي، وأخبره ربّه بما همّوا به،
فقام(صلى الله عليه وآله) من مجلسه مسرعاً وتوجّه إلى المدينة، ولحقه
أصحابه واستفسروه عن قيامه وتوجّهه، فأخبرهم بما همّت به بنو النضير. أرسل(صلى الله عليه وآله) إليهم محمّد بن مسلمة، قائلاً له:
«اذهب إلى اليهود فقل لهم: أُخرجوا من بلدي فلا تساكنوني، وقد هممتم بما
هممتم به من الغدر، وقد أجّلتكم عشراً، فمَن رُئي بعد ذلك ضُربت عنقه»،
فأقاموا أيّاماً يتجهّزون للخروج. فأرسل إليهم عبد الله بن أُبي بن سلول: لا تفعلوا ـ أي لا تخرجوا
من المدينة ـ فإنّ معي من العرب ومن قومي ألفين يدخلون معكم، وقريظة
وحلفاؤكم من غطفان يدخلون معكم، فطمع حيي بن أخطب سيّد بني النضير في ذلك،
ونهاه سلام بن مشكم أحد رؤسائهم، وقال له: إنّ ابن أُبي يريد أن يورّطكم
في الهلكة، ويجلس في بيته، ألا تراه وعد بني قينقاع مثل ما وعدكم، وهم
حلفاؤه فلم يفِ لهم، فكيف يفي لنا ونحن حلفاء الأُوس؟ لم يقبل حيي بن
أخطب، وأرسل إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله): إنّا لا نخرج من ديارنا
فاصنع ما بدا لك، فكبّر(صلى الله عليه وآله) وكبّر المسلمون، وقال: «حاربت
يهود». تجهّز لحربهم، واستخلف على المدينة ابن أُمّ مكتوم ـ وكان أعمى ـ
فلذلك كان كثيراً ما يستخلفه على المدينة، لأنّه لا يقدر على القتال،
وأعطى(صلى الله عليه وآله) رايته للإمام علي(عليه السلام). ولكن اعتزلت بني قريظة، فلم تعن بني النضير، وخذلهم ابن أُبي
وحلفاؤهم من غطفان، وذلك قوله تعالى: )أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ
نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ
فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللهُ
يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لَئِنْ أُخْرِجُوا لاَ يَخْرُجُونَ
مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ
لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ((1). وقوله تعالى: )كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ
اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ
اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ((2). وسار(صلى الله عليه وآله) بالناس حتّى نزل ببني النضير، فصلّى
العصر بفنائهم وقد تحصّنوا، وقاموا على حصنهم يرمون بالنبل والحجارة(3). شجاعة الإمام علي(عليه السلام)


أمر(صلى الله عليه وآله) بلالاً أن يضع القبّة في أقصى بني حطمة من
البطحاء، وكان رجل من يهود اسمه عزور، رامياً يبلغ نبله ما لا يبلغه نبل
غيره، فوصل نبله تلك القبّة، فأمر النبيّ(صلى الله عليه وآله) أن يحوّل
قبّته إلى السفح فحوّلت. لمّا اختلط الظلام فقدوا الإمام علي(عليه السلام)، فقال الناس:
يا رسول الله ما نرى علياً؟ فقال: «أراه في بعض ما يصلح شأنكم»، فلم يلبث
أن جاء(عليه السلام) برأس غزور، فطرحه بين يدي النبيّ(صلى الله عليه
وآله)، فقال له النبيّ(صلى الله عليه وآله): «كيف صنعت يا أبا الحسن»؟ فقال(عليه السلام): «إنّي رأيت هذا الخبيث جرياً شجاعاً فكمنت
له، وقلت: ما أجرأه أن يخرج إذا اختلط الليل يطلب منّا غرّة؟ فأقبل مصلتاً
بسيفه في تسعة نفر من اليهود، فشددت عليه وقتلته، فأفلت أصحابه، ولم
يبرحوا قريباً، فابعث معي نفراً، فإنّي أرجو أن أظفر بهم»، فبعث رسول
الله(صلى الله عليه وآله) معه عشرة، فيهم أبو دجانة سمّاك بن خرشة، وسهل
بن حنيف، فأدركوهم قبل أن يلجئوا إلى الحصن فقتلوهم، وجاءوا برؤوسهم إلى
النبيّ(صلى الله عليه وآله)، فأمر أن يطرح في بعض آبار بني حطمة، وكان ذلك
سبب فتح حصون بني النضير(4). محاصرة بني النضير


حاصرهم(صلى الله عليه وآله) خمسة عشر يوماً، وكان سعد بن عبادة في تلك
المدّة يبعث التمر إلى المسلمين، وقطع(صلى الله عليه وآله) نخلهم وحرق لهم
نخلاً بالبويرة، فنادوه: يا محمّد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه، فما بال قطع
النخل وتحريقها؟ فانزل الله تعالى: )مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ
تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ
الْفَاسِقِينَ((5). واللينة واحدة اللين، وهو نوع من النخل، ويروى أنّ جميع ما قُطع
وحُرق من النخل ستّ نخلات، وقذف الله في قلوبهم الرعب، فقالوا: نخرج عن
بلادك، فقال: «لا اقبله اليوم، ولكن أُخرجوا ولكم دماؤكم، وما حملت الإبل
من أموالكم إلّا الحلقة» أي آلة الحرب، فنزلوا على ذلك، فكانوا يخرّبون
بيوتهم بأيديهم، فيهدم الرجل بيته عمّا استحسن من باب ونجاف وغيرهما،
لئلّا ينتفع بها المسلمون. وكان المسلمون أيضاً يخرّبون ممّا يليهم، وذلك قوله تعالى: )هُوَ
الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن
دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ( أي خروجاً مؤبّداً )مَا ظَنَنتُمْ أَن
يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللهِ
فَأَتَاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي
قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي
الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ وَلَوْلاَ أَن
كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاَء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ
فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ
وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ((6)،
فخرجوا إلى خيبر، ومنهم مَن خرج إلى الشام. واصطفى رسول الله(صلى الله عليه وآله) أموال بني النضير، وكانت
أوّل صافية قسّمها رسول الله(صلى الله عليه وآله) بين المهاجرين الأوائل،
وأمر علياً(عليه السلام) فحاز ما لرسول الله(صلى الله عليه وآله) منها
فجعله صدقة، وكان في يده مدّة حياته، ثمّ في يد أمير المؤمنين(عليه
السلام) بعده، وهو في يد ولد فاطمة(عليها السلام) حتّى اليوم(7). ــــــــــ
1ـ الحشر: 11ـ12.
2ـ الحشر: 16.
3ـ اُنظر: أعيان الشيعة 1/259.
4ـ الإرشاد 1/93.
5ـ الحشر: 5.
6ـ الحشر: 2ـ4.
7ـ الإرشاد 1/93.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نوجا مصرية
 
 
avatar


انثى
عدد المساهمات : 1939
غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم 7aV76083
الدولة : مصر
النواية الحسنه
تاريخ التسجيل : 06/12/2010
مزاجى : غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم 665449037
المهنة : غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم Profes10

غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم   غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم I_icon10الخميس 21 أبريل - 16:26

صلح الحُديبية


مقدّمة


قرّر رسول الله(صلى الله عليه وآله) أن يسير بأصحابه من المدينة
المنوّرة إلى مكّة لزيارة بيت الله الحرام، بعد أن رأى في منامه أنّه
يدخله هو وأصحابه آمنين من غير قتال.
كما روت ذلك الآية الشريفة: (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا
بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللهُ آمِنِينَ
مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا
لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً)(1).
الخروج من المدينة


توجّه رسول الله(صلى الله عليه وآله) نحو مكّة ومعه ما يقرب من ألف
وأربعمائة من المهاجرين والأنصار، وذلك في الأوّل من ذي القعدة من السنة
السادسة للهجرة، وقد ساقوا معهم سبعين بَدَنة هدياً لتُنحر في مكّة.
فلمّا تناهى الخبر إلى قريش فزعت، وظنّت أنّ رسول الله(صلى الله عليه
وآله) يريد الهجوم عليها، فراحت تتدارس الموقف، وتعدُّ نفسها لصدِّه عن
البيت الحرام.
ولمّا بلغ الرسول(صلى الله عليه وآله) أخبار إعداد قريش، والتهيّؤ
لقتاله، غيّر مسيره وسلك(صلى الله عليه وآله) طريقاً غير الطريق الذي
سلكته قُوّات قريش المتوجّهة لقتاله.
منطقة الحُديبية


في طريقه(صلى الله عليه وآله) إلى مكّة استقرّ وأصحابه في وادي
الحُديبية، وهي قرية سُمّيت ببئر هناك، وبينها وبين مكّة مرحلة، وبينها
وبين المدينة تسع مراحل.
البيعة تحت الشجرة


قال ابن عباس: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) خرج يريد مكّة، فلمّا
بلغ الحُديبية وقفت ناقته، وزجرها فلم تنزجر، وبركت الناقة، فقال أصحابه:
خلأت الناقة، فقال(صلى الله عليه وآله): «ما هذا لها عادة، ولكن حبسها
حابس الفيل».
ودعا عمر بن الخطّاب ليرسله إلى أهل مكّة، ليأذنوا له بأن يدخل مكّة،
ويحل من عمرته وينحر هديه، فقال: يا رسول الله، ما لي بها حميم، وإنّي
أخاف قريشاً لشدّة عداوتي إيّاها، ولكن أدلّك على رجل هو أعزّ بها منّي
عثمان بن عفّان.
فقال: صدقت، فدعا رسول الله(صلى الله عليه وآله) عثمان، فأرسله إلى أبي
سفيان وأشراف قريش؛ يخبرهم أنّه لم يأت لحرب، وإنّما جاء زائراً لهذا
البيت معظّماً لحرمته، فاحتبسته قريش عندها فبلغ رسول الله(صلى الله عليه
وآله) والمسلمين أنّ عثمان قد قُتل.
فقال(صلى الله عليه وآله): «لا نبرح حتّى نناجز القوم»، ودعا الناس إلى
البيعة، فقام رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى الشجرة فاستند إليها،
وبايع الناس على أن يقاتلوا المشركين ولا يفرّوا(2).
فأنزل الله تعالى عند ذلك قوله: (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ
الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي
قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا
قَرِيباً)(3)، ومن هنا سُمّيت هذه البيعة ببيعة الرضوان.
حوار حول الاتفاقية


بعثت قريش سهيل بن عمرو إلى النبي(صلى الله عليه وآله)، فقال: يا أبا
القاسم، إنّ مكّة حرمنا وعزّنا، وقد تسامعت العرب بك أنّك قد غزوتنا، ومتى
ما تدخل علينا مكّة عنوة يطمع فينا فنتخطّف، وإنّا نذكّرك الرحم، فإنّ
مكّة بيضتك التي تفلّقت عن رأسك.
قال(صلى الله عليه وآله): «فما تريد»؟ قال: أُريد أن أكتب بيني وبينك
هدنة على أن أخلّيها لك في قابل فتدخلها، ولا تدخلها بخوفٍ ولا فزع، ولا
سلاح إلّا سلاح الراكب، السيف في القراب والقوس، فدعا رسول الله(صلى الله
عليه وآله) الإمام علي(عليه السلام)(4) ليكتب كتاب الصلح.
فقال(صلى الله عليه وآله): «اكتب بسم الله الرحمن الرحيم».
فقال سهيل: لا أعرف هذا، ولكن اكتب باسمك اللّهمّ. فكتبها(عليه السلام).
ثمّ قال(صلى الله عليه وآله): «اكتب، هذا ما صالح محمّد رسول الله سهيل
بن عمرو»، فقال سهيل: لو شهدت أنّك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك
واسم أبيك.
فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «اكتب، هذا ما صالح عليه محمّد بن
عبد الله سهيل بن عمرو»، فجعل علي(عليه السلام) يتلكّأ ويأبى أن يكتب إلّا
محمّد رسول الله، فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): «اكتب، فإنّ لك
مثلها تعطيها وأنت مضطهد».
فكتب(عليه السلام): «هذا ما صالح عليه محمّد بن عبد الله سهيل بن عمرو،
اصطلحا على وضع الحرب عشر سنين، يأمن فيها الناس، ويكفّ بعضهم عن بعض، على
أنّه من أتى محمّداً من قريش بغير إذن وليّه ردّه عليهم، ومن أتى قريشاً
ممّن مع محمّد لم يردّوه عليه، وإنّ بيننا عيبة مكفوفة، وأنّه لا أسلال
ولا أغلال، وأنّ من أحبّ أن يدخل في عقد محمّد وعهده دخل فيه، وأنّ من
أحبّ أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه...»(5).
بنود الاتّفاقية


جاء في الاتّفاقية:
1ـ إيقاف الحرب بين الطرفين لمدّة عشر سنين.
2ـ التخيير بين الدخول في عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، أو الدعالم في عهد قريش.
3ـ أن يكون الإسلام ظاهراً بمكّة، لا يُكره أحد على دينه ولا يؤذى ولا يُعيّر.
4ـ أن يرجع رسول الله(صلى الله عليه وآله) هذا العام، ثمّ يعود إلى مكّة في العام القادم بلا سلاح ويقيم بها ثلاثة أيّام.
شهود الاتّفاقية والكاتب


شهد على الاتّفاقية مجموعة من الصحابة، منهم الإمام علي بن أبي
طالب(عليه السلام)، وكان هو كاتب الصحيفة، كما شهد من قبل قريش: حويطب بن
عبد العزى، ومكرز بن حفص.
وكتب(عليه السلام) الكتاب نسختين: إحداهما عند رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والأُخرى عند سهيل بن عمرو.
وفاء النبي بالشروط


بينا هم يكتبون الكتاب إذ جاء أبو جندل بن سهيل إلى النبي(صلى الله
عليه وآله) حتّى جلس إلى جنبه، وكان قد أسلم، فقيّدته قريش وعذّبته، فلمّا
رآه أبوه سهيل قام إليه فضرب وجهه وأخذ بتلابيبه، ثمّ قال: يا محمّد قد
لجت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا، قال: «صدقت»(6).
فقال المسلمون: لا نردّه، فقام(صلى الله عليه وآله) وأخذ بيده، وقال:
«اللّهمّ إن كنت تعلم أنّ أبا جندل لصادق فاجعل له فرجاً ومخرجاً»، ثمّ
أقبل على الناس وقال: «إنّه ليس عليه بأس، إنّما يرجع إلى أبيه وأُمّه،
وإنّي أُريد أن أتمّ لقريش شرطها»(7).
نزول آية المؤمنات المهاجرات


قال ابن عباس: «صالح رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالحُديبية مشركي
مكّة على أنّ من أتاه من أهل مكّة ردّه عليهم، ومن أتى أهل مكّة من أصحاب
رسول الله(صلى الله عليه وآله) فهو لهم ولم يردّوه عليه، وكتبوا بذلك
كتاباً وختموا عليه.
فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة بعد الفراغ من الكتاب
والنبي(صلى الله عليه وآله) بالحُديبية، فأقبل زوجها مسافر من بني مخزوم
في طلبها وكان كافراً، فقال: يا محمّد أردد عليّ امرأتي، فإنّك قد شرطت
لنا أن تردّ علينا من أتاك منّا، وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد، فنزلت
الآية: (يا أَيُّهَا الّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ
مُهَاجِرَاتٍ ـ من دار الكفر إلى دار الإسلام ـ فَامْتَحِنُوهُنّ)(8).
قال ابن عباس: امتحانهنّ أن يستحلفن ما خرجن من بغض زوج، ولا رغبة عن
أرض إلى أرض، ولا التماس دنيا، وما خرجت إلّا حبّاً لله ولرسوله،
فاستحلفها رسول الله(صلى الله عليه وآله) ما خرجت بغضاً لزوجها، ولا عشقاً
لرجلٍ منّا، وما خرجت إلّا رغبة في الإسلام، فحلفت بالله الذي لا إله إلّا
هو على ذلك، فأعطى رسول الله(صلى الله عليه وآله) زوجها مهرها وما أنفق
عليها، ولم يردّها عليه، فتزوّجها عمر بن الخطّاب.
فكان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يرد من جاءه من الرجال، ويحبس من جاءه من النساء إذا امتُحنّ، ويعطي أزواجهنّ مهورهن»(9).
مقولة عمر


قال عمر بن الخطّاب: والله ما شككت مذ أسلمت إلّا يومئذٍ ـ أي يوم
الحُديبية ـ فأتيت النبي(صلى الله عليه وآله)، فقلت له: ألست نبي الله؟
فقال: «بلى»، قلت: ألسنا على الحقّ وعدوّنا على الباطل؟ قال: «بلى».
قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: «إنّي رسول الله، ولست
أعصيه، وهو ناصري»، قلت: أو لست كنت تحدّثنا أنّا سنأتي البيت ونطوف به؟
قال: «بلى، أفأخبرتك أن نأتيه العام»؟ قلت: لا، قال: «فإنّك تأتيه وتطوف
به»(10).
بعد الاتّفاقية


رجع سهيل بن عمرو وأصحابه إلى مكّة، وأمّا رسول الله(صلى الله عليه
وآله) فقد نحر هديه وحلق، وأمر أصحابه بالنحر والحلق، وأقام بالحُديبية
بضعة عشر يوماً، ثمّ رجع إلى المدينة المنوّرة.
نزول سورة الفتح


وفي طريقه(صلى الله عليه وآله) إلى المدينة المنوّرة نزلت عليه سورة الفتح: (إِنّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا)(11).
قال الإمام الصادق(عليه السلام): «فما انقضت تلك المدّة حتّى كاد الإسلام يستولي على أهل مكّة)(12).
وقال أنس بن مالك: لمّا رجعنا من غزوة الحُديبية وقد حيل بيننا وبين
نسكنا، قال: فنحن بين الحزن والكآبة، قال: فأنزل الله عزّ وجلّ: (إِنّا
فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا...).
فقال نبي الله(صلى الله عليه وآله): «لقد أُنزلت عليَّ آية أحبّ إليَّ من الدنيا وما فيها)(13).
ــــــــــــــــــــــــــ
1. الفتح: 27.
2. تفسير مجمع البيان 9/194.
3. الفتح: 18.
4. إعلام الورى بأعلام الهدى 1/204.
5. أعيان الشيعة 1/296.
6. المصدر السابق.
7. إعلام الورى بأعلام الهدى 1/205.
8. الممتحنة: 10.
9. بحار الأنوار 20/337.
10. تفسير مجمع البيان 9/198.
11. الفتح: 11.
12. مناقب آل أبي طالب 1/175.
13. جامع البيان 26/91.
فتح مكة المكرمة


سبب الغزوة



لمّا صالح رسول الله(صلى الله عليه وآله) قريشاً عام الحُديبية (6ﻫ)،
دخلت خزاعة في حلف النبي(صلى الله عليه وآله) وعهده، ودخلت كنانة في حلف
قريش. فلمّا مضت سنتان من القضية قعد رجل من كنانة يروي هجاء رسول
الله(صلى الله عليه وآله)، فقال له رجل من خزاعة: لا تذكر هذا، قال: وما
أنت وذاك؟ فقال: لئن أعدت لأكسرنّ فاك، فأعادها، فرفع الخزاعي يده فضرب
بها فاه، فاستنصر الكناني قومه، والخزاعي قومه، وكانت كنانة أكثر، فضربوهم
حتّى أدخلوهم الحرم وقتلوا منهم، وأعانتهم قريش بالكراع والسلاح، فركب
عمرو بن سالم إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) فخبرّه الخبر، وقال أبيات
شعر، منها:
يا رب أنّي ناشد محمّداً ** حلف أبينا وأبيه الأتلدا

أنّ قريشاً أخلفوك الموعدا ** ونقضوا ميثاقك المؤكّدا

وقتلونا ركّعاً وسجّدا
فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «حسبك يا عمرو»، ثمّ قام فدخل
دار ميمونة وقال: «اسكبوا لي ماء» فجعل يغتسل ويقول: «لا نُصرت إن لم أنصر
بني كعب». ثمّ أجمع رسول الله(صلى الله عليه وآله) على المسير إلى مكّة، وقال: «اللّهمّ خذ العيون عن قريش حتّى نأتيها في بلادها»(1).
مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة


كتب حاطب بن أبي بلتعة ـ وكان من أهل مكّة وقد شهد بدراً مع رسول
الله(صلى الله عليه وآله)ـ مع سارة مولاة أبي لهب إلى قريش: إنّ رسول الله
خارج إليكم يوم كذا وكذا. وجعل لها جعلاً على أن توصله إليهم، فجعلته في رأسها، فخرجت
وسارت على غير الطريق، فنزل الوحي على النبي(صلى الله عليه وآله) فأخبره،
فدعا الإمام عليّاً(عليه السلام)، وقال له: «إنّ بعض أصحابي كتب إلى أهل
مكّة يخبرهم بخبرنا، وقد كنت سألت الله عزّ وجلّ أن يعمي أخبارنا عليهم،
والكتاب مع امرأة سوداء قد أخذت على غير الطريق، فخذ سيفك والحقها وانتزع
الكتاب منها وخلِّ سبيلها». ثمّ استدعى الزبير بن العوام فأرسله معه، فأدركا المرأة، فسبق
إليها الزبير فسألها عن الكتاب فأنكرته، وحلفت أنّه لا شيء معها وبكت،
فقال الزبير: ما أرى يا أبا الحسن معها كتاباً، فارجع بنا إلى رسول الله
لنخبره ببراءة ساحتها. فقال له الإمام علي(عليه السلام): «يخبرني رسول الله(صلى الله
عليه وآله) أنّ معها كتاباً ويأمرني بأخذه منها وتقول أنت أنّه لا كتاب
معها»!! ثمّ أخرج(عليه السلام) سيفه وتقدّم إليها فقال: «أما والله لئن
لم تخرجي الكتاب لأكشفنّك، ثمّ لأضربنّ عنقك»، فقالت له: فاعرض بوجهك
عنّي، فاعرض بوجهه عنها، فكشفت قناعها، وأخرجت الكتاب من عقيصتها ـ أي
ضفيرتها ـ، فأخذه(عليه السلام) وسار به إلى رسول الله(صلى الله عليه
وآله)(2). خطبة النبي(صلى الله عليه وآله) في مسجده


أمر النبي(صلى الله عليه وآله) أن يُنادى: الصلاة جامعة. فاجتمع
الناس حتّى امتلأ بهم المسجد، ثمّ صعد المنبر والكتاب بيده وقال: «أيّها
الناس، أنّي كنت سألت الله أن يخفي أخبارنا عن قريش، وأنّ رجلاً منكم كتب
إلى أهل مكّة يخبرهم بخبرنا، فليقم صاحب الكتاب وإلّا فضحه الوحي»، فلم
يقم أحد. فأعاد مقالته ثانية، فقام حاطب بن أبي بلتعة ـ وهو يرتعد كالسعفة
في يوم الريح العاصف ـ فقال: أنا يا رسول الله صاحب الكتاب، وما أحدثت
نفاقاً بعد إسلامي، ولا شكّاً بعد يقيني. فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): «فما الذي حملك على
ذلك»؟ قال: إنّ لي أهلاً بمكّة، وليس لي بها عشيرة، فأشفقت أن تكون
الدائرة لهم علينا، فيكون كتابي هذا كفّاً لهم عن أهلي، ويداً لي عندهم،
ولم أفعل ذلك لشك منّي في الدين. فقال عمر بن الخطّاب: دعني يا رسول الله أضرب عنقه، فوالله لقد
نافق، فقال(صلى الله عليه وآله): «إنّه من أهل بدر، ولعل الله اطلع عليهم
فغفر لهم، أخرجوه من المسجد». فجعل الناس يدفعون في ظهره، وهو يلتفت إلى رسول الله(صلى الله
عليه وآله) ليرّق عليه، فأمر بردّه وقال: «قد عفوت عن جرمك فاستغفر ربّك،
ولا تعد لمثل هذه ما حييت»(3). خروج النبي(صلى الله عليه وآله) من المدينة


خرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) في 2 شهر رمضان 8ﻫ من المدينة
المنوّرة مع جيشه وقوّاته إلى فتح مكّة المكرّمة. وقيل: خرج في 10 شهر
رمضان، واستخلف على المدينة أبا لبابة ابن عبد المنذر، وقيل: استخلف أبا
ذر الغفاري، وقيل: عبد الله بن أُمّ مكتوم. تعداد جيش النبي(صلى الله عليه وآله)


بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى من حوله من العرب، فمنهم من
وفاه بالمدينة ومنهم من لحقه بالطريق، وخرج(صلى الله عليه وآله) في عشرة
آلاف من المهاجرين والأنصار ومن انضمّ إليهم في الطريق من الأعراب، وجلّهم
أسلم وغفّار ومُزينة وجهينة وأشجع وسليم... وكان المهاجرون سبعمائة، ومعهم
ثلاثمائة فرس، والأنصار أربعة آلاف، ومعهم خمسمائة فرس، ومزينة ألف وثلاثة
أنفار، وفيها مائة فرس، وأسلم أربعمائة ومعها ثلاثون فرساً، وجهينة
ثمانمائة، وقيل ألف وأربعمائة، والباقي من سائر العرب؛ تميم وقيس وأسد
وغيرهم. لقاء النبي(صلى الله عليه وآله) بأبي سفيان في الطريق


لمّا نزل رسول الله(صلى الله عليه وآله) مرَّ الظَّهران، وقد غُمّت
الأخبار عن قريش فلا يأتيهم عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) خبر، خرج في
تلك الليلة أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء؛ يتجسّسون
الأخبار. قال العباس: فوالله إنّي لأطوف في الأراك؛ ألتمس ما خرجت له، إذ
سمعت صوت أبي سفيان وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء، وسمعت أبا سفيان يقول:
والله ما رأيت كالليلة قطّ نيراناً. فقلت: يا أبا حنظلة ـ يعني أبا سفيان ـ، فقال: أبو الفضل؟ فقلت:
نعم، قال: لبّيك فداك أبي وأُمّي، ما وراك؟ فقلت: هذا رسول الله وراءك قد
جاء بما لا قِبَل لكم به، بعشرة آلاف من المسلمين! قال: فما تأمرني؟ فقلت: تركب عجز هذه البغلة، فأستأمن لك رسول الله(صلى الله عليه
وآله)، فوالله لئن ظفر بك ليضربنّ عنقك. فردفني، وركضت البغلة حتّى وصلت
خيمة النبي. فقلت: يا رسول الله، إنّي قد أجرته، فقال(صلى الله عليه وآله): «اذهب فقد آمناه حتّى تغدو به عليّ في الغداة».
قال: فلمّا أصبح غدوت به على رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فلما
رآه قال: ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟
فقال: بأبي أنت وأُمّي ما أوصلك وأكرمك وأرحمك وأحلمك! والله لقد ظننت أن
لو كان معه إله لأغنى يوم بدر ويوم أُحد. فقال: «ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أنّي رسول الله»؟ فقال: بأبي أنت وأُمّي، أمّا هذه فإنّ في النفس منها شيئاً!!
قال العباس: فقلت له: ويحك! اشهد بشهادة الحقّ قبل أن يضرب عنقك. فتشهّد.
فقال(صلى الله عليه وآله) للعباس: «انصرف يا عباس فاحبسه عند مضيق الوادي حتّى تمرّ عليه جنود الله».
قال: فحبسته عند خطم الجبل بمضيق الوادي، ومر عليه القبائل قبيلة
قبيلة وهو يقول: من هؤلاء؟ وأقول: أسلم، وجهينة، وفلان، حتّى مرّ رسول
الله(صلى الله عليه وآله) في الكتيبة الخضراء من المهاجرين والأنصار في
الحديد، لا يُرى منهم إلّا الحدق. فقال: من هؤلاء يا أبا الفضل؟ قلت: هذا رسول الله(صلى الله عليه
وآله) في المهاجرين والأنصار، فقال: يا أبا الفضل! لقد أصبح ملك ابن أخيك
عظيماً! فقلت: ويحك إنّها النبوّة، فقال: نعم إذاً! وجاء حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء رسولَ الله(صلى الله عليه
وآله)، وأسلما وبايعاه فلمّا بايعاه، بعثهما رسول الله(صلى الله عليه
وآله) بين يديه إلى قريش يدعوانهم إلى الإسلام. قال العباس: قلت: يا رسول الله، إنّ أبا سفيان رجل يحبّ الفخر
فاجعل له شيئاً يكون في قومه، فقال: «من دخل دار أبي سفيان ـ وهي بأعلى
مكّة ـ فهو آمن، ومن دخل دار حكيم ـ وهي بأسفل مكّة ـ فهو آمن، ومن أغلق
بابه وكف يده، فهو آمن»(4). رجوع أبي سفيان إلى مكّة


قال العباس لأبي سفيان: الحق الآن بقومك فحذّرهم. فخرج أبو سفيان
سريعاً حتّى أتى مكّة، فصرخ في المسجد: يا معشر قريش، هذا محمّد قد جاءكم
بما لا قِبَل لكم به، قالوا: فمه، قال: من دخل داري فهو آمن، قالوا: وما
تغني عنّا دارك، قال: ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو
آمن. فقامت إليه زوجته هند بنت عتبة أُمّ معاوية، فأخذت بلحيته ونادت:
يا آل غالب اقتلوا هذا الشيخ الأحمق، هلاّ قاتلتم ودفعتم عن أنفسكم
وبلادكم؟ فقال لها: ويحك أسلمي وادخلي بيتك. وقال: لا تغرنّكم هذه من
أنفسكم، فقد جاءكم ما لا قِبَل لكم به(5). دعالم النبي(صلى الله عليه وآله) مكّة المكرّمة


أمر رسول الله(صلى الله عليه وآله) الزبير أن يدخل مكّة من أعلاها،
فيغرز رايته بالحجون، وأمر خالد بن الوليد أن يدخل من أسفل مكّة، ونهى عن
القتال إلّا لمن قاتلهم، ودخل هو(صلى الله عليه وآله) من أعلى مكّة، وكانت
الراية مع سعد بن عبادة. وقد غلظ سعد بن عبادة على القوم، وأظهر ما في نفسه من الحنق عليهم، فدخل وهو يقول:

اليوم يوم الملحمة ** اليوم تُسبى الحرمة.
فسمعها العباس فقال للنبي(صلى الله عليه وآله): أما تسمع يا رسول الله ما يقول سعد؟ وإنّي لا آمن أن يكون له في قريش صولة.
فقال النبي(صلى الله عليه وآله) لعلي(عليه السلام): «أدرك سعداً
فخذ الراية منه، وكن أنت الذي تدخل بها مكّة»، فأدركه علي(عليه السلام)
فأخذها منه . ودخل رسول الله(صلى الله عليه وآله) مكّة على ناقته القصواء
واضعاً رأسه الشريف على الرحل؛ تواضعاً لله تعالى، ثمّ قال: «اللّهمّ أنّ
العيش عيش الآخرة»، فقيل له: يا رسول الله، ألا تنزل دارك؟ فقال: «وهل أبقى عقيل لنا داراً»، ثمّ ضُربت له قبّة في الأبطح فنزل فيها، ومعه زوجتاه أُمّ سلمة وميمونة(6).
دعالم النبي(صلى الله عليه وآله) إلى المسجد الحرام


أقبل(صلى الله عليه وآله) إلى الكعبة فاستلم الحجر الأسود، وطاف
بالبيت على راحلته، وعلى الكعبة. وفي رواية حولها ثلاثمائة وستون صنماً،
لكلّ حي من أحياء العرب صنم، فجعل كلّما يمرّ بصنمٍ منها يشير إليه بقضيب
في يده، ويقول: )جَاء الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنّ البَاطِلَ كَانَ
زَهُوقًا((7). فما أشار لصنم من ناحية وجهه إلّا وقع لقفاه، ولا أشار لقفاه إلّا وقع لوجهه حتّى مرّ عليها كلّها، وكان أعظمها هُبل.
وكان المقام لاصقاً بالكعبة، فصلّى خلفه ركعتين، ثمّ أمر به فوضع في مكانه.
ثمّ جلس ناحية من المسجد، وأرسل بلالاً إلى عثمان بن طلحة أن يأتي
بمفتاح الكعبة، فجاء به ففتح رسول الله(صلى الله عليه وآله) باب الكعبة،
وصلّى فيها ركعتين وخرج، فأخذ بعضادتي الباب والمفتاح معه. فخطب الناس فقال: «لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، صدق وعده،
ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كلّ مأثرة أو دم أو مال يُدعى فهو تحت
قدمي هاتين، إلّا سدانة البيت وسقاية الحاجّ، فإنّهما مردودتان إلى
أهليهما». ثمّ قال: «يا معشر قريش، إنّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية
وتعظّمها بالآباء، الناس من آدم وآدم خُلق من تراب»، ثمّ تلا: )يَا
أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنّ أَكْرَمَكُمْ
عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ((8). ثمّ قال: «يا معشر قريش ويا أهل مكّة ما ترون أنّي فاعل بكم»؟
قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: «اذهبوا فانتم الطلقاء». فأعتقهم وقد
كان أمكنه الله من رقابهم عنوة، فبذلك سُمّوا الطلقاء. ثمّ دعا بعثمان بن طلحة فردّ إليه مفتاح الكعبة، وقال: خذوها يا
بني أبي طلحة تالدة خالدة لا ينزعها منكم إلّا ظالم. وانتقلت سدانة الكعبة
بعد عثمان إلى أخيه شيبة، ثمّ توارثها أولاده إلى اليوم. ودفع السقاية إلى العباس بن عبد المطّلب وكانت لأبيه عبد
المطّلب، ثمّ قام بها بعد العباس ابنه عبد الله، وهي أحواض من جلد يوضع
فيها الماء العذب لسقاية الحاجّ، ويُطرح فيها التمر والزبيب في بعض
الأوقات. وحانت صلاة الظهر، فأذّن بلال فوق ظهر الكعبة، وبثّ(صلى الله
عليه وآله) السرايا إلى الأصنام التي حول مكّة فكسرها، ونادى مناديه: من
كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنماً إلّا كسره، وأتى الصفا
يدعو الله تعالى ويذكره. فقال الأنصار فيما بينهم: أترون أنّ رسول الله إذ فتح الله أرضه
وبلده يقيم بها، فلمّا فرغ من دعائه قال: «معاذ الله المحيا محياكم
والممات مماتكم»(9). عفو النبي(صلى الله عليه وآله) عن أهل مكّة


أمر(صلى الله عليه وآله) بقتل جماعة ولو كانوا تحت أستار الكعبة، قيل: ستّة رجال وأربع نساء، وقيل أحد عشر رجلاً، فمن الرجال:
عبد الله بن أبي سرح، كان قد أسلم فارتدّ مشركاً، ففرّ إلى عثمان،
وكان أخاه من الرضاعة فغيّبه، ثمّ أتى به رسول الله(صلى الله عليه وآله)
فاستأمن له، فصمت(صلى الله عليه وآله) طويلاً، ثمّ قال: «نعم»، فلمّا
انصرف به قال(صلى الله عليه وآله): «لقد صمتّ ليقوم إليه بعضكم فيقتله»،
فقال أنصاري: هلا أومأت إليّ؟ قال: «إنّ النبي لا يقتل بالإشارة». وعبد الله بن خطل، كان قد أسلم فبعثه رسول الله(صلى الله عليه
وآله) مصدّقاً، وكان معه مولىً مسلم يخدمه، فأمر المولى أن يذبح له تيساً
ويصنع له طعاماً، فاستيقظ ولم يصنع له شيئاً، فعدا عليه فقتله، وارتدّ
مشركاً، وكان شاعراً يهجو رسول الله(صلى الله عليه وآله)، قتله سعيد بن
حريث المخزومي وأبو برزة الأسلمي، اشتركا في دمه. والحويرث بن نقيد كان يؤذيه بمكّة، قتله علي بن أبي طالب(عليه السلام).
ومقيس بن صبابة، كان له أخ يُسمّى هشام، قتله رجل من الأنصار خطأً
في غزوة ذي قرد وهو يظنّه من العدوّ، فأعطاه النبي(صلى الله عليه وآله)
ديّته، ثمّ عدا على قاتل أخيه فقتله، ورجع إلى قريش مرتدّاً، قتله نميلة
بن عبد الله وهو رجل من قومه. وعكرمة بن أبي جهل، هرب إلى اليمن، وأسلمت امرأته أُمّ حكيم بنت
عمّه الحارث بن هشام، فاستأمنت له رسول الله(صلى الله عليه وآله) فآمنه،
فخرجت في طلبه حتّى أتت به رسول الله(صلى الله عليه وآله) فأسلم. ووحشي قاتل حمزة(رضي الله عنه)، استؤمن له فآمنه، وقال: «لا تريني وجهك»، فمات بحمص، وكان لا يزال سكران.
وكعب بن زهير بن أبي سلمى، كان يهجو رسول الله(صلى الله عليه وآله)، هرب فاستؤمن له فآمنه.
وهبار بن الأسود، الذي روّع زينب بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله).
والحارث بن هشام أخو أبي جهل لأبويه، وزهير بن أُميّة، وصفوان بن أُميّة، وهؤلاء أسلموا فعفا عنهم.
ومن النساء:
هند بنت عُتبة أسلمت وبايعت، وقينتان لعبد الله بن خطل ـ فرتنا
وقريبة ـ كانتا تغنّيان بهجاء رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذي يصنعه
لهما، فقُتلت قريبة وهربت فرتنا، فاستؤمن لها رسول الله(صلى الله عليه
وآله) فآمنها، فعاشت إلى خلافة عثمان. وسارة مولاة عمرو بن هاشم بن عبد المطّلب قُتلت يومئذٍ، وقيل
استؤمن لها رسول الله(صلى الله عليه وآله) فأوطأها رجل فرسه في خلافة عمر
بالأبطح فقتلها(10). ـــــــــــــــــــ
1. اُنظر: إعلام الورى بأعلام الهدى 1/215.
2. اُنظر: الإرشاد 1/57.
3. اُنظر: بحار الأنوار 21/120.
4. اُنظر: تفسير مجمع البيان 10/470.
5. أعيان الشيعة 1/276.
6. المصدر السابق.
7. الإسراء: 81.
8. الحجرات: 13.
9. أعيان الشيعة 1/277.
10. المصدر السابق 1/276.غزوة حُنين أو غزوة هوازن


موقع حُنين


حُنين واد قرب الطائف، بينه وبين مكّة ثلاث ليال، أو بضعة عشر ميلاً.
تاريخ الغزوة


خرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى حُنين لثلاث ليال خلون من شوال سنة ثمان من الهجرة، ووصل إليها لعشر ليال خلون من شوال.
سبب الغزوة


لمّا فتح الله تعالى على رسوله(صلى الله عليه وآله) مكّة، أطاعته
قبائل العرب إلّا هوازن وثقيفاً، فإنّهم كانوا طغاة عتاة مردة، فلمّا سمعت
هوازن بفتح مكّة على يد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، جمعها رئيسها مالك
بن عوف النصري، فاجتمع إليه مع هوازن ثقيف كلّها، وكانوا اجتمعوا حين
بلغهم خروجه(صلى الله عليه وآله) من المدينة، فظنّوا أنّه إنّما يريدهم،
فلمّا بلغهم أنّه أتى مكّة عمدوا لحربه بعد مقامه بمكّة نصف شهر. فجاؤوا حتّى نزلوا بحُنين، وحطّ مالك معهم النساء والصبيان
والأموال، وبلغ رسول الله(صلى الله عليه وآله) ما أجمعت عليه هوازن من
حربه، فتهيّأ لقتالهم(1). عدد الجيش


خرج مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) اثنا عشر ألفاً، عشرة آلاف
من أصحابه الذين فتح بهم مكّة، وألفان من مسلمة الفتح، وخرج جيش العدو
بثلاثين ألفاً. تعبئة الجيش


عمد مالك بن عوف إلى أصحابه فعبّأهم في وادي حُنين، وكمنوا في شعاب
الوادي بإشارة دريد بن الصمّة، فإنّه قال لمالك: اجعل لك كميناً، إن حمل
عليك القوم جاءهم الكمين من خلفهم، وكَرَرتَ أنت بمن معك، وإن كانت الحملة
لك لم يفلت من القوم أحد. وعبّأ رسول الله(صلى الله عليه وآله) أصحابه في السحر وصفّهم
صفوفاً، ووضع الألوية والرايات في أهلها، مع المهاجرين لواء يحمله علي بن
أبي طالب(عليه السلام)، وراية يحملها سعد بن أبي وقّاص، ومع الأنصار لواء
للأوس مع أسيد بن حضير، ولواء للخزرج مع سعد بن عبادة، ومع قبائل العرب
ألوية ورايات، وانحدر رسول الله(صلى الله عليه وآله) في وادي حُنين على
تعبئة، وركب بغلته البيضاء، ولبس درعين والمغفر. وقوع الحرب وهزيمة الناس


لمّا وصل رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى وادي حُنين، وإذا
بالعدو قد سبقهم إليه، فأحاطوا برسول الله(صلى الله عليه وآله) وجيشه
وحملوا عليهم حملة رجل واحد، فانهزم الناس خوفاً منهم، أخذ ينادي(صلى الله
عليه وآله): «أيّها الناس هلمّوا إليّ، أنا رسول الله محمّد بن عبد الله»،
فلا يأتيه أحد! ولمّا رأى(صلى الله عليه وآله) هزيمة القوم عنه قال للعباس ـ
وكان صيّتاً جهوري الصوت: «ناد القوم وذكّرهم العهد»، فنادى بأعلى صوته:
يا أهل بيعة الشجرة، يا أصحاب سورة البقرة! إلى أين تفرّون؟ اذكروا العهد
الذي عاهدتم عليه رسول الله(صلى الله عليه وآله)(2). الذين ثبتوا ولم ينهزموا


إنّ الذين ثبتوا مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوم حُنين بعد
هزيمة الناس هم: علي بن أبي طالب(عليه السلام)، والعباس بن عبد المطّلب،
والفضل بن العباس بن عبد المطّلب، وربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب، ونوفل
بن الحارث بن عبد المطّلب، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطّلب، وعتبة
ومعتب ابنا أبي لهب، وأيمن بن عبيد، وهو ابن أُمّ أيمن مولاة رسول
الله(صلى الله عليه وآله) وحاضنته، وقد قُتل يوم حُنين. وقال العباس بن عبد المطّلب في ذلك:

نصرنا رسول الله في الحرب تسعة ** وقد فرّ مَن قد فرّ منهم واقشعوا

وقولي إذا ما الفضل شدّ بسيفه ** على القوم أُخرى يا بُني ليرجعوا

وعاشرنا لاقى الحمام بسيفه ** بما مسّه في الله لا يتوجّع
يعني أيمن بن عبيد.
وقال الشيخ المفيد(قدس سره): «لم يبق مع النبي(صلى الله عليه وآله)
إلّا عشرة نفر، تسعة من بني هاشم خاصّة، والعاشر أيمن ابن أُمّ أيمن»(3). هزيمة العدو ونصرة المسلمين


قال الشيخ المفيد(قدس سره): «وأقبل رجل من هوازن على جمل له أحمر
بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام القوم، إذا أدرك ظفراً من المسلمين
اكبّ عليهم، وإذا فاته الناس رفعه لمن وراءه من المشركين فاتّبعوه، وهو
يرتجز ويقول:
أنا أبو جرول لا براح ** حتّى نبيح القوم أو نباح
فصمد له علي(عليه السلام) فضرب عجز بعيره فصرعه، ثمّ ضربه فقطره، ثمّ قال:

قد علم القوم لدى الصباح ** إنّي في الهيجاء ذو نطاح
فكانت هزيمة المشركين بقتل أبي جرول، ثمّ التأم الناس وصُفّوا
للعدو، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «اللّهمّ إنّك أذقت أوّل قريش
نكالاً، فأذق آخرها نوالاً»، وتجالد المسلمون والمشركون، فلمّا رآهم
النبي(صلى الله عليه وآله) قام في ركابي سرجه حتّى أشرف على جماعتهم،
وقال: «الآن حمي الوطيس»:
أنا النبي لا كذب ** أنا ابن عبد المطّلب
فما كان بأسرع من أن ولّى القوم أدبارهم، وجيء بالأسرى إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) مكتّفين(4).
قال سلمة بن الأكوع: «ونزل رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن
البغلة، ثمّ قبض قبضة من تراب، ثمّ استقبل به وجوههم وقال: "شاهت الوجوه"،
فما خلق الله منهم إنساناً إلّا ملأ عينيه تراباً بتلك القبضة، فولّوا
مدبرين، واتبعهم المسلمون فقتلوهم، وغنّمهم الله نساءهم وذراريهم وشاءهم
وأموالهم»(5). ولمّا انهزم المشركون أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف، وعسكر بعضهم بأوطاس، وتوجّه بعضهم نحو نخلة.
ثمّ جُمعت إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) سبايا حُنين
وأموالها، فأمر رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالسبايا والأموال إلى
الجعرانة فحُبست بها، وأخّر قسمتها حتّى رجع من حصار الطائف. نزول آيات قرآنية


وحول ما حصل في حُنين من فرار الناس عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنزل الله تعالى قوله: )وَيَوْمَ
حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً
وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثمّ وَلّيْتُم مُّدْبِرِينَ
ثمّ أَنَزلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ
وَأَنزَلَ جُنُودًا لّمْ تَرَوْهَا(
(6).
قال الشيخ المفيد(قدس سره): «يعني بالمؤمنين علياً ومن ثبت معه من
بني هاشم، أو عامّة المؤمنين الذين رجعوا بعد الهزيمة، وكان رجوعهم
بثباته(عليه السلام) ومن معه، ومحاماته عن النبي(صلى الله عليه وآله)،
وحفظه من القتل»(7). غزوة أوطاس والطائف


قال الشيخ المفيد(قدس سره): «ولمّا فضّ الله جمع المشركين بحُنين،
تفرّقوا فرقتين: فأخذت الأعراب ومن تبعهم إلى أوطاس، وأخذت ثقيف ومن تبعها
إلى الطائف، فبعث النبي(صلى الله عليه وآله) أبا عامر الأشعري إلى أوطاس
في جماعة منهم أبو موسى الأشعري. وبعث أبا سفيان صخر بن حرب إلى الطائف، فأمّا أبو عامر فإنّه
تقدّم بالراية، وقاتل حتّى قُتل، فقال المسلمون لأبي موسى: أنت ابن عمّ
الأمير وقد قُتل، فخذ الراية حتّى تقاتل دونها، فأخذها أبو موسى فقاتل
المسلمون حتّى فتح الله عليهم. وأمّا أبو سفيان فإنّه لقيته ثقيف فضربوه على وجهه، فانهزم ورجع
إلى النبي(صلى الله عليه وآله)، فقال: بعثتني مع قوم لا يرقع بهم الدلاء
من هذيل والأعراب، فما أغنوا عنّي شيئاً! فسكت النبي(صلى الله عليه وآله)
عنه. ثمّ سار بنفسه(صلى الله عليه وآله) إلى الطائف فحاصرهم أيّاماً،
وأنفذ علياً(عليه السلام) في خيل وأمره أن يطأ ما وجده، ويكسر كلّ صنم
وجده، فخرج حتّى لقيته خيل خثعم في جمع كثير، فبرز له رجل من القوم يقال
له شهاب في غبش الصبح. فقال: هل من مبارز؟ فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): "من له"؟
فلم يقم إليه أحد، فقام إليه أمير المؤمنين(عليه السلام) فوثب أبو العاص
بن الربيع، فقال: تكفاه أيّها الأمير، فقال: "لا، ولكن إن قُتلت فأنت على
الناس"، فبرز إليه علي(عليه السلام) وهو يقول:
إنّ على كلّ رئيس حقّاً ** إن يروي الصعدة أو تدقّا
ثمّ ضربه وقتله، مضى في تلك الخيل حتّى كسر الأصنام، وعاد إلى رسول
الله(صلى الله عليه وآله) وهو محاصر لأهل الطائف، فلمّا رآه النبي(صلى
الله عليه وآله) كبّر للفتح، وأخذ بيده فخلا به وناجاه طويلاً»(8). خلوة النبي(صلى الله عليه وآله) بعلي(عليه السلام)


قال جابر بن عبد الله الأنصاري: «إنّ رسول الله(صلى الله عليه
وآله) لمّا خلا بعلي يوم الطائف، أتاه بعض المهاجرين فقال: أتناجيه دوننا،
وتخلو به؟ فقال: "ما أنا انتجيته، بل الله انتجاه"، فأعرض وهو يقول: هذا
كما قلت لنا قبل الحُديبية لتدخلنّ المسجد الحرام إن شاء الله آمنين فلم
ندخله، وصُددنا عنه، فناداه النبي(صلى الله عليه وآله): "لم أقل لكم أنّكم
تدخلونه من ذلك العام"(9). تقسيم الغنائم


رجع رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى الجعرانة بمن معه من الناس،
وقسّم بها ما أصاب من الغنائم يوم حُنين، وهي: ستّة آلاف من الذراري
والنساء، ومن البهائم ما لا يُحصى ولا يُدرى(10). من السبايا


وقد كان فيما سُبي أُخته بنت حليمة السعدية، فلمّا قامت على رأسه
قالت: يا محمّد أُختك شيماء بنت حليمة، فنزع رسول الله(صلى الله عليه
وآله) برده فبسطه لها فأجلسها عليه، ثمّ أكبّ عليها يسألها، وهي التي كانت
تحضنه إذ كانت أُمّها ترضعه(11). ـــــــــــــــــــــــــــ
1. اُنظر: أعيان الشيعة 1/278.
2و3 المصدر السابق 1/279.
4. الإرشاد 1/142.
5. بحار الأنوار 21/167.
6. التوبة: 25 ـ 26.
7. أعيان الشيعة 1/279.
8. الإرشاد 1/151.
9. أعيان الشيعة 1/281.
10. اُنظر: تفسير مجمع البيان 5/36.
11. إعلام الورى بأعلام الهدى 1/239.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نوجا مصرية
 
 
avatar


انثى
عدد المساهمات : 1939
غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم 7aV76083
الدولة : مصر
النواية الحسنه
تاريخ التسجيل : 06/12/2010
مزاجى : غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم 665449037
المهنة : غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم Profes10

غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم   غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم I_icon10الخميس 21 أبريل - 16:29

غزوة بني قريظة(1)


مقدّمة


كان بالمدينة المنوّرة ثلاثة أبطن من اليهود؛ بنو النضير وقريظة
وقينقاع، وكان بينهم وبين رسول الله(صلى الله عليه وآله) عهد ومُدّة. نقض بني قريظة العهد


لمّا رجع رسول الله(صلى الله عليه وآله) من معركة الخندق نقض بنو
قريظة العهد، فأرسل رسول الله(صلى الله عليه وآله) الإمام علي(عليه
السلام) إليهم، وأعطاه اللواء بيده، وأمره أن ينطلق حتّى يقف بهم على حصن
بني قريظة. فتحرّك(عليه السلام) وهو يقول: «والله لأذوقن ما ذاق حمزة أو
لأفتحنّ حصنهم»، فلمّا دنا من الحصن سمع منهم مقالة قبيحة لرسول الله(صلى
الله عليه وآله)، فرجع حتّى لقي رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالطريق،
فقال: «يا رسول الله! لا عليك أن لا تدنو من هؤلاء الأخابث». قال: «أظنّك سمعت لي منهم أذى»؟ فقال: «نعم يا رسول الله»، فقال: «لو قد رأوني لم يقولوا من ذلك شيئاً».
خروج النبي(صلى الله عليه وآله) إلى بني قريظة


خرج النبي(صلى الله عليه وآله) ومعه ثلاثة آلاف من المسلمين، ومعهم ستّة وثلاثون فرساً.
تاريخ الخروج


23 ذو القعدة 5ﻫ.
مدّة المحاصرة


حاصرهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) خمساً وعشرين ليلة، حتّى أجهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرعب.
استشارة كعب بن أسد


لمّا أيقن كعب بن أسد ـ رئيس بني قريظة ـ أنّ النبي(صلى الله عليه
وآله) غير منصرف عنهم حتّى يناجزهم، فقال لهم: يا معشر اليهود، قد نزل بكم
من الأمر ما ترون، إنّي عارض عليكم خلالاً ثلاثاً، فخذوا بما شئتم منها: 1ـ نبايع هذا الرجل ونصدّقه، فوالله لقد تبيّن لكم أنّه نبي
مرسل، وأنّه الذي تجدونه في كتابكم، فتأمنوا على دمائكم وأموالكم ونسائكم.
قالوا: لا نفارق حكم التوراة أبداً، ولا نستبدل به غيره.
2ـ فإذا أبيتم على هذا، فهلمّوا فلنقتل أبناءنا ونساءنا، ثمّ نخرج
إلى محمّد رجالاً مصلتين بالسيوف، ولم نترك وراءنا ثقلاً يهمّنا حتّى يحكم
الله بيننا وبين محمّد، فإن نهلك نهلك ولم نترك وراءنا نسلاً يهمّنا، وإن
نظهر لنجدنّ النساء والأبناء. فقالوا: نقتل هؤلاء المساكين؟ فما خير في العيش بعدهم.
3ـ فإن أبيتم على هذه، فإنّ الليلة ليلة السبت، وعسى أن يكون محمّد وأصحابه قد أمنوا فيها، فانزلوا فعلّنا نصيب منهم غرّة.
فقالوا: نفسد سبتنا؟ ونحدث فيه ما أحدث من كان قبلنا فأصابهم ما قد علمت من المسخ؟
فقال: ما بات رجل منكم منذ ولدته أُمّه ليلة واحدة من الدهر حازماً.
حكم سعد فيهم


بعثوا إلى النبي(صلى الله عليه وآله) أن أرسل إلينا أبا لبابة بن
عبد المنذر، نستشيره في الأمر، وكان أبو لبابة مناصحاً لهم؛ لأنّ عياله
وذرّيته وماله كانت عندهم. فأرسله(صلى الله عليه وآله) إليهم، فلمّا رأوه قاموا إليه يبكون،
وقالوا له: كيف ترى أن ننزل على حكم محمّد؟ قال: نعم ـ وأشار بيده إلى
حلقه ـ إنّه الذبح. قال أبو لبابة: فوالله ما زلّت قدماي حتّى علمت أنّي
خنت الله ورسوله. وأوحى الله إلى نبيّه(صلى الله عليه وآله) في أمر أبي
لبابة. فندم أبو لبابة، ومضى على وجهه حتّى أتى المسجد، وربط نفسه على
سارية من سواري المسجد تائباً لله، وحلف ألا يحلّه إلّا النبي(صلى الله
عليه وآله) أو يموت، فبلغ ذلك النبي(صلى الله عليه وآله) فقال: «دعوه حتّى
يتوب الله عليه»، ثمّ إنّ الله تاب عليه، وأنزل توبته وحلّه النبي(صلى
الله عليه وآله). ثمّ سألوا رسول الله(صلى الله عليه وآله) أن يحكّم فيهم رجلاً،
فقال لهم(صلى الله عليه وآله): «اختاروا من شئتم من أصحابي»، فاختاروا سعد
بن معاذ، فرضي بذلك النبي(صلى الله عليه وآله)، فنزلوا على حكم سعد بن
معاذ. فقال سعد: لقد آن لسعد أن لا يأخذه في الله لومة لائم. ثمّ حكم
فيهم بقتل الرجال، وسبي النساء والذراري، وأخذ الأموال، فكبّر رسول
الله(صلى الله عليه وآله) وقال لسعد: «لقد حكمت فيهم بحكم الله عزّ وجلّ»،
فأجرى عليهم ما حكم به سعد. فضُربت أعناقهم عن آخرهم، وكانوا ستمائة مقاتل أو سبعمائة، ولم
ينج منهم إلّا نفر يسير آمنوا قبل تقتيلهم، وسبيت النساء إلّا امرأة واحدة
ضُربت عنقها، وهي التي طرحت على رأس خلّاد بن السويد بن الصامت رحى
فقتلته. ــــــــــــــــــــــــ
1. اُنظر: تفسير مجمع البيان 8/148، تفسير الميزان 9/128.فتح خيبر


مكان فتح خيبر


خيبر بلسان اليهود: الحصن، وهي مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع ونخل كثير، وهي تبعد مسيرة يومين عن المدينة المنوّرة.
وكانت خيبر منقسمة إلى شطرين، شطر فيها خمسة حصون، وهي: حصن ناعم، حصن
الصعب بن معاذ، حصن قلعة الزبير، حصن أبي، حصن النزار، والحصون الثلاثة
الأُولى تقع في منطقة يقال لها (النطاة)، وأمّا الحصنان الآخران فيقعان في
منطقة تسمّى بالشق.
أمّا الشطر الثاني ويُعرف بالكتيبة، ففيه ثلاثة حصون فقط: حصن القموص، حصن الوطيح، حصن السلالم.
تاريخ فتح خيبر


سار الجيش الإسلامي لفتح خيبر في جمادى الأُولى 7ﻫ، وقد تمّ فتح خيبر
في 24 رجب 7ﻫ على أغلب الأقوال، حيث حاصرهم رسول الله(صلى الله عليه وآله)
بضعاً وعشرين ليلة.
سبب التوجّه لفتح خيبر


لم يكن بين رسول الله(صلى الله عليه وآله) وبين يهود خيبر عهد، بخلاف
بني قنيقاع والنضير وقريضة، فقد كان بين الرسول(صلى الله عليه وآله)
وبينهم عهد، ومعنى ذلك أنّ النبي(صلى الله عليه وآله) توجّه إليهم ليدعوهم
إلى الإسلام أو قبول الجزية أو الحرب، فلمّا لم يسلموا ولم يقبلوا الجزية
حاربهم.
وكان يهود خَيبر مضاهرين ليهود غطفان على رسول الله(صلى الله عليه
وآله)، وغطفان قصدت خيبر ليضاهروا اليهود فيها، ثمّ خافوا المسلمين على
أهليهم وأموالهم فرجعوا، فكان هذا سبب خروج النبي(صلى الله عليه وآله)
إليهم.
عدّة وعدد المسلمين


كان المسلمون في هذه الغزوة 1400 شخصاً، ومعهم 200 فرس.
الاقتراب من خيبر


ذكر ابن إسحاق بإسناده، عن أبي مروان الأسلمي، عن أبيه، عن جدّه قال:
خرجنا مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى خيبر حتّى إذا كنّا قريباً
منها وأشرفنا عليها، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «قفوا»، فوقف
الناس، فقال: «اللّهمّ ربّ السماوات السبع وما أظللن، وربّ الأرضين السبع
وما أقللن، وربّ الشياطين وما أظللن، إنّا نسألك خير هذه القرية، وخير
أهلها، وخير ما فيها، ونعوذ بك من شرّ هذه القرية، وشرّ أهلها، وشرّ ما
فيها، أقدموا باسم الله»(1).
التعسكر حول خيبر


وصل الجيش الإسلامي إلى خيبر ليلاً، فعسكروا حوله، فلمّا طلعت الشمس،
وأصبح اليهود، فتحوا حصونهم وغدوا إلى أعمالهم، فلمّا نظروا إلى رسول
الله(صلى الله عليه وآله) قالوا: محمّد والخميس ـ أي الجيش ـ وولّوا
هاربين إلى حصونهم.
فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «الله أكبر، خربت خيبر، إنّا إذا
نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين»(2)، فحاصرهم بضع عشرة ليلة، وكان
أوّل حصونهم قد افتتح هو حصن ناعم، ثمّ القموص، ثمّ حصن الصعب بن معاذ،
ثمّ الوطيح والسلالم، وكان آخر الحصون فتحاً حصن خيبر.
إعطاء الراية لعلي(عليه السلام)


بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله) أبا بكر برايته ـ وكانت بيضاء ـ لفتح خيبر، ولكن رجع أبو بكر ولم يَكُ فتح وقد جهد.
ثمّ بعث(صلى الله عليه وآله) في الغد عمر بن الخطّاب برايته ومعه
الناس، فلم يلبثوا أن هزموا عمر وأصحابه، فجاؤوا يجبِّنُونه ويجبِّنُهم
كسابقه.
وخرجت كتائب اليهود يتقدّمهم ياسر أو ناشر ـ أخ مرحب ـ فكشفت الأنصار
حتّى انتهوا إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فاشتدّ ذلك على رسول
الله، وقال(صلى الله عليه وآله): «لأبعثنّ غداً رجلاً يُحبّ اللهَ ورسولَه
ويحبّانه، لا يولّي الدبر، يفتح الله على يديه»(3).
وفي رواية أُخرى: «لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه
الله ورسوله، كرّار غير فرار، لا يرجع حتّى يفتح الله على يديه»(4)،
فتطاولت الأعناق لترى لمن يعطي الراية غداً، ورجا كلّ واحد من قريش أن
يكون صاحب الراية غداً.
وكان الإمام علي(عليه السلام) أرمد العين، فدعاه(صلى الله عليه وآله)،
فقيل له: إنّه يشتكي عينيه، فلمّا جاء الإمام علي(عليه السلام) أخذ(صلى
الله عليه وآله) من ماء فمه، ودَلّك عينيه، فبرئتا حتّى كأن لم يكن بهما
وجع.
ثمّ قال(صلى الله عليه وآله): «اللّهمّ أكفه الحرّ والبرد»، فما اشتكى
من عينيه، ولا من الحرّ والبرد بعد ذلك أبداً، فعقد(صلى الله عليه وآله)
للإمام(عليه السلام) ودفع الراية إليه، وقال له: «قاتل ولا تلتفت حتّى
يفتح الله عليك».
فقال الإمام علي(عليه السلام): «يا رسول الله، علام أُقاتلهم»؟
فقال(صلى الله عليه وآله): «على أن يشهدوا أن لا إله إلّا الله، وأنِّي
رسول الله، فإذا فعلوا ذلك حقنوا منِّي دماءهم وأموالهم إلّا بحقِّها،
وحسابهم على الله عزّ وجلّ»(5).
وزاد في رواية: «واخبرهم بما يجب عليهم من حقّ الله، فوالله لأن يهدي
الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم تتصدّق بها في سبيل
الله»(6).
خروج الإمام علي(عليه السلام) لخيبر


قال سلمه: فخرج ـ الإمام(عليه السلام) ـ والله يُهروِل وأنا خلفه،
نتّبع أثره، حتّى ركز رايته تحت الحصن، فاطّلع إليه يهودي من رأس الحصن،
فقال: من أنت؟ قال: «أنا علي بن أبي طالب»، فقال اليهودي: علوتم أو غلبتم.
وخرج إليه أهل الحصن، وكان أوّل من خرج إليه أخ مرحب وكان فارساً
شجاعاً، فانكشف المسلمون وثبت الإمام علي(عليه السلام)، فتضاربا فقتله
الإمام علي(عليه السلام)، وانهزم اليهود إلى الحصن.
فلمّا علم مرحب بمقتل أخيه نزل مسرعاً وقد لبس درعين وتقلّد بسيفين
واعتمّ بعمامتين، ولبس فوقهما مغفراً وحجراً قد أثقبه قدر البيضة لعينيه،
ومعه رمح لسانه ثلاثة أشبار، وهو يرتجز ويقول:

قَدْ علِمَت خَيْبَرُ أنِّي مَرْحَبُ ** شَاكي السلاح بَطلٌ مُجرّبُ

أطعنُ أحياناً وحِيناً أضرِبُ ** إذا اللُّيوث أقبلَتْ تَلتَهِبُ
فردّ علي(عليه السلام) عليه، وقال:

أنَا الذي سَمّتْني أُمِّي حَيْدَرة ** أكِيلُكُم بالسَيف كَيل السندَرَة

لَيثٌ بِغابَاتٍ شَديد قَسوَرَة
وحيدرة: اسم من أسماء الأسد، فاختلفا ضربتين، فبدره الإمام علي(عليه
السلام) فضربه فقدّ الحجر والمغفر ورأسه، حتّى وقع السيف في أضراسه فقتله.
فكبّر الإمام علي(عليه السلام) وكبّر معه المسلمون، فانهزم اليهود إلى
داخل الحصن وأغلقوا باب الحصن عليهم، وكان الحِصنُ مُخندقاً حوله، فتمكّن
الإمام علي(عليه السلام) من الوصول إلى باب الحصن، فعالجه وقلعه، وأخذ باب
الحصن الكبيرة العظيمة التي طولها أربعون ذراعاً، فجعلها جسراً فعبر
المسلمون الخندق، وظفروا بالحصن ونالوا الغنائم(7)؟
قال الإمام الباقر(عليه السلام): «انتهى ـ أي علي(عليه السلام) ـ إلى
باب الحصن، وقد أُغلق في وجهه، فاجتذبه اجتذاباً وتترّس به، ثمّ حمله على
ظهره، واقتحم الحصن اقتحاماً، واقتحم المسلمون والباب على ظهره، فوالله ما
لقيَ عليٌّ من الناس تحت الباب أشدّ ممّا لقيَ من الباب، ثمّ رمى بالباب
رمياً»(8).
وقد حاول حمل هذا الباب أربعون رجلاً فلم يتمكّنوا، حتّى تكاملوا سبعين فتمّ لهم حمله، قال ابن أبي الحديد المعتزلي في ذلك:

يا قالع الباب التي عن هزّها ** عجزت أكفّ أربعون وأربعُ
فلمّا فرغ(عليه السلام) من فتح خيبر قال: «والله ما قلعتُ بابَ خيبر
وقذفتُ به ورائي أربعين ذراعاً، لم تحس أعضائي بقوّةٍ سدية وحركة غريزية
بشرية، ولكنّي أُيِّدت بقوّة ملكوتية، ونفسٍ بنور ربّها مضيئة، وأنا من
أحمد(صلى الله عليه وآله) كالضوء من الضوء، لو تظاهرت العرب على قتالي لما
ولّيت، ولو أردت أن أنتهز فرصة من رقابها لما بقيت، ومن لم يبالِ متى حتفه
عليه ساقط، كان جنانه في الملمّات رابط»(9).
شعر حسّان بن ثابت في ذلك


لمّا دفع رسول الله(صلى الله عليه وآله) الراية إلى أمير المؤمنين علي(عليه السلام)، أنشأ حسّان بن ثابت بهذه المناسبة شعراً:

وكان علي أرمد العين يبتغي ** دواءً فلمّا لم يحسّ مداويا

شفاه رسول الله منه بتفلة ** فبورك مرقياً وبورك راقيا

فقال سأُعطي الراية اليوم ** صارماً كَمِيّاً محبّاً للرسول مواليا

يحبّ إلهي والإله يحبّه به ** به يفتح الله الحصون العواليا

فأصفى بها دون البريّة كلّها ** علياً وسمّاه الوزير المؤاخيا(10).
شعر ابن أبي الحديد في ذلك



ألم تخبر الأخبار في فتح خيبر ** ففيها لذي اللب الملب أعاجيب

وفوز علي بالعلى فوزها به ** فكلّ إلى كلّ مضاف ومنسوب(11).
قول رسول الله(صلى الله عليه وآله) لعلي(عليه السلام)


قال الإمام علي(عليه السلام): «قال لي رسول الله(صلى الله عليه وآله)
يوم فَتحتُ خيبر: لولا أن تقول فيك طوائف من أُمّتي ما قالت النصارى في
عيسى بن مريم، لقلت فيك اليوم مقالاً بحيث لا تمرّ على ملأ من المسلمين
إلّا أخذوا من تراب رجليك وفضل طهورك؛ يستَشفُون به، ولكن حسبك أن تكون
منّي وأنا منك ترثني وأرثك، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنّه لا
نبي بعدي.
يا علي، أنت تؤدّي ديني وتقاتل على سنّتي، وأنت في الآخرة أقرب الناس
منّي، وإنّك على الحوض خليفتي تذود عنه المنافقين، وأنت أوّل من يرد عليَّ
الحوض، وأنت أوّل داخلٍ في الجنّة من أُمّتي، وأنّ شيعتك على منابرٍ من
نور، رواء مرويون مُبيضّة وجوههم حولي، أشفع لهم، فيكونون غداً في الجنّة
جيراني، وأنّ أعداءك غداً ظِماءٌ مُظمَئون مسودّةٌ وجوههم، مُقمَحون
ومُقمَعون يُضرَبون بالمقامع، وهي سياط من نار مقتحمين.
حربك حربي، وسلمك سلمي، وسرّك سرّي، وعلانيتك علانيتي، وسريرة صدرك
كسريرة صدري، وأنت باب علمي، وأنّ ولدك ولدي، ولحمك لحمي، ودمك دمي، وأنّ
الحقّ معك، والحقّ على لسانك وفي قلبك وبين عيكتابة، والإيمان مخالط لحمك
ودمك كما خالط لحمي ودمي، وأنّ الله عزّ وجلّ أمرني أن أُبشّرك أنّك أنت
وعترتك في الجنّة، وعدوّك في النار، لا يرد عليَّ الحوض مبغض لك، ولا يغيب
عنه محبّ لك»(12).
قال علي(عليه السلام): «فخررت ساجداً لله تعالى وحمدته على ما أنعمه
عليّ من الإسلام والقرآن، وحبّبني إلى خاتم النبيّين وسيّد المرسلين(صلى
الله عليه وآله)»(13).
فرحتان في وقتٍ واحد


لمّا افتتح رسول الله(صلى الله عليه وآله) خيبر أتاه البشير بقدوم جعفر
بن أبي طالب وأصحابه من الحبشة إلى المدينة، فقال: «ما أدري بأيّهما أنا
أَسَرُّ، بفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟»(14).
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: «لمّا قدم جعفر بن أبي طالب(عليه
السلام) من أرض الحبشة، تلقّاه رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فلمّا نظر
جعفر إلى رسول الله حجل ـ يعني مشى على رجلٍ واحدة ـ إعظاماً لرسول الله،
فقبّل رسول الله(صلى الله عليه وآله) ما بين عينيه»(15).
وروى زرارة عن الإمام الباقر(عليه السلام): «إنّ رسول الله(صلى الله
عليه وآله) لمّا استقبل جعفراً التزمه ثمّ قبّل بين عينيه»، قال: «وكان
رسول الله(صلى الله عليه وآله) بعث قبل أن يسير إلى خيبر عمرو بن أُمية
الضمري إلى النجاشي عظيم الحبشة، ودعاه إلى الإسلام فأسلم، وكان أمر عمراً
أن يتقدّم بجعفر وأصحابه، فجهّز النجاشي جعفراً وأصحابه بجهازٍ حسن، وأمر
لهم بكسوة وحملهم في سفينتين»(16).
مناقب الإمام علي(عليه السلام)


قال الحارث بن مالك: أتيت مكّة فلقيت سعد بن وقّاص، فقلت: هل سمعت
لعليّ منقبة؟ قال: شهدت أربعاً لأن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليَّ من
الدنيا أُعمّر فيها مثل عمر نوح(عليه السلام):
الأُولى: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) بعث أبا بكر ببراءة إلى
مشركي قريش، فسار بها يوماً وليلة، ثمّ قال لعلي: «اتبع أبا بكر فخذها
فبلّغها، وردّ عليّ أبا بكر»، فرجع أبو بكر، فقال لرسول الله: أنزل فيَّ
شيء؟ قال: «لا إلّا خير، إلّا أنّه ليس يبلّغ عنّي إلّا أنا أو رجل منّي ـ
أو قال: من أهل بيتي ـ».
الثانية: كنّا مع النبي(صلى الله عليه وآله) فنودي فينا ليلاً: ليخرج من في المسجد إلّا آل رسول الله(صلى الله عليه وآله) وآل علي.
فخرجنا نجرّ نعالنا، فلمّا أصبحنا أتى العباس النبي(صلى الله عليه
وآله) فقال: يا رسول الله، أخرجت أعمامك وأصحابك، وأسكنت هذا الغلام؟ فقال
رسول الله(صلى الله عليه وآله): «ما أنا أمرت بإخراجكم ولا إسكان هذا
الغلام، إنّ الله هو الذي أمر به».
والثالثة: إنّ نبي الله(صلى الله عليه وآله) بعث عمر وسعد إلى خيبر،
فخرج عمر وسعد، فرجع عمر، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «لأعطينّ
الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله...»، إلى أن قال: فدعا
علياً، فقالوا: إنّه أرمد، فجيء به يُقاد، فقال له: «افتح عينك»، قال: «لا
أستطيع». قال: فتفل في عينيه ريقه، ودلّكهما بإبهامه، وأعطاه الراية.
والرابعة: يوم غدير خم، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) فأبلغ، ثمّ
قال: «أيّها الناس، ألستُ أولى بالمؤمنين من أنفسهم»؟ ثلاث مرّات، قالوا:
بلى.
قال: «أدن يا علي»، فرفع يده ورفع رسول الله(صلى الله عليه وآله) يده
حتّى نظرت إلى بياض إبطيه، فقال: «من كنتُ مولاه فعليّ مولاه» حتّى قالها
ثلاث مرّات(17).
ـــــــــــــــــــــــــ
1ـ تفسير مجمع البيان 9/200.
2ـ صحيح البخاري 1/152.
3ـ المستدرك على الصحيحين 3/38، المعجم الصغير 2/11.
4ـ اُنظر: تاريخ مدينة دمشق 41/219.
5ـ أعيان الشيعة 1/270.
6ـ صحيح البخاري 4/207، 5/77.
7ـ أعيان الشيعة 1/271.
8ـ إعلام الورى بأعلام الهدى 1/208.
9ـ عيون المعجزات: 7.
10ـ الإرشاد 1/128.
11ـ الوافي بالوفيات 18/48.
12ـ ينابيع المودّة 1/200، الأمالي للصدوق: 156.
13ـ حلية الأبرار 2/70.
14ـ المستدرك 3/208، البداية والنهاية 3/98.
15ـ ذخائر العقبى: 214، المعجم الأوسط 6/334.
16ـ بحار الأنوار 21/23.
17ـ شرح إحقاق الحق 22/343، نقلاً عن مختصر تاريخ دمشق 17/130.غزوة ذات الرقاع


تاريخ الغزوة



1 محرّم 4ﻫ.
اختلف المؤرّخون في تاريخها، فقال بعض: هي بعد غزوة بني النضير في
السنة الرابعة: في شهر محرّم، وبعض قال: في شهر ربيع الآخر، وقال آخرون:
في جمادى الأُولى، وقيل: كانت في سنة خمس. سبب الغزوة



قدم قادم إلى المدينة، فأخبر أنّ أنماراً وثعلبة وغطفاناً قد جمعوا
جموعاً لغزو المسلمين، فلمّا بلغ النبيّ(صلى الله عليه وآله) ذلك استخلف
على المدينة أبا ذر الغفّاري، وخرج في أربعمئة رجلاً، وقيل سبعمئة، فمضى
حتّى أتى محالّهم بذات الرقاع، وهي جبل، فلم يجد إلّا النسوة فأُخذن،
وهربت الأعراب إلى رؤوس الجبال. وحضرت الصلاة فصلّى(صلى الله عليه وآله)
بهم صلاة الخوف؛ لأنّه خاف من الهجوم عليه في الصلاة، ثمّ انصرف راجعاً
إلى المدينة. سبب تسميتها



قد اختلفت كلمات المؤرّخين في سبب تسمية هذه الغزوة بذات الرقاع، فقيل:
إنمّا سُمّيت بذلك لأجل جبل هناك فيه بقع حمرة وسواد وبياض فسُمّي ذات
الرقاع، وقيل: إنّما سُمّيت بذلك لأنّ أقدامهم َنقِبَت وتقرّحت فيها،
فكانوا يلفّون على أرجلهم الخرق، وهي الرقاع، وقيل: سُمّيت بذلك لأنّ
المسلمين رقعوا راياتهم فيها. وتُسمّى هذه الغزوة أيضاً بغزوة الأعاجيب؛ لما وقع فيها من أُمور
عجيبة، وتُسمّى أيضاً بغزوة محارب، وغزوة بني ثعلبة، وغزوة بني أنمار. كرامة لرسول الله(صلى الله عليه وآله)



قال الإمام الصادق(عليه السلام): «نزل رسول الله(صلى الله عليه وآله)
في غزوة ذات الرقاع تحت شجرة على شفير وادٍ، فأقبل سيل فحال بينه وبين
أصحابه، فرآه رجل من المشركين، والمسلمون قيام على شفير الوادي ينتظرون
متى ينقطع السيل. فقال رجل من المشركين لقومه: أنا أقتل محمّداً، فجاء وشدّ على
رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالسيف، ثمّ قال: مَن ينجيك منّي يا محمّد؟
فقال(صلى الله عليه وآله): "ربّي وربّك"، فنسفه جبرئيل(عليه السلام) عن
فرسه فسقط على ظهره، فقام رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأخذ السيف وجلس
على صدره وقال: "مَن ينجيك منّي يا غورث"؟ فقال: جودك وكرمك يا محمّد،
فتركه(صلى الله عليه وآله)، فقام وهو يقول: والله لأنت خير منّي
وأكرم»(1). معجزة لرسول الله(صلى الله عليه وآله)



لقي(صلى الله عليه وآله) في غزوة ذات الرقاع رجلاً من محارب يُقال له:
عاصم، فقال له: يا محمّد أتعلم الغيب؟ قال: «لا يعلم الغيب إلّا الله». قال: والله لجملي هذا أحبّ لي من إلهك، قال(صلى الله عليه وآله):
«لكنّ الله قد أخبرني من علم غيبه أنّه تعالى سيبعث عليك قرحة في مسبل
لحيتك حتّى تصل إلى دماغك فتموت ـ والله ـ إلى النار». فرجع فبعث الله قرحة فأخذت في لحيته حتّى وصلت إلى دماغه، فجعل يقول: لله در القرشي إن قال بعلم، أو زجر فأصاب(2).
ـــــــــــــــــــــــــ
1ـ الكافي 8/127.
2ـ الخرائج والجرائح 1/104.غزوة تبوك


تاريخ الغزوة



1 رجب 9ﻫ، خرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى غزوة تبوك، وهي آخر غزوة غزاها ، وتُسمّى بغزوة العُسرة أي الشدّة.
سبب الغزوة


كان سبب الغزوة أنّ بعض التجّار قدموا من الشام إلى المدينة،
فأشاعوا فيها، أنّ الروم قد اجتمعوا يريدون غزو رسول الله(صلى الله عليه
وآله) في عسكرٍ عظيم، وأنّ هرقل قد سار في جمع جنوده، وجلب معهم غسان
وجذام وبهراء وعاملة، وقد قدم عساكره البلقاء ـ هي النصف الجنوبي لشرقي
الأردن ـ، ونزل هو حمص. فأرسل رسول الله(صلى الله عليه وآله) أصحابه إلى تبوك وهي من
بلاد البلقاء، وبعث إلى القبائل حوله وإلى مكّة وإلى من أسلم من خزاعة
ومزينة وجهينة؛ فحثّهم على الجهاد والغزو. وقد بيّن(صلى الله عليه وآله) للناس بُعد السفر وشدّة الحر وكثرة
العدو؛ ليتأهّبوا، وأمر أصحاب الأموال أن يعينوا من لا قوّة به، ومن كان
عنده شيء أخرجه، فتحملّوا صدقات كثيرة، وكان ذلك في زمن عسرة من الناس
وشدّة، فسُمّي ذلك الجيش بجيش العُسرة. وضرب رسول الله(صلى الله عليه وآله) عسكره فوق ثنية الوداع بمن
تبعه من المهاجرين وقبائل العرب وبني كنانة وأهل تهامة ومزينة وجهينة وطي
وتميم. واستعمل الزبير على راية المهاجرين، وطلحة بن عبيد الله على الميمنة، وعبد الرحمن بن عوف على الميسرة.
وسار رسول الله(صلى الله عليه وآله)حتّى نزل الجرف ـ تبعد ميل أو
فرسخ من المدينة ـ، فلمّا انتهى إلى الجرف لحقه الإمام علي(عليه السلام)،
وأخبره بما قاله المنافقون في حقّه. استخلاف الإمام علي(عليه السلام)


لمّا أراد النبي(صلى الله عليه وآله) الخروج إلى غزوة تبوك، استخلف
الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) في أهله وولده وأزواجه ومهاجره. فقال له: «يا علي إنّ المدينة لا تصلح إلّا بي أو بك»(1)، فحسده
أهل النفاق، وعظم عليهم مقامه فيها بعد خروج النبي(صلى الله عليه وآله)،
وعلموا أنّها تتحرّس به، ولا يكون للعدو فيها مطمع، فساءهم ذلك؛ لما
يرجونه من وقوع الفساد والاختلاف عند خروج النبي(صلى الله عليه وآله) عن
المدينة، فأرجفوا به(عليه السلام) وقالوا: لم يستخلفه رسول الله إكراماً
له ولا إجلالاً ومودة، وإنّما استخلفه استثقالاً له. فلمّا بلغ الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) إرجاف المنافقين به
أراد تكذيبهم وفضيحتهم، فلحق بالنبي(صلى الله عليه وآله) فقال: «يا رسول
الله، إنّ المنافقين يزعمون أنّك إنّما خلّفتني استثقالاً ومقتاً»، فقال
رسول الله: «ارجع يا أخي إلى مكانك، فإنّ المدينة لا تصلح إلّا بي أو بك،
فأنت خليفتي في أهلي، ودار هجرتي وقومي، أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة
هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي» فرجع إلى المدينة(2). وقيل: إنّما لم يستصحبه رسول الله(صلى الله عليه وآله) معه لما
أخبره الله تعالى بأنّه لا يلقى حرباً، فكان بقاؤه(عليه السلام) في
المدينة أهمّ؛ للخوف عليها من المنافقين والعرب الموتورين، وهذا أمر واضح
جلي. خطبة رسول الله(صلى الله عليه وآله)


لمّا تهيّأ رسول الله(صلى الله عليه وآله) للخروج إلى تبوك قام
خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: «أيّها الناس، إنّ أصدق الحديث
كتاب الله، وأولى القول كلمة التقوى، وخير الملل ملّة إبراهيم، وخير السنن
سنّة محمّد، وأشرف الحديث ذكر الله، وأحسن القصص هذا القرآن، وخير الأُمور
عزائمها، وشرّ الأُمور محدثاتها، وأحسن الهدى هدى الأنبياء، وأشرف القتلى
الشهداء، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى، وخير الأعمال ما نفع، وخير الهدى
ما اتُّبع، وشرّ العمى عمى القلب، واليد العليا خير من اليد السفلى، وما
قلّ وكفى خير ممّا كثر وألهى، وشرّ المعذرة محضر الموت، وشرّ الندامة يوم
القيامة. ومن الناس من لا يأتي الجمعة إلّا نزراً، ومنهم من لا يذكر الله
إلّا هجراً، ومن أعظم الخطايا اللسان الكذب، وخير الغنى غنى النفس، وخير
الزاد التقوى، ورأس الحكمة مخافة الله، وخير ما أُلقي في القلب اليقين،
والارتياب من الكفر، والتباعد من عمل الجاهلية، والغلول من قيح جهنّم،
والسكر جمر النار، والشعر من إبليس، والخمر جماع الإثمّ، والنساء حبائل
إبليس، والشباب شعبة من الجنون. وشرّ المكاسب كسب الربا، وشرّ الأكل أكل مال اليتيم، والسعيد من
وعظ بغيره، والشقيّ من شقي في بطن أُمّه، وإنّما يصير أحدكم إلى موضع
أربعة أذرع، والأمر إلى آخره، وملاك الأمر خواتيمه، وأربى الربا الكذب،
وكلّ ما هو آت قريب، وسباب المؤمن فسوق، وقتال المؤمن كفر، وأكل لحمه من
معصية الله، وحرمة ماله كحرمة دمه. ومن توكّل على الله كفاه، ومن صبر ظفر، ومن يعف يعف الله عنه،
ومن كظم الغيظ آجره الله، ومن يصبر على الرزية يعوّضه الله، ومن تبع
السمعة يسمع الله به، ومن يصم يضاعف الله له، ومن يعص الله يعذّبه،
اللّهمّ اغفر لي ولأُمتي، اللّهمّ اغفر لي ولأُمتي، استغفر الله لي
ولكم»(3). عدد المسلمين


أمر رسول الله(صلى الله عليه وآله) كلّ بطن من الأنصار والقبائل من
العرب أن يتّخذوا لواء أو راية، وخرج(صلى الله عليه وآله) في ثلاثين ألفاً
من الناس، وعشرة آلاف فرس حتّى قدم تبوك. المصالحة في تبوك


لمّا انتهى(صلى الله عليه وآله) إلى تبوك، أتاه يحنة بن رؤبة صاحب
أيلة، فصالح رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأعطاه الجزية، وجاءه أهل
جرباء وأذرح فأعطوه الجزية. وأقام رسول الله(صلى الله عليه وآله) بتبوك أيّاماً، ثمّ رجع إلى المدينة المنوّرة من دون حرب وقتال.
ـــــــــــــــــــــــ
1ـ الإرشاد 1/155.
2ـ اُنظر: مسند سعد بن أبي وقّاص: 139.
3ـ الاختصاص: 342.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
غزوات الرسول صلي الله عليه و سلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عن الرسول (صلى الله عليه وسلم)
» بلال بعد فاه الرسول صلي الله عليه وسلم
» الرسول صلي الله عليه وسلم ورسالته
» هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم
» وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم لكم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
سنا مصر :: المنتديات الثقافية :: ▒█❤قسم شخصيات صنعت تاريخ❤▒█-
انتقل الى:  
الساعة الأن بتوقيت (مصر)
جميع الحقوق محفوظة لـسنا مصر
 Powered by ®https://snamasr.ahlamontada.com
حقوق الطبع والنشر©2011 - 2010