سجلى لزوجك مكالماته لتعرفى كل أسراره
عادل طاهر الهوارى المحامى كل يوم تطالعنا وسائل الإعلام بالإعلان عن أجهزة حديثة متطورة فى كل
المجالات، ودخلت هذا السباق التقنى التليفونات المحمولة التى أصبحت أداة
متكاملة فى يد الإنسان حتى أصبحت هناك برامج يتم إدخالها على الموبايل تقوم
بتسجيل المحادثات بدون علم الطرف الآخر المتحدث، وبكل أسف قام البعض
بإدخال هذا البرنامج للتسجيل للأصدقاء والأكثر من ذلك أن يقوم الزوج بتسجيل
مكالمات زوجته أو العكس. تحكى "ن، ف" وتقول: أنا متزوجة منذ سنتين
وبعد العام الأول من زواجى اكتشفت أن زوجى يدخل برنامج التسجيل على موبايله
ليقوم بتسجيل مكالماته مع زملائه ويقوم بإذاعتها لزملائه الآخرين فى
العمل، خاصة أنها تحتوى على بعض التعليقات على بعضهم البعض، ونصحت زوجى بأن
هذا الفعل لا يليق بإنسان متعلم وهو لا يبالى، إلا أن الموقف ازداد سوءا
عندما اكتشفت صدفة أنه يسجل لى مكالماتى معه وتطور الأمر إلى أن رفعت قضية
طلاق وهذا من أسباب إيذائى ولكن تدخل الأهل والأصدقاء جعلنى أتراجع وعادت
الحياة كما كانت إلا أننى اشترطت على زوجى أن يستغنى عن الموبايل نهائيا. يقول الزوج "ز،ع": برنامج تسجيل المكالمات على الموبايل هو تهديد للبيوت
المصرية، فقد اكتشفت أن زوجتى تقوم بتسجيل المحادثات التى تتم بيننا تم
تقوم بإذاعتها على صديقاتها وهن يفعلن مع أزواجهن كذلك، وأصبح ما يحدث فى
بيت إحداهن مشاعا للأخريات وحديثهن وهذا ما جعلنى انفصل عن زوجتى.
ويشير أحمد مصطفى صاحب محل لبيع التليفونات المحمولة وإكسسواراتها أن خاصية
تسجيل المكالمات للتنصت عبر الهاتف أصبحت سهلة للغاية ومتوفرة للجميع،
وذلك من خلال بعض البرامج التى يتم إضافتها فى الهاتف فهناك برنامج معرب
يعمل على جميع الأجهزة التى يوجد بها بلوتوث تستطيع من خلال هذا البرنامج
سماع مكالمات الأشخاص الذين يبعدون عن من يتحدثون إليهم بمقدار خمسين متر. وهناك برمجية تسمى "السبايفون" تمكّن الجهاز المُتحكّم أن يتلقى لديه
رسائل SMS فى اللحظة التى صدرت أو وردت فيها من الجهاز الهدف أو إليه، فى
وقت حقيقى. فى اللحظة التى يتمّ فيها تلقى أو صدور مكالمة من أى
مصدر من أو إلى الجهاز الهدف، سيتمّ بشكل أوتوماتيكى تلقى رسالة SMS فى
الهاتف المُتحكّم، ستفصّل رقم الهاتف الكامل للمُتصل أو الهاتف الذى تمّ
الاتصال به وفى هذه المرحلة، سوف تُتيح البرمجية التنصت على المكالمة ، كما
أن هناك برامج أخرى بها خاصية التنصت على المكالمات الهاتفية وتسجيلها حتى
ولو تمت هذه المكالمات عبر جهاز التليفون العادى وذلك من خلال جهاز يعرف
على الكمبيوتر والذى عادة يكون داخل المنزل ووقتها يتم تسجيل المكالمات
طالما توفر التليفون والحاسب الالى فى نفس المكان ، وهذا التطور التكنولوجى
تم التوصل إليه لخدمة المجتمع وأفراده وليس للتنصت على الغير بدون وجه حق
خاصة إذا كان ذلك بين الأصدقاء أو بين أفراد الأسرة الواحدة .
الدكتورة
داليا الشيمى مديرة مركز " عين على بكرة للمساندة النفسية والتنمية
الأسرية " للاستشارات والاختبارات والتدريب النفسى وخبيرة العلاقات الزوجية
والأسرية قالت أن مشاكل التنصت بين الأزواج كثيرة ولكن لا تصل الى حد
الطلاق وهى سبب فى حدوث الكثير من المشاكل وهذه الأشياء هى نتيجة عدم ثقة
الشخص فى نفسه وعدم الثقة فى الشخص الاخر واحيانا تكون التنشئة لها دور فى
ذلك مثل مشاهدة البنت لامها فى طفولتها وهى تبحث فى جيب زوجها لتكتشف اى
دليل على خيانته لها وهو سلوك غير سليم يكون نتيجة التنشئة الاجتماعية وفى
كل الاحوال ناتج عن سوء فهم للعلاقة الزوجية لانها ليست علاقة امتلاك بل
مشاركة واحترام ، وعادة يحدث ذلك فى حالة اذا كان الزوج او الزوجة
له موقف او نزوه تجعل الطرف الاخر يضعه فى محل شك وخاصة الرجل لاننا مجتمع
شرقى وله عاداته وتقاليده وحب الاستطلاع يكون أعلى بكثير عند المرأة ولذلك
تكون الزوجة اكثر اهتماما لمعرفة اخلاص زوحها لها ونتيجة لذلك يحدث فقد
للثقة بين الطرفين ،وتشعر المرأة مع الزواج أنها ملكت الرجل والعكس وهنا
يكون عليهما أن يتوقفا عن الحياة وتريد الزوجة ألا يكون فى حياته غيرها وهو
أيضا . وتشير الدكتورة داليا إلى أنه يمكن التخلى عن الأشخاص الذين
لا يمثلون خطرا فعليا على الحياة مع هذا الشريك مثل امه او اخته ، وان
الشخص الذى يغير لهذه الدرجة سواء رجل أو امرأة يحمل اضطراب نفسى او اضطراب
ما فى الشخصية لابد أن يقومه لتستقيم حياته. وتقول الدكتورة هدى
زكريا استاذة علم الاجتماع السياسى بجامعة الزقازيق إن موضوع التصنت بين
الأزواج يسبقه أشياء كثيرة ، وهى الشك فإذا شك احد الزوجين فى الاخر نتيجة
بعد التصرفات او السوكيات غير الطبيعية فيلجا إلى التنصت للتأكد من شكوكه
او عدمها او يكون له سبب اخر وهو عدم الثقة فى النفس أو فى شريك الحياة
فيتصور مثلا الزوجة إنها ممكن ان تخونه لانه عديم الثقة فى نفسه و يكون
لديه حب استطلاع للتاكد من شكوكه فيلجا إلى التنصت وان أساس العلاقة
الزوجية قائم على الثقة بين الطرفين وليس الحب فقد واذا ظهر التنصت بين
الأزواج فالثقة تكون معدومة ،وتنتشر هذه الظاهرة عند السيدات أكثر من
الرجال خاصة لان الرجال لديهم انفتاح اكثر واحتكاك بالعالم الخارجى
بالاضافة الى ان الرجل متاح له الحب وتعدد الزوجات وايضا فرص الرجال فى
الخيانة تكون أكثر من السيدات و يكون له علاقات خارج نطاق الزواج ويتسامح
المجتمع الشرقى مع الرجل اذا اخطا على عكس السيدات لان المجتمع الشرقى يربى
الفتاه على ان يكون لها رجل واحد فى حياتها وهو زوجها . والتنصت
مشكلة كبيرة فليس من حق اى حد اى يتجسس على الأخر ويقتحم خصوصياته
والتسجيلات عادتا يكون لها إغراض أخرى وهى الإضرار بالأخر وإذا انتشر ذلك
فقد يؤدى الى زعزعة الثقة بين الاصحاب او الاصدقاء ويعرض من فعل ذلك
للمسالة القانونية فاذا حدث ذلك بين الاصدقاء فيشككنا فى الصداقة لان
الصداقة اميز ما فيها هى الحفاظ على السر وهذه المكالمة تكون من الخصوصيات
فلا يجوز الدخووول فى اسرار وخصوصيات الاخر لانها جريمة اخلاقية وقانونية. وأحيانا يكون الفرد محتاجا إلى إخراج الطاقة السلبية سواء بين الأزواج أو
بين الآباء والأبناء أو حتى مع الرئيس فى العمل، فمثلا تشتكى الزوجة
لصديقتها من زوجها أو العكس وليس معنى كلامها أنها لا تحبه ولكن هى تقوم
بإخراج الطاقة التى بداخلها فى لحظة غضب، فيجب فى هذا الوقت وضع مساحة
للخصوصية لأنها تجعل العلاقات أفضل، فإذا تصنت هو لسماع ذلك فقد ضر نفسه
قبل أن يضرها أو يتدخل فى خصوصياتها. والتنصت غير مسموح به إلا فى
حالات معينة مثل "الجاسوس" لانه موضع شك ويسبب ضررا للآخرين، وأخيرا من حق
كل شخص أن يكون له خصوصياته وأسراره. يؤكد الدكتور محمد وهدان أستاذ
الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر أن التسجيل للآخرين دون علمهم حرام
شرعا، حيث فيه تدمير لأواصر الثقة بين أفراد المجتمع، حيث إن من أهم أسس
التعامل بين الناس الاستئذان وعدم خرق خصوصية الآخرين، لأن من يفعل ذلك يعد
خائنا للأمانة ويزداد الأمر سوءا إذا كان من يفعل ذلك أحد الزوجين للآخر،
الذى جعل الله ما بينهما هو المودة والرحمة وليس تجسس وخيانة، وفى الحديث
القدسى يقول المولى عز وجل "أنا ثالث شريكين ما لم يخن أحدهما الآخر"، فإذا
نقض أى من الطرفين هذا العهد نزع الله بركته وتدخل الشيطان ليفسد الحياة
بين الشريكين، وذلك من خلال تزيين الأمر بتتبع عورات الآخرين والتنصت على
مكالمتهم أو التفتيش فى حاجياتهم الشخصية. وهنا يجدر ذكر الحديث
النبوى "من تتبع عورات الناس تتبع الله عوراته حتى يفضحه ولو قعر بيته"،
ومن يفعل ذلك فهو آثم شرعا حتى إن كانت النية المداعبة والضحك مع الأصدقاء،
حيث تجعل الناس متوجسين خيفة من بعضهم البعض، ومن ثم فإنه إفساد للروابط
الأخلاقية التى لابد أن تنتشر فى المجتمع، ولكن هذا الأمر ينشر مبدأ
"التقية" أحد الركائز الأساسية الذى يؤمن به مذهب الشيعة وهو يعلى من سلوك
إظهار الشخص لعكس ما يبطن. ويؤكد عادل طاهر الهوارى المحامى
بالنقض أن فاعل ذلك يوقعه تحت طائلة القانون، حيث إن المادتين 309 و309
مكرر من قانون العقوبات تعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة كل من اعتدى على
حرمة الحياة الخاصة للآخر، وقام بالتسجيل له دون علمه، بينما يعاقب بالحبس
مدة لا تزيد عن 5 سنوات كل من سجل وأذاع أو سهل إذاعة تسجيلات بدون رضاء
صاحب الشأن.