عالَم الكاتب
العالم الخارجي للكاتب
العالم الداخلي للكاتب
موقف الكاتب
لا يمكن للعمل الأدبي أن ينفصل انفصالاً كاملاً عن الإنسان الذي أبدعه.
فعلى الكتّاب أن يكتبوا بناءً على خبراتهم الخاصة الحقيقية وصورهم
المتخيَّلة. أما ـ
نحن القراء ـ فيمكننا أن نوسع من مداركنا الأدبية بالتعمق في عالم الكاتب.
العالم الخارجي للكاتب. ليس هناك مؤلِّف يكْتُب من فراغ، بل إن الحقبة
الزمنية والمجتمع الذي يعيش فيه هذا المؤلف، وأعمال غيره من الكتاب، إنما
تؤثر فيه .
لقد نشأت أعظم المساهمات الأدبية في الأغلب كردود أفعال إزاء الظروف
الاجتماعية التي سادت في عصرهم. فكتابات مارتن لوثر و جون كالفن، أثَّرت،
وتأثرت في الوقت
نفسه، بحركة الإصلاح البروتستانتية في القرن السادس عشر الميلادي؛ ومثلها
أعمال عبد الرحمن الشرقاوي التي تناولت ألوان الظلم، مثل رواية الأرض
وأعمال يوسف إدريس
التي تناولت القهر والفقر. كما أنه كان من شأن بيرسي بيش شيللي مثلاً أن
يتمرد على أي مجتمع يعيش فيه. غير أن الظروف الاقتصادية والسياسية
والاجتماعية في إنجلترا
في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي أتاحت المادة اللازمة لطبيعة شيللي
المتمردة.
العالم الداخلي للكاتب. هناك عوامل أُخرى تؤثر على كتابات الكاتب، وهذه
العوامل تشمل: نشأته وماضيه ومكوناته واهتماماته ومقتنياته المادية
والإعاقات البدنية
التي ربما كان يعاني منها. وكذلك علاقات الكتّاب الشخصية، داخل بيوتهم، ومع
أسرهم وأصدقائهم وأعدائهم، تصبح كلها مادة لفنهم. فمن شأن كتابات تشارلز
لامب مثلاً
أن تكون مختلفة لو أنه لم يكن عليه أن يرعى أخته ماري، ولو أنه لم يكن
عازبًا، وكان شعر شوقي سيختلف حتمًا لو لم يكن مقيمًا في قصر الخديوي،
وكتابات طه حسين
كانت بالضرورة ستختلف لو لم يعان الحرمان والعاهة. وكانت كتابات دوستويفسكي
ستختلف لو لم يكن يكابد الصرع والديون.
وبصفة عامة فإن الوحدة في عمل كاتب ما أكثر تحققًا ووضوحًا من الوحدة في
الأعمال الأدبية بمجملها في حقبة ما. فأعمال جون دون المبكرة والمتأخرة
مثلاً إنما تُظهر
جميعًا الجوانب الأساسية لشخصيته، وهذا القول صحيح على الرغم من أنه لقّب
باسم جاك المجنون في أوائل حياته والدكتور جون في فترة نضجة.
موقف الكاتب لا يمكننا إصدار أحكام عامة ونهائية بشأن أعمال أي كاتب، وكذلك
لا يمكننا القول مثلاً إن طه حسين كان مقاومًا على الدوام أو أن شوقي كان
مهادنا
للسلطة دائمًا، إلا أنه يمكننا التعرف على موقف الكاتب من الحياة. وربما
كان الوصف الذي يستعمل غالبًا لتحديد موقف الكاتب، هو إما خيالي أو واقعي.
الكُتَّاب الخياليون مغرمون بكُل ما هو غير مألوف وفاتن وغريب في بني آدم
وفي الطبيعة. وهم يثورون على كل ما هو تقليدي في الأفكار والأفعال، ويؤكدون
على أهمية
الفرد.
الكتاب الواقعيون هم أولئك الذين يعالجون الأمور المألوفة بدلاً من غير
المألوفة. ويحاول هؤلاء الكتّاب أن يسجلوا وقائع العالم كما يرونها بالفعل،
حتى بسماتها
غير المستحبة. وهم يرغبون في تقديم أفكارهم بوصفها وثائق موضوعية.
يستخدم النقاد تعبيرات الرومانسية والواقعية في كثير من الأحيان لوصف حركات
أدبية اكتسحت أوروبا في القرن التاسع عشر الميلادي. وتأثّرت بها آداب
عالمية كثيرة
كالأدب العربي، ولمناقشة هذه الحركات يمكن مراجعة الجزء المتعلق بالنبذة
التاريخية في هذه المقالة
نبذة تاريخية
باكورة الآداب
الأدب القديم
العصور الوسطى الأوروبية
عصر النهضة الأوروبية
عصر العقل
الرومانسية
الواقعية
القرن العشرون
نبذة تاريخية
باكورة الآداب. ربما كان السومريُّون الذين عاشوا فيما يعرف بالعراق الآن،
هم أقدم من كتب الأدب. ويقدِّر العلماء أن السومريين كتبوا قطعًا أدبية
بسيطة منذ
حوالي 5,500 سنة. وبحلول نهاية الألف الثالث قبل الميلاد، كانوا يكتبون
أدبًا.
كما أنتجت شعوب أخرى من الشعوب القديمة في الشرق الأوسط أنواعًا من الأدب،
من هؤلاء الآشوريون والكنعانيون والبابليون والمصريون والعبرانيون. وتشمل
كتاباتهم
القصص التي تُروى على لسان الحيوانات، والملاحم والكتابات التاريخية،
والتراتيل وأغاني الحب، والأساطير، والمقالات الفلسفية. ويعد بعض العلماء
العهد القديم
أو التوراة عملاً متميزًا من أوائل الأعمال الأدبية.
وأما الصينيون والهنود والفرس فقد أبدعوا أعمالاً أدبية متميزة. وقد أثرت
بعض كتاباتهم في الأدب الغربي الذي تتناوله هذه المقالة. فالكثير من حكايات
أيسوب إنما
هي في الأصل مستقاة من مصادر شرقية. وللمزيد من المعلومات حول الآداب
الشرقية من أقدم العهود حتى الآن يمكن مراجعة فقرة الفنون في المقالات التي
تتحدث عن مختلف
أقطار آسيا، مثل: إيران.
الأدب القديم. تطورت في اليونان فيما بين 900 - 300ق.م حضارة قديمة قلما
شهد التاريخ لها مثيلاً. وتُسمَّى الحقبة الأولى من الأدب اليوناني العصر
الملحمي .
وقد بلغت ذروتها بأشعار نسبت لهوميروس، الذي ربما كان قد عاش في القرن
الثامن ق.م. وتُظهر ملحمتا هوميروس السرديتَّان الطويلتان وهما الإلياذة
والأوديسة ، الأسلوب
الموسيقي لدى الشاعر ومهارته في تقديم شخصيات فاعلة. انظر: الإلياذة ؛
الأوديسة. أما الشعراء الرئيسيون في عصر الشعر الغنائي (فيما بين عامي 800 و
475ق.م) فهم
يشملون الشاعرة سافو التي تغنت بالحب، وبندار الذي تغنت مدائحه بالانتصارات
اليونانية.
ولقد ازدهر النثر والشعر خلال العصر الأثيني (حوالي 475-300ق.م) ووصلت
المسرحيات إلى قمتها بمآسي إيسخيلوس وسوفوكليس ويوربيدس وملاهي
أريسطوفانيس. وقد كتب هيرودوت،
أبو التاريخ عن الحروب الفارسية، بينما عالج ثيوسيديديس التاريخ بوصفه
علْمًا في سرده لتاريخ الحرب البيلوبونيزية. وربما كان أفلاطون وأرسطو من
أهم الكتاب اليونانيين
فيما خلّفاه من أثر في الحضارة الغربية.
أما ثيوقراط فقد ابتدع الشعر الرعوي الذي يصور الحياة في الريف، ووضع أسس
الكثير من السمات التي ميزت الحقبة الإسكندرانية (حوالي 300 - 146ق.م). وقد
بدأت الحقبة
الإغريقية ـ الرومانية (146ق.م - 529م) بعد فتح الرومان لبلاد اليونان،
وكان أهم ما أنتجته حياة بلوتارك ومجموعات شعرية سميت المقتطفات الأدبية
الإغريقية .
قلّد الفاتحون الرومان الأساليب الأدبية الإغريقية. وقد وضع كل من تيطس
بلوتس وتيرنس أكبر كتّاب الملهاة اللاتينية، مسرحياتهما على أسس المسرحيات
الإغريقية.
أما أشهر الشعراء الرومان، وهو فيرجيل فقد كتب ملحمته الوطنية الإنيادة على
الأسس نفسها التي كُتبت بها الإلياذة والأوديسة، أما أوفيد فقد أعاد رواية
الأساطير
اليونانية في مجموعته المسوخ ، وهي مجموعة من 250 قصة.
وتم تأليف خطب وكتابات شيشرون ويوليوس قيصر فيما بين الستينيات
والأربعينيات قبل الميلاد، وهذان يعكسان في كتاباتهما الحضارة الرومانية
بوضوح أكبر مما تعكسه
المسرحيات والأشعار التي كتبت في الفترة نفسها. أما أشهر أعمال شيشرون فهي
فيليبكس ،وهي سلسلة من الخطب التي هاجم فيها عدوه السياسي مارك أنطوني. أما
يوليوس
قيصر فأكثر ما يُذكر له هو أنه مؤلف التعليقات على الحرب الغالية
العصور الوسطى الأوروبية. امتدت منذ حوالي القرن الخامس الميلادي واستمرت
حتى القرن الخامس عشر الميلادي، فبعد سقوط روما في أيدي القوط في القرن
الخامس الميلادي،
طوى النسيان معظم الأشعار والمسرحيات اليونانية والرومانية، وذلك لسنوات
عديدة. وقد جلبت المجموعات التي غزت الإمبراطورية الرومانية آثارها
التقليدية الخاصة
معها، وأصبح الشعر الملحمي أسلوبًا مهمًا لتسجيل الأساطير التي كانت
الأجيال تتناقلها شفهيًا لمئات السنين. وظهرت الملحمة الأنجلو-***ونية
المسمّاة بيوولف في
حوالي عام 700م أما أغنية رولان الفرنسية فقد كُتبت حوالي عام 1100م، بينما
كُتبت أغاني النبلونغ حوالي عام 1200م. أغنية . كما سُجلت كثير من القصص
البطولية
الإسكندنافية، وهي قصص ملحمية طويلة خلال القرن الثالث عشر الميلادي.
ازدادت أهمية القصص التي تتحدث عن المغامرات والخيال الجامح وغراميات
الفرسان، فيما بين القرن العاشر والثالث عشر الميلاديين. وعكست تلك القصص
الخيالية أنظمة
الإقطاع والفرسان التي سيطرت على أوروبا.أما القصص السلتية للملك آرثر
وفرسان المائدة المستديرة فقد راجت في بريطانيا.
ازدادت أهمية الشعر الغنائي خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر
الميلاديين، وألف المغنون الجوالون أغاني في الحب لتسلية النبلاء وسيداتهم.
وأطلق عليهم اسم
التروبادور والتروفير في فرنسا ومينيسينجر في ألمانيا.وفي القرن الرابع عشر
الميلادي أوحى الفكر الديني للكاتب دانتي بالكوميديا الإلهية وهي واحدة من
أشهر الأشعار
التي عرفها التاريخ. وتحرر دانتي من الالتزام التقليدي بضرورة تقيد
المثقفين بالكتابة باللغة اللاتينية فقط، إذ كتب قصيدته بالإيطالية. ولا
تنبع أهمية الكوميديا
الإلهية من أهميتها هي في حد ذاتها فقط، بل لأنها أول عمل أدبي جاد كُتب
بلغة أوروبية حديثة.
سيطرت عبقرية جفري تشوسر على الأدب الإنجليزي في أواخر القرن الرابع عشر
الميلادي، حيث كان يكنّى في كثير من الأحيان بأبي الشعر الإنجليزي . ولقد
ساعد في أعمال
مثل حكايات كانتربري على إرساء قواعد اللغة الإنجليزية كما نعرفها الآن.
انظر: حكايات كانتربري .
عصر النهضة الأوروبية. كان عصر النهضة الأوروبية ميلادًا جديدًا لكل
المعارف. وقد بدأ في إيطاليا حوالي القرن الرابع عشر الميلادي، وانتشر في
كل أوروبا خلال
القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين. وقد اكتشف العلماء الأعمال
الإغريقية والرومانية المهمة. واهتم الفلاسفة بطبيعة المعرفة الإنسانية
واستخدم الكُتَّاب
أشكالاً أدبية جديدة ليُعبِّروا عن حيوية الفترات الزمنية المختلفة.
ومن أوائل الكتاب الإيطاليين الذين درسوا الأدب القديم بترارك
وجُـيُوفانِّي بوكاتشيو. وقد أجاد بترارك فن السوناتة الذي أصبح هو الشكل
الشعري المفضل لاحقًا
في كل أوروبا. واشتُهِر يوكاتشيو بعمله المسمَّى ديكاميرون وهو مجموعة
مكونة من مائة قصة. وقد نتج عن الشغف الشديد بالمعرفة في فرنسا ظهور مقالات
مايكل مونتاني
وأساطير فرانسوا رابيليه.
ولم يصل عصر النهضة إلى إنجلترا إلا في القرن السادس عشر الميلادي. غير أنه
أنتج أكثر الأدب إبداعًا في اللغة الإنجليزية لدى وصوله إليها. فقد عالج
فرانسيس
بيكون كل أنماط المعرفة في موضوعاته. أما كريستوفر مارلو فقد وسّع استعماله
للشعر المرسل ، ذي الأبيات التي لاتلتزم بالقافية، وذلك في مثل مسرحية
التاريخ المأساوي
للدكتور فاوست . كما كتب الدكتور جونسون شعرًا ممتازًا ومسرحيات كوميدية.
أما وليم شكسبير فقد توّج منجزات ذلك العصر بمسرحياته وأشعاره الغنائية.
استمتع الأدب الأسباني بعصره الذهبي في القرنين السادس عشر والسابع عشر
الميلاديين. وقد جرَّب ميغيل دي سيرفانتس سافيدرا، أشهر كتّاب أسبانيا
مهاراته في مختلف
أنماط الأدب. ويعدّ الكثير من الكتّاب روايته دون كيشوت التي كتبت في أوائل
القرن السابع عشر الميلادي من أعظم الروايات العالمية