علم اللغة علم له أهمية كبرى وصلة عظمى بكتاب الله تعالى وسنة رسوله r وعلى جانب كبير من هذا العلم يقوم فهم النص واستنباط الحكم.
فإن
علم اللغة -وأعني به علم النحو- يعصم اللسان من الخطأ في كتاب الله تعالى،
ويعصم اللسان من الخطأ في لغة التخاطب، ويعصم اللسان من الخطأ في لغة
الكتابة، أضف إلى هذا ما قلت لك أولا إنه ينبني عليه فهم النص واستنباط
الحكم؛ ولهذا ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في كتابه القيم
"اقتضاء الصراط المستقيم"، ذكر أن اللغة العربية من الدين، وأن تعلمها فرض؛
لأن فهم نصوص الكتاب والسنة فرض، ولا يتم إلا باللغة، وما لا يتم الواجب
إلا به فهو واجب، ثم ذكر أن من اللغة ما تعلُّمه فرض عين، ومنها ما تعلمه
فرض كفاية، ولعلكم على علم بما يذكره الأصوليون في أبواب
الاجتهاد عندما يذكرون أن من شروط المجتهد أن يكون عالما بالنحو.
لكن مع هذا، ومما يؤسف عليه -وأقول: "عليه"؛ لأن هذا هو الصواب، أما قولهم: يؤسف له، هذا خطأ، قال -تعالى- في سورة يوسف: â 4 ’ s " y ™ r ' ¯ » t ƒ 4 ’ n ? t ã y # ß ™ q ã ƒ á () -
مما يؤسف عليه أن كثيرا من الطلاب زهدوا في هذا العلم ورغبوا عنه، وصارت
دراستهم له قائمة على حفظ القواعد وترديدها، مهملين الجانب المهم وأعني به
الجانب التطبيقي والجانب الإعرابي؛ ولهذا صار الضعف في النحو ظاهرة بادية
على كثير من الطلاب، حتى ممن تخرجوا من الجامعة.
ولا بد لطالب العلم من النحو شاء أم أبى، لكن في رأيي أن طالب النحو لا بد له من أمرين أساسيين لأجل أن يستفيد ويتقن هذه المادة:
الأمر
الأول: العناية بالجانب التطبيقي والجانب الإعرابي؛ فالإعراب أمر لا بد
منه؛ ولهذا من يعرف يعرب يعرف النحو، فأنت لا بد أن تعنى بموضوع الإعراب،
والإعراب يحتاج منك إلى ضبط قواعد النحو من جهة وإلى كثرة الإعراب من جهة
أخرى، وهناك كلمة يرددونها يقولون: كثرة المران -يعني التمرن- يحيل العاجز
ذا قدرة، وانظر للطفل أول ما يقوم وأول ما يمشي.
الجانب
الثاني أو الأمر الثاني لمن أراد دراسة النحو: العناية بالضوابط النحوية،
يا أخواني الضوابط النحوية مهمة جدا، في النحو قواعد ثابتة لا تتغير، هذه
القواعد لا بد أن تستفيدها ممن يدرسك النحو؛ لأن هذه الضوابط إما أن تكون
وليدة فهم مدرسك، ولو فتشت في كتب النحو ما وجدت هذا الضابط الذي أعطاك
إياه، وقد تكون أو يكون هذا الضابط موجودا في كتب النحو، ولكن يصعب وصولك
إليه، أو تصل إليه ولكن لا تستطيع صياغته ولا فهمه.
فأنا
أوصيكم بالعناية بهذين الأمرين والاستفادة مما يقال لكم في درس النحو،
سواء في هذه الدورة أو في غيرها، والنحو لمن يعرفه سهل ولذيذ أيضا، ومن لا
يعرفه ثقيل وصعب، وليس أمام الإنسان الذي شرفه الله -تعالى- بالعقل والعلم
شيء صعب، ولا سيما علم اللغة.
وقد
أحسن القائمون على هذه الدورة -جزاهم الله خير الجزاء- عندما قرروا -من
تلقاء أنفسهم ابتداء- تقرير شرح هذه النبذة المختصرة التي ألفها عالم جليل
ضرب في علم النحو بسهم وافر، وهو ابن هشام النحوي، والكتاب الذي معكم كتب
عليه عن طريق الخطأ: "مُلحة الإعراب"، وما هو بملحة الإعراب، إنما هو مختصر
قواعد الإعراب لابن هشام كما هو معلن عنه.
هذه
الرسالة يبدوا أن ابن هشام ما وضع لها عنوانا؛ لأن المخطوطة... الكتاب هذا
له مخطوطتان محفوظتان في المكتبة الظاهرية بدمشق، واستفدنا من هاتين
المخطوطتين في تصحيح بعض الأخطاء الموجودة في المطبوعة، أما المطبوعة هذه
فأنا لم أرها إلا الآن، ولا أدري هل فيها أخطاء أو لا، ولكن تصححون ما
تسمعون مني؛ لأن النسخة التي معي هي نسخة مطبوعة ولكني قابلتها على
النسختين المخطوطتين.
ومن حسن الحظ
أن هذه الرسالة قصيرة جدا، حيث تقع في ثلاث ورقات تقريبا، وهذه عادتي أنني
أحب أن أشرح متنا في خلال ستة أيام فقط، فأنا -إن شاء الله تعالى ومنه
أستمد العون والتوفيق لي ولكم- سنشرح هذه الرسالة الصغيرة وفي نيتي أن أتوج
كل درس بثلاث فوائد، ويكون المجموع في خلال ستة أيام حوالي ثماني عشرة
فائدة، هذه الفوائد ما هي يعني ليس لها ضابط معين ولكنك تستفيد منها؛ لأنها
إما ضبط قاعدة أو إشكال في آية أو غير ذلك مما سيمرّ -إن شاء الله تعالى-