الرحـــــــيــــــــل

تعودمَنْ يذهب سواء للحج أم العمرة أن تكون هديتى هى مجموعة الكتب التىيأخذونها هدية فى الأراضى المقدسة وهى كتب قيمة تفيد كثيراً مَنْ يقراها........ اختر ت لكم منها كتاب اسمه الزمن القادم وهو عبارة عن مجموعة منالقصص لا أدرى إن كانت حقيقية أم لا فلم يذكر الكاتب لكن كلها جميلة جداًجداً وليس هذا فقط ولكنها أيضاً من الروعة بحيثُ تجعلك تستجيب لما يقصدهالكاتب وهو التوجه إلى الله سبحانه وتعالى بكل روحك . وسأبدأ أولى القصص..........
من كتاب الزمن القادم ........... عبد الملك القاسم

الرحــــــــــــــــيــــــــــــــــــل

بدت أختى شاحبة الوجه نحيلة الجسم ...... ولكنها كعادتها تقرأ القرآن الكريم ...
تبحث عنها تجدها فى مُصلاها ... راكعة ساجدة رافعة يديها إلى السماء ....هكذا فى الصباح و فى المساء وفى جوف الليل لا تفتر ولا تمل...
كنتُ أحرص على قراءة المجلات الفنية والكتب ذات الطابع القصصى .. أشاهدالفيديو بكثرة لدرجة أننى عُرِفتُ به .. لا أؤدى واجباتى كاملة ولستُمنضبطة فى صلواتى ...
بعد أن أغلقتً جهاز الفيديو وقد شاهدتُ أفلاماً متنوعة لمدة ثلاث ساعات متواصلة ..هاهو الأذان يرتفع من المسجد المجاور ...
• عدتُ إلى فراشى ...
تنادينى من مصلاها :- نعم ماذا تريدين يانورة؟
قالت لى بنبرة حادة : لا تنامى قبل أن تصلى الفجر .
أوه.. بقى ساعة على صلاة افجر وما سمعتيه كان الأذان الأول ..
بنبرتها الحنونة – هكذا هى حتى قبل أن يُصيبها المرض الخبيث وتسقط طريحة الفراش .. نادتنى .. تعالى يا هناء بجانبى ..
لا أستطيع إطلاقاً رد طلبها .. تشعر بصفائها وصدقها ...لاشك طائعاً ستلبى ... ماذا تريدين ؟؟
اجلسى ..
ها قد جلست ماذا لديكِ؟؟
بصوت عذب رخيم : كل نفسٍ ذائقةُ الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة
سكتت بُرهة .... ثم سألتنى ...
ألم تؤمنى بالموت ؟؟؟
بلى مؤمنة ...
ألم تؤمنى بأنك ستُحاسبين على كل صغيرة وكبيرة ...
بلى .. ولكن الله غفور رحيم .. والعمر طويل ..
لا يا أختى ... ألا تخافين من الموت وبغتته..
انظرى هند أصغر منكِ وتُوفيت فى حادث سيارة ... وفلانة .. وفلانة ...
الموت لا يعرف العمر ... وليس مقياساً له ..
أجبتها بصوت الخائف حيث مصلاها المُظلم ...
إننى أخاف من الظلام وأخفتينى من الموت ,, كيف أنام الآن ؟؟؟ كنتُ أظن أنكِ وافقتِ للسفر معنا هذه الأجازة ..
فجـأة تحشرج صوتها واهتز قلبى ...
لعلى هذه السنة أسافر سفراً بعيداً .. إلى مكان آخر ... ربما يا هناء ... الأعمار بيد الله ... وانفجرت بالبكاء ..
تفكرتُ فى مرضها الخبيث وأن الأطباء أخبروا أبى سراً أن المرض ربما لنيمهلها طويلاً .. ولكن مَنْ أخبرها بذلك ؟؟ أم أنها تتوقع هذا الشئ ..
ما لكِ تُفكرين ؟؟؟ جاءنى صوتها القوى هذه المرة ؟؟ هل تعتقدين أنى أقولهذا لأننى مريضة ؟ كلا .. ربما أكون أطول عمراً من الأصحاء.. وأنتِ لإلىمتى ستعيشين ... ربما عشرون سنة .. ربما أربعون .. ثم ماذا ... لمعت يدهافى الظلام وهزتها بقوة .. لا فرق بيننا سنرحل وسنغادر هذه الدنيا إلى جنةأو إلى نار ... ألم تسمعى قوله تعالى " فمَنْ زحزح عن النار وأُدخل الجنةفقد فاز "
تُصْبحين على خير ...
هرولتُ مسرعةً وصوتُها يُطرق أذنى ... هداكِ الله .. لا تنسى الصلاة ...
الثامنةُ صباحاً ...
اسمعُ طرقاً على الباب .. هذا ليس موعد استيقاظى ... بكاء .. وأصوات ... يا إلهى ماذا جرى ؟؟؟؟

يـــــــتـــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــ ـــــع

رسالة خير جيدة .. وفاعلة .. تحياتى وواحترامى لجهدك الجميل

[b]تـــــــــــــــابـــــــــــــــــــع
[/b]

لقد تردت حالة نورة ... وذهب بها أبى إلى المستشفى ...إنا لله وإنا إليه راجعون .... لا سفر هذه السنة ... مكتوب علىّ البقاء هذه السنة فى بيتنا بعد انتظار طويل ...
عند الساعة الواحدة ظهراً .. هاتفنا أبى من المستشفى ... تستطيعون زيارتها الآن هيا بسرعة ...
أخبرتنى أمى أن حديث أبى غير مُطمئن وأن صوته متغير .. عباءتى فى يدى ..
أين السائق ... ركبنا فى عجل .. أين الطريق الذى كنتُ أذهب لأتمشى فيه ويبدو قصيراً ... ماله اليوم طويل ... وطويل جداُ .. أين ذلك الزحام المحبب إلى نفسى كى التفت يُمنة ويُسرة ...زحام أصبح قاتلاً ومملاً ..ز
أمى بجوارى تدعو لها ... أنها بنت صالحة ومطيعة ... لم أرها تضيع وقتها أبداً ...
دلفنا من الباب الخارجى للمستشفى ...
هذا مريض يتأوه ... وهذا مصاب بحادث سيارة ... وثالث عيناه غائرتان .. لا تدرى هل هو من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة ... منظر عجيب لم أره من قبل ...
صعدنا درجات السلم بسرعة ...
إنها فى غرفة العناية المركزة ... وسآخذكم إليها .. ثم واصلت الممرضة إنها بنت طيبة وطمأنت أمى أنها فى تتحسن بعد الغيبوبة التى حصلت لها ..
هذه هى غرفة العناية المركزة...
وسط زحام الأطباء وعبر النافذة الصغيرة التى فى باب الغرفة أرى عينى أختى نورة تنظر إلى وإلى أمى التى لم تستطع إخفاء دموعها ..
سمحوا لى بالدعالم والسلام عليها بشرط أن لا أتحدث معها كثيراً ... دقيقتين كافية لكِ ...
كيف حالك يا نورة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ لقد كنتِ بخير مساء البارحة ....... ماذا جرى لكِ ؟؟؟
أجابتنى بعد أن ضغطت على يدى : وأنا الآن ولله الحمد بخير ..
الحمد لله ولكن يدك باردة ..
كنتُ جالسة على حافة السرير ولامستُ ساقها ... أبعدته عنى آسفة إذا ضايقتكِ ...كلا ولكنى تفكرتُ فى قول الله تعالى " والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذٍ المساق "عليكِ يا هناء بالدعاء لى فربما استقبلعن قريب أول أيام الآخرة ... سفرى بعيد وزادى قليل .
سقطت دمعة من عينى بعد أن سمعتُ ما قالت وبكيت .. لم أع أين أنا ؟؟؟ استمرت عيناى فى البكاء ..أصبح أبى خائفاً عليّ أكثر من نورة ... لم يتعودوا هذا البكاء والإنطواء فى غرفتى ..
مع غروب شمس ذلك اليوم الحزين ..
دخلت علىّ ابنة خالتى .. ابنة عمتى ...
أحداث سريعة ...
كثُرَ القادمون .. اختلطت الأصوات .. شئ واحد عرفته .. نورة ماتت .
لم أعد أُميز مَنْ جاء .. ولا أعرف ماذا قالوا ..
ياالله ... أين أنا وماذا يجرى؟؟؟ عجزتُ حتى عن البكاء .. فيما بعد أخبرونى أن أبى أخذ بيدى لوداع أختى الوداع الأخير .. وأنى قبلتها .. لم أعد أتذكر إلا شيئاً واحداً .. حين نظرتُ إليها مُسجاة .. تذكرتُ قولها " والتفت الساق بالساق " وعرفتُ حقيقة أن إلى ربك يومئذٍ المساق "
لم أعرف أننى عدتُ إلى مصلاها إلا تلك الليلة ..
وحينها تذكرتُ مَنْ قاسمتنى رحم أمى فنحن توأمين .. تذكرتُ مَنْ شاركتنى همومى .. تذكرتُ مَنْ نَفَست عنى كُربتى ..مَنْ دعت لى بالهداية .. مَنْ ذرفت دموعها ليالى طويلة وهى تُحدثنى عن الموت والحساب ... الله المستعان ..
هذه أول ليلة لها فى قبرها .. اللهم ارحمها ونور قبرها ... هذا هو مُصحفها .. وهذه سجادتها .. وهذا .. وهذا ... بل هذا هو الفستان الوردى الذى قالت لى سأُخبئه لزواجى ..
تذكرتها وبكيت على أيامى الضائعة .. بكيتُ بكاءاًمتواصلاً .. ودعوتُ الله يرحمنى ويتوب علىّ ويعفو عنى .. دعوتُ الله أن يُثبتها فى قبرها كما كانت تُحِب أن تدعو ...
*فجأة سألتُ نفسى ماذا لو كانت الميتةُ أنا ؟؟؟ ما مصيرى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ لم أبحثُ عن الإجابة من الخوف الذى أصابنى ... بكيتُ بحرقة ..
الله أكبر.. الله أكبر ... هاهو أذان الفجر قد ارتفع ... ولكن ما أعذبه هذه المرة ...
أحسستُ بطمأنينة وراحة وأنا أردد ما يقوله المؤذن ... لفلفتُ ردائى وقمتُ واقفة أُصلى صلاة الفجر ... صليتُ صلاة مُوَدِع .. كما صلتها أختى من قبل وكانت آخر صلاة لها ...

إذا أصبحتُ لا أنتظر المساء...
وإذا أمسيتُ لا أنتظر الصباح....

شكرا على الموضوع الرائع

thanks

بارك الله فيكما
toto، gogo

مشكور