المحاكاة الحاسوبية في التدريس
Computer simulation in teaching
إعداد د. جهاد المومني
في ظل ما يشهده العالم من تغيرات وتحديات في مختلف الميادين العلمية والتكنولوجية ، تكثر التساؤلات حول كيفية مواكبة هذه التغيرات ومقاومة التحديات التي تواجهنا، وكيفية السعي نحو فهم أفضل من شأنه خلق أفراد مبدعين وقادرين على العطاء في مختلف الميادين. ولعل هذا الأمر لا يمكن تحقيقه إلا من خلال إدراك الفرد لطبيعة العلاقة المتبادلة بين كل من العلم والتكنولوجيا والمجتمع والبيئة (STSE)، ومن خلال توفير كافة السبل الكفيلة بذلك؛ والتي يمكن من خلالها تحقيق هذا الإدراك وتطوير التربية العلمية والتكنولوجية، وتوظيف ذلك من خلال استحداث استراتيجيات وأساليب متطورة في التدريس تأخذ بيد المتعلم نحو الإبداع والتميز، وتجعله قادرا على الانجاز والعطاء في ظل عصر سادت فيه فنون المعرفة والتكنولوجيا، وكثرت فيه المشكلات والتحديات المستقبلية.
ولعل من أبرز التحديات التي واجهت عملية التدريس المعاصر؛ هو ازدياد أعداد الطلبة الملتحقين في المدارس والمعاهد والجامعات، وانتشار المعرفة السريع وازديادها بسبب تعدد الوسائل وتقدمها وتطورها الهائل؛ مع حدوث نقص في أعداد المعلمين المدربين أو المؤهلين تربوياً، وهذا ما حال دون تمكن معظم المدرسين في الفصول ذات الأعداد الكبيرة من القيام بالأنشطة والتجارب العملية لثناء تنفيذ محتوى المنهاج؛ وذلك بسبب نقص المواد والأجهزة اللازمة للقيام بالأنشطة، أو عدم صلاحية الأجهزة، أو عدم توفر الوقت الكافي للتحضير للتجارب بسبب كثرة عدد حصص معلمي العلوم. وبالإضافة إلى ذلك فإن بعض التجارب العلمية في الفيزياء مثلا ًيصعب القيام بها في كثير من الأحيان من أجل توضيح بعض المفاهيم الفيزيائية المجردة، ذلك لأنها تتطلب توافر مواقف وظروف يصعب تحقيقها داخل الغرفة الصفية أو حتى خارجها؛ كإنعدام الجاذبية أو تسارع السقوط الحر في الفراغ، وهذا ما يجعل المتعلم غير قادر على التعلم والإدراك لمثل هذه المفاهيم الفيزيائية وتطبيقاتها (جهاد المومني،2002).
وفي ضوء هذه المعيقات التي تواجه عملية التدريس، فقد برزت الحاجة إلى استخدام التقنيات الحديثة في التعليم كالحاسوب والتلفاز والأفلام السينمائية لتساعد المعلم في تعزيز التعلم، والتركيز على أنماط التعلم الذاتي والتعلم المفتوح والتعلم عن بعد للإرتقاء بالتحصيل العلمي لدى الطلبة. ولعل من أفضل الوسائل التقنية الحديثة التي ظهرت في هذا العصر هي تقنية الحاسوب؛ التي ساهمت في توفير الوقت لدرجة جعلت المعلم قادراً على تحقيق المزيد من الأهداف التي كثيراً ما كانت تُهمَل بسبب ضيق الوقت وكان يعجز المعلم عن تحقيقها في الظروف العادية ( نييك وفيل، 2003 ).
إن توظيف الحاسوب في العملية التعليمية يعد من أبرز المستجدات التربوية التي لقيت اهتماما متزايداً من قبل صانعي القرار في المجالات المختلفة وخصوصا في المجال التربوي ، حيث أدى ذلك إلى إعادة النظر في المقررات الدراسية والعمل على تحديثها بحيث تتضمن ظواهر ومعارف وبيانات حديثة شهدها العالم مؤخراً بالإضافة إلى حوسبة بعض الجوانب الصعبة فيها، وتفعيل دور المعلم في التعامل مع هذا التطور بشكل يحقق أهدافه المتفقة مع خصائص الطلبة وخلفياتهم السابقة؛ وذلك من خلال القدرة على استخدام واختبار طرق وأدوات وأساليب تدريس فعالة، تسهم في تحقيق الأهداف وتعلم أفضل للمفاهيم العلمية بغية الوصول بالطلبة إلى مستوى تحصيل أعلى، وزيادة وعيهم لأهمية ما يتعلمونه في حياتهم العلمية والعملية ( عبابنه والعبيني،2005).
ويعرف جرلدين جيج Gage Gredlenالحاسوب من الناحية التربوية على أنه: " آله تمنح المتعلم الفردية في التعلم ، وتساعده على أن يتحكم في الانتقال من خطوة إلى خطوة في دراسته وتحثه على التعمق فيها، كما تساعد في اكتساب استجابة مستقلة في تعلمه الخاص" (الهاشمي،2001،ص155)
وهنالك تعريفات أخرى للحاسوب منها تعريف لوهرمان Luehrmann المشار إليه في برقاوي (2004،ص3) حيث يعرف الحاسوب بأنه: " آله الاتصال الوحيدة التي تتجاوب وتتفاعل مع طالب العلم بذكاء ، ويمكن استعماله بطريقة بناءه ومبدعه كوسيلة للتفكير بالمسائل وحلها ". وبناء على ما سبق فالحاسوب هو أحد وسائط التكنولوجيا التي توفر للإنسان فرصة التفاعل مع إمكانات الآلة من استقبال للمعلومات وتخزينها، وإجراء عمليات بسيطة ومعقدة ، والحصول على نتائج دقيقة وبسرعة فائقة، واتخاذ قرارات سليمة ومبنية على معلومات يمكن الحصول عليها بسهولة ويسر، وكذلك القدرة على التعامل مع برامج متعددة الأنماط والنماذج ، وبه يمكن محاكاة مختلف المظاهر العلمية والحياتية كما لو كانت حقيقية، مما يسهل على المتعلم إدراكها عندما تعرض عليه (استيتية وسرحان،2007 ).
وبالإضافة إلى ذلك فإن الحاسوب يحث المتعلم على التفكير ويولد لديه الدافعية للتعلم ، كما يمكنه من تعلم ومواجهة ما قد يكون خطراً عليه عند مواجهته مباشرة كالتجارب الخطرة، وتعلّم تلك العمليات المكلفة مادياً، أو التي تتطلب فترة زمنية طويلة لدراستها، كما يزود الحاسوب أيضاً المتعلم بالتعزيز المناسب والتغذية الراجعة في مكانها الصحيح وجعل التعلم أكثر إثارة وتشويقاً للمتعلم من التعلم التقليدي كما أنه يشجع التعلم القائم على الاكتشاف ( Lunetta,1981، Mckenzie,1988 ).
ويمكن النظر إلى استخدام الحاسوب في العملية التعليمية من ثلاث جوانب رئيسة يمثل كل جانب منها شكل من أشكال استخدام الحاسوب في التدريس وهي (عبابنه والعبيني،2005؛ Albastaki,2003 ):[/center]
- التدريس المدار بالحاسوب ( Computer Managed Instruction ( CMI ) ): ويقصد بذلك استخدام الحاسوب لأغراض إدارية كحفظ وتخزين المعلومات والملفات والسجلات المتمثقفة بالطلبة والمدرسة .
- التدريس القائم على الحاسوب ( ( Computer Based Instruction ( CBI ):
ويقصد بذلك دراسة المفاهيم المتمثقفة بعلم الحاسوب وتقنياته في مقررات دراسية مستقلة في مراحل تعليمية مختلفة يحدد محتواها وفق مستوى الطلبة الذين سيدرسونها .
- التدريس المساعد بالحاسوب ( (CAI)Computer Assisted instruction ) :
ويقصد بذلك توظيف الحاسوب كوسيلة مساعدة في التعليم يتم من خلاله توجيه الطلبة إلي كيفية استخدام المعلومات وتطبيقها للوصول إلى فهم أفضل للمادة التعليمية أو يتم ذلك من خلال أساليب متعددة منها : الممارسة أو التعمق، حل المسائل أو المشكلات ، المحاكاة وعمل النماذج، والتحكم في وسائط تعليمية متعددة.
إن استخدام الحاسوب كمساعد في التدريس القائم على المحاكاة وعمل النماذج يعتبر من الجوانب الهامة في التدريس ،وخصوصاً في مجال تدريس العلوم الطبيعية؛ حيث يمكننا الحاسوب من محاكاة الظواهر الطبيعية والتجارب التي يصعب تحقيقها عمليا داخل المختبر وذلك إما لخطورتها أو لارتفاع كلفتها، ومن الأمثلة على ذلك محاكاة عمليات الاحتراق أو التفاعلات الكيميائية الخطرة، أو محاكاة العمليات التي تحدث خلال فترة زمنية طويلة كنمو النباتات. وهنالك نمط آخر للمحاكاة الحاسوبية وهو ما يعرف بالألعاب التعليمية التي تهدف إلى توفير مناخ تعليمي يمتزج فيه التحصيل العلمي مع التسلية وتحقيق عنصري الإثارة والتشويق أثناء التعليم وزيادة قدرات الطلبة ودافعيتهم نحو التعليم بغية الوصول إلى التعلم الاستراتيجي القائم على الفهم (ميلر، 1994).
وانطلاقاً من أهمية المحاكاة الحاسوبية في التدريس؛ كان لابد لنا من توضيح معنى المحاكاة، وأنواعها، ومميزات استخدامها كإستراتيجية تدريسية في الميدان التربوي مقارنة بإستراتيجيات وأساليب التدريس التقليدي الشائعة الاستخدام في المدارس.
* التعريف بالمحاكاة ( Simulation )
المحاكاة هي "طريقة أو أسلوب تعليمي يستخدمه المعلم عادة لتقريب الطلبة إلى العالم الواقعي الذي يصعب توفيره للمتعلمين بسبب التكلفة المادية أو الموارد البشرية" (استيتية وسرحان،2007،ص305). ويعتقد بأن أسلوب المحاكاة قد استخدم منذ أن وجد الإنسان على الأرض، كما أشارت بعض الدلائل التاريخية إلى أن أول لعبة محاكاة في تاريخ البشرية هي لعبة الشطرنج التي ترجع إلى سنة 3000 قبل الميلاد في الصين والتي كانت تهدف إلى التدريب على المناورات العسكرية. أما جذور لعب المحاكاة Simulation Game فترجع إلى بداية الحضارة اليونانية؛ فقد بيَّن أفلاطون وغيره من الفلاسفة اليونانيين أهمية تقليد المواقف الحياتية من خلال التدريب عليها (1986, Hinich & Molenda).
ومنذ منتصف الستينات من القرن العشرين ازداد الاهتمام بالمحاكاة كطريقة مناسبة وفعالة في عملية التعليم وخاصة بعد ظهور الحواسيب؛ حيث أصبحت عملية المحاكاة للمفاهيم والأنشطة والتجارب تتم من خلال الحاسوب ، وأصبح لها دوراً هاماً وبارزاً في العملية التعليمية. ومع تطور الحواسيب ازدادت المحاكاة الحاسوبية فعالية وإثارة في تدريس المفاهيم والمواضيع العلمية المختلفة وتنوعت لغات المحاكاة واستخداماتها في التدريس وهذا ما جعله أكثر مرونة وحيوية من ذي قبل، كما استخدمت المحاكاة في التقليل من الخسائر المادية والمعنوية، وهذا ما جعلها من النشاطات الفاعلة والممتعة في إرساء أسس التعلم لبعض المهارات والمواضيع الصعبة التي يصعب التعامل معها دون مخاطر في الواقع؛ فهي تبسيط لبعض المواقف الحياتية أو لعملية ما يكون لكل فرد فيها دورا يتفاعل من خلالها مع الآخرين في ضوء عناصر الموقف المحاكي (محفوظ ، 2000).
وقد عرِّفت المحاكاة على أنها تجريد أو تبسيط لبعض المواقف المستمدة من الحياة الحقيقية. وفي البرامج التعليمية المعززة بالحاسوب تمثل المحاكاة تكراراً لظاهرة ما في الطبيعة، بحيث يصعب تنفيذها داخل غرفة الصف أو خارجها، نظراً لخطورتها أو لارتفاع تكلفتها؛ ففي هذه البرامج يواجه المتعلم بمواقف واقعية تقدَّم له بطريقة مشابهة، فهي بذلك تقنية فاعلة للتعلم أو تدريس مفهوم من الحياة بوساطة تقليد هذا المفهوم أو استحضار شيء يشبهه، ولا ينظر للمحاكاة باعتبارها حافزاً للمتعلمين فحسب بل ينظر إليها على أنها قادرة على جعل المتعلمين يتعلمون بطريقه مشابهة للطريقة التي سيتعرضون لها في حياتهم العملية الحقيقية (عبد الهادي، 2004).
ويتوقف نجاح برنامج المحاكاة وفاعليته على كونه نمطاً دقيقاً للعملية التعليمية وللمواقف الواقعية التي يحاكيها، ويستطيع المتعلمون عن طريق المحاكاة أن يتعاونوا معاً داخل الحجرة الدراسية من أجل الوصول إلى قرار صحيح بشأن المشكلات الرياضية وغير الرياضية المطروحة لتحريك أشكال هندسية معينة بزوايا مختلفة، وفي كل مرة يتم الحصول على معلومات وخصائص للشكل الجديد وذلك عن طريق الحاسوب. كما أنها تساعد المتعلمين على تحمل المسؤولية، فعلى سبيل المثال إذا أعطي الطالب درساً عملياً باستخدام مختبر الكيمياء؛ فإن الطالب يقوم من خلال الحاسوب بتجهيز الأنابيب المخبرية والمقادير مع المحاليل التي يمكن أن يضيفها للحصول على نتائج التجربة الكيميائية ؛ وفي حال نسيان الطالب لعملية ما قد تسبب له خطراً ما، عندها يقوم الحاسوب فوراً بتذكيره لها أو يعطيه إشارة تبين عواقب النتائج كإظهاره لعملية انفجار على الشاشة. وفي مجال قدرة المحاكاة على توفير الأموال وتقليل المخاطر نشير إلى موضوع تدريس الطيران على شاشة الحاسوب من خلال وضع الطالب في موقف مصطنع يتعامل فيه مع نفس أجهزة الطيران والقيام بعملية تعلم الطيران من خلال الحاسوب في جو خال من الأخطار والمعيقات؛ وهذا ما يقودنا إلى القول بأن المحاكاة هي إحدى أنواع لعب الأدوار التي يتعرف فيها الأفراد كأنهم في الحياة الواقعية لتحقيق أهداف معينة ضمن قواعد وقوانين محددة (عبد الهادي، 2004؛ Jones ,1980).
ويذكر فيشويك Feshweek المشار إليه في ( محفوظ ، 2000 ) أن طريقة المحاكاة تتضمن قاعدة " التعلم بالعمل Learning by Doing "، فهي ذات مجال علمي عالٍ وواسعة الاستخدام في جميع المظاهر حتى في الجامعة ؛ وبواسطة المحاكاة يمكن الإجابة عن الأسئلة الهامة من نوع " ماذا- لو " What- If " كما يمكن من خلالها أيضا تحقيق عناصر العملية التعليمية المتمثلة في: عرض المعلومات وتوجيه الطالب إلى كيفية استخدام المعلومات واستيعابها وتقويم الطالب، كما أن المحاكاة تسمح لنا بتحليل الأنظمة المعقدة والصعبة التي لا يمكن تحليلها حسابياً .
وباستخدام إستراتيجية المحاكاة يمكن تحقيق جوانب أخرى منها : تنمية قدرة الطالب على اتخاذ القرارات وحل المشكلات ومهارات التعامل مع الآخرين بشكل فاعل، وزيادة الدافعية والإثارة للتعلمMotivation ، وذلك من خلال وضع المتعلم في موقف شبة حقيقي وتوجيهه لحل المشكلات ومعالجتها. كما تزداد فاعلية التعلم بالمحاكاة من خلال التكرار الهادف إلى تدريب الطلبة على القيام ببعض التمارين، وتعزيز الطلبة على القيام باستجابات متكررة ذات علاقة بالأهداف التعليمية التي تكون في الغالب أهدافاً معرفية ذات مستوى عالي؛ فعلى سبيل المثال في مادة العلوم عندما يراد تعرُّف الطلبة على بعض الحيوانات المتوحشة؛ فمن غير الممكن جعلهم يقتربون من الأسد أو النمر، لكن عبر أسلوب المحاكاة وباستخدام التكنولوجيا التعليمية يمكن خلق بيئة تعلم افتراضية تعرض الأشياء بشكل ثلاثي الأبعاد؛ بحيث نمكِّن الطلبة من متابعة حركات الأسد أو النمر عن قرب وبشكل دقيق يصعب تحقيقه في الواقع ( استيتية وسرحان،2007؛ عبد الهادي،2004 ).
ويحدث من خلال المحاكاة أيضا انتقال اثر التعلم، إذ يمكن من خلالها نقل ما تعلمه الطالب في موقف ما وتطبيقه على مواقف مشابهة في الحياة العملية؛ فمثلا من السهل على الطالب الذي يستعمل المحاكاة إلى جانب الكتاب أن يفهم عملية زراعة الورود بكافة متطلباتها بشكل أفضل من الطالب الذي يقرا الكتاب فقط . وهذا يعني أن فكرة نقل وتطبيق التعلم تساعد المتعلم على قياس مدى فاعلية المعرفة والمهارة وتطبيق المعلومات المكتسبة في مواقف جديدة بالإضافة إلى أنها تساعد على زيادة الكفاءة الحاصلة في العلم ؛ حيث يوفر استخدام المحاكاة جواً مساعداً على التعلم بشكل أفضل من الجو الحقيقي المليء بالمشتتات، كما أنها تقلل الوقت اللازم للتعلم مقارنة مع الوقت اللازم للتعلم في المختبر الحقيقي ( العيسى، 1993 ؛ 1986, Hinich & Molenda).
وفي السنوات الأخيرة من القرن الماضي ومنذ ظهور التطبيقات التعليمية للحاسوب بدأ استعمال برمجيات المحاكاة والألعاب التربوية الحاسوبية في تحسين استيعاب الطلبة للمفاهيم العلمية، وذلك لسهولة تحويل عدد كبير من المواقف العملية إلى خوارزميات حاسوبية، بحيث أصبح بالإمكان عمل محاكاة قريبة للمواقف الحقيقية باستخدام النماذج الرياضية وتقنيات الصور الثابتة والمتحركة، والبرمجيات التعليمية المحوسبة التي يمكن من خلالها إجراء تجارب علمية يصعب إجراؤها عملياً، وهذا يشعر المتعلم بالإثارة ويزيد دافعيته نحو التعلم الذي يصبح أكثر واقعية (عبابنه والعبيني،2005؛ نييك وفيل،2003 ).
ولعل ما يميز المحتوى العلمي في التعليم الالكتروني هو قدرته على دمج العديد من الوسائط المتعددة لتشمل المحاكاة (Simulation) والعروض المباشرة ( Demonstrations)، ويترتب هذا المحتوى على شكل هرم يبدأ بموقف تعليمي يمثل المحاكاة يليه موضوع معين مدعوم بالأنشطة التعليمية الفردية والجماعية كما هو مبين في الشكل (1) (استيتية وسرحان،2007).
موضوع الدرس
الأنشطة التعليمية
معـلومــات
نتا
شكل (1)
ترتيب المحتوى العلمي في التعليم الإلكتروني
أما مكونات المحتوى العلمي في التعليم الإلكتروني فتتمثل فيما يلي:
- وجود فهرس رئيسي للدروس أو الوحدات الدراسية.
- الارتباطات التشعيبية ( Hypertext or Hyperlinks)
- مواضيع فرعية لكل وحدة دراسية.
- الدروس أو المواضيع المباشرة حول النقاط أو الأفكار الرئيسية المراد تحقيقها.
- ربط الدروس المتكاملة مع دروس أخرى في مواد أخرى (Linked Subjects ).
- وسائل متعددة (صوت وصور متحركة وثابتة) حسب الضرورة ( أستيتية وسرحان، المرجع السابق).
* أنواع المحاكاة:
- يمكن تقسيم المحاكاة إلى أربعة أنواع (العيسى،1993) وذلك على النحو التالي:
- محاكاة مادية أو فيزيائية (Simulation Physical ) : وهذا النوع يتعلق بمعالجة أشياء فيزيائية مادية بغرض استخدامها مثل : تشغيل جهاز الفولتمتر، قيادة الطائرة، استخدام الأدوات والكيماويات .
- محاكاة إجرائية ( Procedural Simulation ): ويهدف هذا النوع من المحاكاة إلى تعلم سلسلة من الأعمال أو الخطوات مثل التدريب على خطوات تشغيل آله أو جهاز أو تشخيص بعض الأمراض في مجال الطب .
- محاكاة وضعية ( Situational Simulation ): وهذا النوع يختلف عن المحاكاة الإجرائية حيث يكون للمتعلم دور أساسي في السيناريو الذي يعرض وليس مجرد تعلم قواعد وإستراتيجيات كما هو في الأنواع السابقة ، فدور المتعلم اكتشاف استجابات مناسبة لمواقف من خلال تكرار المحاكاة .
- محاكاة عملية أو معالجة ( Process Simulation ): وفي هذا النوع لا يؤدي المتعلم أي دور في المحاكاة بل هو مراقب ومجرب خارجي ، ففي الوقت الذي لا يستطيع فيه المتعلم أن يشاهد الإلكترونات أو حركة وسرعة الضوء ، فإنه يمكنه مشاهدة ذلك في المحاكاة العملية مما يسهل عليه إدراك مثل هذه المفاهيم. ولسهولة التمييز بين أنواع المحاكاة فقد تم تقسيم المحاكاة إلى قسمين رئيسيين هما :
أ- محاكاة للتعلم عن الأشياء ( Simulation That Teaches about Something ): أي محاكاة تعلم الأشياء أو التعلم من مشاهدة شخص أخر ، ويندرج تحت هذا القسم المحاكاة المادية والعملية.
ب- محاكاة لتعلم عمل شئ ( Simulation That Teaches How To Do Something): وهذا يعني تعلُّم كيفية عمل الأشياء أو كيف يتم التعلُّم من مشاهدة شخص أخر ، ويندرج تحت هذا القسم كل من المحاكاة الوضعية والإجرائية، وذلك كما في شكل (2) الذي يبين هذا التصنيف (Albastaki،2003 ؛ ميلر ، 1994 ).
المحاكاة
محاكاة تعلم كيفية عمل محاكاة تعلم الأشياء الأشياء (تعلم المحاكاة) (التعلم بالمحاكاة)
وضعية
إجرائية
عملية (معالجة)
فيزيائية (مادية)
شكل(2): تصنيف أنواع المحاكاة
· تصميم برمجيات المحاكاة
عند تصميم البرمجيات القائمة على المحاكاة لا بد من التركيز في البداية على المقدمة؛ حيث يبدأ البرنامج في نمط المحاكاة باستعراض يحتوي المحاكاة بشكل عام ، وتحديد أهداف المحاكاة للطلبة وإعطائهم التعليمات اللازمة للقيام بالمحاكاة، بعد ذلك يتم فحص ومراجعة مدى فهم المتعلم للمحتوى. ويستطيع الطالب أن ينتقل عبر المادة ( سيناريو ) مجيباً عن الأسئلة التي يطرحها البرنامج مع توافر التغذية الراجعة الفورية للإجابات الصحيحة والخاطئة على السواء، كما يتم تسجيل أداء الطالب في كل خطوة من خطوات الدرس. ويمكننا القول بأن موضوعات العلوم والرياضيات من الموضوعات المنطقية والمناسبة لهذه النوعية من البرامج؛ لأنها تتسم بالسهولة واليسر في تسلسل وتتابع الخطوات خاصة عند وجود مفاهيم علمية صعبة ومعقدة في المحتوى؛ حيث يلجأ المعلم لأسلوب المحاكاة لإعتقاده بأنها وسيلة مناسبة لزيادة قدرات الطلبة واتجاهاتهم نحو تعلم مثل هذه المفاهيم (العيسى،1993).
وانطلاقا مما سبق؛ فإننا مدعوين جميعا سواء كنا مسؤولين أو تربويين أو مدرسين أو باحثين للسعي وبكل عزيمة إلى تذليل الصعوبات التي يواجهها طلبتنا أثناء تعلمهم للمناهج الدراسية، وجعلهم قادرين على التغيير والإبداع في ظل عالم متغير ومتطور بإستمرار، وذلك لا يكون إلا من خلال إيجاد وإستخدام احدث الأساليب والاستراتيجيات اللازمة للتدريس، وتشجيعهم على استخدام الانترنت والحوسبة وغيرها من التقنيات الحديثة أثناء تعلمهم؛ والتي بدورها تمكنهم من إكتساب مهارات البحث والاستقصاء وحل المشكلات بأسلوب علمي تقني بعيداً عن التقليد والجمود في التعلم الذي اعتاد عليه غالبية الطلبة. كما تزداد قدرتهم على التحصيل لتلك المفاهيم والمواضيع المجردة كالمفاهيم الرياضية والفيزيائية؛ التي يجدون صعوبة في تعلمها بالطريقة التقليدية،عند ذلك نستطيع أن نخلق منهم جيلاً قادراً على العطاء والتميز، وستتكشف لنا الكثير من المواهب والطاقات التي يمتلكها الطلبة والتي تنعكس ايجاباً على المجتمع والبلد الذي يعيشون فيه.
المراجع
المراجع العربية:
استيتية،دلال و سرحان،عمر. (2007). تكنولوجيا التعليم والتعليم الإلكتروني (الطبعة الأولى). عمان: دار وائل للنشر.
برقاوي، مها. (2004). اثر برمجية تعليمية محوسبة في تدريس العلوم على تحصيل طلبة الصف الرابع الأساسي. رسالة ماجستير غير منشورة . جامعة اليرموك، الأردن
عبابنة، زياد والعبيني، وحيد. (2005). الألعاب التعليمية قديما وفـي عصـر الحاسـوب (الطبعة الأولى). وزارة التربية والتعليم، الأردن.
عبد الهادي، نبيل. (2004). سيكولوجية اللعب وأثرها في تعلم الأطفال(الطبعة الأولى)، .عمان: دار وائل للنشر.
العيسى ،عادل. (1993). اثر استخدام المحاكاة المنفذة من خلال الحاسوب المساعـد في التدريس في التحصيل الفوري والمؤجل لدى طلبة الصف العاشر الأساسي في مبحث العلوم الطبيعية، رسالة ماجستير غير منشورة. الجامعة الأردنية، الأردن
محفوظ، مائسة. (2000). أثر استخدام طريقة المحاكاة بالحاسوب في تحصيل طلبة المستوى الثاني الجامعي لتجارب دوائر التيار المستمر. رسالة ماجستير غير منشورة. الجامعة الأردنية، الأردن
المومني، جهاد. (2002). واقع العمل المخبري في تدريس علوم الصف التاسع الأساسي في مدارس محافظة عجلون. رسالة ماجستير غير منشورة. جامعة اليرموك، الأردن.
ميلر ،سوزانا. (1994). سيكولوجية اللعب عند الإنسان ( حسن عيسى،مترجم) ، القاهرة: مكتبـة الانجلو المصرية.
نييك، باركارد و فيل،ريس. (2003). توظيـف تكنولوجيا المعلومـات في المدارس ( الطبعة الأولى)، ( تيب توب لخدمات التعريب والترجمة شعبة الدراسـات التربويـة، مترجم ). دار الفرقـان للنشـر والتوزيع.
الهاشمي، مجد.(2001). الاتصال التربوي وتكنولوجيا التعليم (ط1)، عمان: دار المناهج.