انطلاقة
جديدة للدورة الأربعين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب نحتفي من خلالها بسيدة مصرية
عظيمة رحلت منذ 11 عاما، هي الرائدة والنموذج الإيجابي للمرأة المصرية في القرن
العشرين
قدمها
د.ناصر الأنصاري في المؤتمر الصحفي الذي عقد في بداية المعرض بقوله أنها أول فتاة
مصرية التحقت بالجامعة وأول أستاذه جامعية، وأول رئيس مجلس إدارة لمؤسسة ثقافية في
مصر، كما أنها أول صاحبة دراسة أكاديمية في الأدب الشعبي حول "ألف ليلة وليلة"،
قال الأنصاري: "وكأننا نحتفي بشهرزاد العصر الحديث"، كما أنها أول رئيسة
ومؤسسة للمعرض، الذي كان د.ثروت عكاشة هو صاحب فكرته بالإضافة إلي أنها أول رئيسة
لهيئة الكتاب بعد دمجها عام 1969.وهي أول سيدة مصرية تحصل علي جائزة الدولة
التقديرية في الآداب عام 1977.
أفرد
لها المعرض هذا العام محورا خاصا ضمن ندوات المحور الرئيسي بقاعة 6 أكتوبر بعنوان "سهير
القلماوي.. عطاء متجدد 1911 – 1997" وشهادات عنها، بدأت أولي تلك الندوات أمس
الجمعة من خلال ندوة أدارها د.جابر عصفور وشارك فيها أحمد شمس الدين الحجاجي، حسين
نصار، وعمر الخشاب.
بدأ
الندوة د.جابر عصفور الذي قال في بداية كلمته: الصديقات والأصدقاء...أظن أنه يصعب
عليّ جدا أن أدير هذه الندوة عن أستاذتي وأمي سهير القلماوي.
كان
مبدأها أن العلم اختلاف وكانت هذه الجملة هي حجر الأساس لي..تعلمت منها حق
الاختلاف وتعلمت أن الاختلاف هو أساس العلم.. اعتقد أني منذ تعلمت هذا الدرس لم
أنساه علي الإطلاق حتى مع تلامذتي مؤمنا بما تعلمته من هذه السيدة العظيمة وهي غرس
هذا الحق في نفوس الطلاب وعقولهم.
ولهذا
اعتقد أننا لهذا السبب علي هذه المنضدة مختلفون ومع ذلك نلتقي جميعا في محبة هذه
الأستاذة التي تبقي دائما في عقولنا نورا لا ينطفئ طالما مازال بداخلنا روح تختلج
في نفوسنا.
وأوضح
عصفور أنه تعلم منها الكثير... تعلم كيف يحترم العلم الذي بداخله فليس هناك منصبا
يفوق العلم الذي تحمله نفوسنا..وكونك مثقفا ومعلما وكاتبا هو منصب لا تضاهيه
المناصب.
ويضيف:
تعلمت منها أيضا ألا أتجرأ علي ما لا أعرف ولا ما أحسن وعلمتني أن أقلع عن "شجاعة
الجهل" وأتعلم الدقة والمنهجية العلمية، وأدركت من خلالها عمق المقولة التي
تقول: العلم لا يعطيك بعضه إلا بعد أن تعطيه كلك.
وأظن
أننا تلامذتها لم نقم بواجبنا كاملا تجاهها، فمازال هناك العشرات من المقالات لم
تنشر بعد.. فهي كتبت في مجلة "الكاتب"، كما كتبت أيضا في مجلة "أبوللو"
ومجلة "الهلال"، وهناك جوانب بارزة من حياتها لم تسلط الأضواء عليها فقد
كانت شاعرة وظلت تكتب الشعر إلي أن توقفت وانتقلت إلي مجال القصة القصيرة.
كانت
تدافع عن شعراء الشعر الحديث رغم مهاجمة الكثير من النقاد والشعراء لهم ومن أبرزهم
عباس محمود العقاد الذي كان معادي لهذا النوع من الشعر.ولعل حبها للتجديد هو ما
دفعها للاستعانة بالشاعر صلاح عبد الصبور ليعمل معها في الهيئة العامة للكتاب
بدأ
الندوة الطبيب عمر الخشاب نجل الراحلة ليلقي كلمة الأسرة معبرا عن عاطفته القوية
تجاه والدته التي أنارت له الدرب هو وأخيه بعطفها وحكمتها بل وديمقراطيتها أيضا
التي لم تكن مألوفة في ذلك الوقت، كما كانت قدوة لأنها كانت مثلا رائعا كما أوضح
نجلها في الجمع بين العمل الجاد ورعاية شئون أسرتها.
تحدث
بعده د.حسين نصار مشيرا إلي أن أستاذته سهير القلماوي كانت الثقافة أهم ما في
حياتها كانت رئيسة للقسم وأنا أحد المعينين في هذا القسم، ويروي أن أحد الطلاب
العرب حاز علي درجة الماجستير بإشراف د. حسين نصار وكان حينها لا يزال أستاذا
مساعدا وصارحه هذا الطالب العربي برغبته في أن يشرف عليه أيضا في أثناء تحضيره
لدرجة الدكتوراه وأجابه د.نصار بأنه لا يصلح للإشراف لأن العرف في القسم اقتضي
ذلك، ويستطرد نصار قائلا ذهبت إلي أستاذتي حينئذ سهير القلماوي وعرضت عليها الأمر
وسألتني لماذا لا تشرف عليه؟ وبالفعل سمحت لي بالإشراف علي رسالة الدكتوراه.
ويقول
لأني عرفتها جيدا يمكنني القول بأنها كانت مدافعة جيدة عن مبادئها وأفكارها كانت
لا تتنازل عن فكرة تقتنع بها إلا بعد أن تصل لنتيجة بشأنها.
وروي
دكتور احمد الشلق أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر عن علاقة د. سهير القلماوي بأستاذها
طه حسين أنها كانت تستشيره في كل شئ .. وكيف كانت تربطهما علاقة عميقة كل بالآخر
كانت تروي له تفصيلات حياتها، حتي وهي في مصيفها، كانت تستشيره في كل شئ، إنها
علاقة إنسانية رفيعة المقام أظن أنها أصبحت مفتقدة الآن بين الطالب وأستاذه
ويقترح
أن تقوم الهيئة العامة للكتاب بطبع كتب د. سهير كاملة بأسعار زهيدة تكون في متناول
الباحثين.
رحم
الله سهير القلماوي كانت أستاذا عظيما منحتني ما تمنح الأم ..منحتني زملائا اعتز
بهم وأجلهم..منحتني العلم...الصبر..الأصدقاء...والأساتذة.
هكذا
بدأ د.احمد شمس الدين الحجاجي كلمته الذي أشاد فيها بنبل أخلاق أستاذته التي كان
لا يمنعها الاختلاف أن تتخذ الموقف العادل، والتي كانت نصائحها قنديلا لدربه حين
يتعذر المسير كيف لا وهي القائلة له..إن ركوب البحر يفتح آفاق، فرحلة البحر مهمة
بشرط ألا تأكلك هذه الرحلة.