جاء
خبر وفاة اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية ورئيس المخابرات السابق
مفاجئا وصادما للرأي العام المصري, وشكل لغزا لدي البعض رغم تأكيدات أن
الوفاة طبيعية نتيجة تدهور حالته الصحية بمستشفي كليفلاند بأمريكا.
<="" div="" border="0">
وأثار هذا الموت المفاجئ جدلا بين المؤيدين والمعارضين لرجل وصف بأنه
الصندوق الأسود للعديد من الملفات في النظام السابق وخزينة أسرار الدولة
الكثير من الشكوك والتساؤلات حول ملابسات وفاته خاصة فيما تردد عن احتفاظه
بملفات سرية للعديد من القضايا.. وأشار أحد المحامين في بلاغ رسمي إلي أن
سفر سليمان كان خطأ من جانب القيادة الأمنية المصرية سواء كانت المخابرات
العامة أو الحربية أو الأمن القومي وكان يتوجب عليهم وضعه علي قوائم
الممنوعين من السفر لأنه يعد الصندوق الأسود الذي يحوي الكثير من المعلومات
المهمة.. لكن ما هي ملابسات وفاة نائب رئيس الجمهورية ورئيس المخابرات
السابق ؟ وما هي التفاصيل الأخيرة في حياة الجنرال؟!
البيان الصادر عن مستشفي كليفلاند بولاية أوهايو الأمريكية قد أكد أن سبب
وفاة سليمان نتيجة مضاعفات الداء النشواني وهو مرض يؤثر علي القلب والكلي
وهو مرض مجهول يظهر في شكل أورام خبيثة, فيما أكدت مصادر مطلعة للأهرام أن
عمر سليمان كان قد أجري جراحة لإزالة ورم في الرأس في بروكسل ببلجيكا خلال
عام2002 وتم علاجه وكان سليمان يحب ألا يتحدث في هذا الأمر.
وعن حالة سليمان المرضية وتفاصيل الأيام الأخيرة في حياته يقول اللواء
سامح سيف اليزل الخبير الأمني إن المرض بدأ يداهم رئيس جهاز المخابرات
السابق منذ عامين تقريبا حيث كان يعاني من عدم انتظام في ضربات القلب, وبدأ
يتناول الأدوية المنظمة لها, ومنذ عام تقريبا داهمته بعض الآلام في الصدر
مع ارتفاع في ضغط الدم وتطورت الحالة إلي صعوبة شديدة في التنفس, وتم تشخيص
الحالة المرضية في مستشفي وادي النيل إلي ضعف في عضلة القلب, وهو ما كان
يؤدي إلي الشعور ببعض الأعراض مثل ضيق في التنفس والإرهاق والضعف, وبدأ
سليمان في تناول العقاقير التي تحسن من كفاءة عضلة القلب, إلا أنه عاني
وجود ماء داخل الرئتين بسبب عدم قدرة القلب علي ضخ الدم من الرئتين, ومنذ
نحو شهرين سافر سليمان إلي ألمانيا لإجراء عمليات بذل للمياه, وبعد تحسن
حالته بشكل طفيف عاد إلي القاهرة ومنها إلي دولة الأمارات لمتابعة الحالة
ثم عاد مرة أخري إلي مصر.
ويضيف سيف اليزل أن المرض اشتد علي عمر سليمان بشكل عنيف قبل وفاته بشهر
وتوجه إلي المستشفي العسكري في الإمارات واستمر يعالج داخل المستشفي حتي
الأسبوع الأخير قبل الوفاة عندما تدهورت صحته بشكل ملحوظ وعاني من تجمع
للمياه علي الرئة, وتم نقله إلي غرفة العناية المركزة في المستشفي العسكري
بالأمارات, حتي رأي الأطباء المعالجون له ضرورة سفره إلي أمريكا للعلاج,
وبالفعل تم نقل عمر سليمان داخل طائرة إسعاف خاصة وكان يرافقه استشاري قلب
مصري من مستشفي وادي النيل, وهو الطبيب المصري المعالج له الذي رافقه في
رحلات العلاج خارج مصر, وأثناء نقل سليمان إلي أمريكا قرر الطبيب المصري
الهبوط في ألمانيا لإجراء عملية بذل للمياه خشية من وفاته قبل وصوله إلي
الولايات المتحدة الأمريكية, وتم إجراء عملية البذل وبعد أن استقرت الحالة
لعدة ساعات قرر الطبيب المصري المرافق له استئناف الرحلة إلي أمريكا, ودخل
سليمان مستشفي كليفلاند بالولايات المتحدة الأمريكية يوم الاثنين السابق
للوفاة, وبدأت إجراء الفحوصات والتحاليل الطبية له التي أكدت إصابته بمرض
النشواني وهو مرض يؤثر علي عدد من الأعضاء منها القلب والكلي, وفي اليوم
الأخير قبل وفاة سليمان وتحديدا يوم الأربعاء أجري عمليات بذل جديدة للمياه
علي الرئتين واستقرت حالته لساعات قليلة, إلا أن الحالة تطورت بعد ذلك
وتوفي في الساعة الرابعة والنصف من فجر يوم الخميس قبل الماضي.
وعما تردد أخيرا عن موت سليمان في تفجيرات سوريا والتي قتل فيها وزير
الدفاع السوري وصهر الرئيس بشار الأسد, ينفي الخبير الأمني سفر رئيس
المخابرات المصرية السابق إلي سوريا منذ عدة سنوات حتي أثناء السنوات
الأخيرة من عمله كرئيس للجهاز, وأكد سيف اليزل أن هذه الأكاذيب تأتي في
إطار حملة لتشويه صورة اللواء الراحل عمر سليمان وجهاز المخابرات المصري.
وينفي الخبير الأمني كل ما تردد بشأن اغتيال سليمان قائلا: وفاة مدير
المخابرات السابق طبيعية وليس هناك إلي هذه اللحظة ما يشير إلي اغتياله أو
وجود شبهة جنائية في الموت, لكن لا أحد ينكر أن هناك مستفيدين من وفاة عمر
سليمان لكونه رجلا تولي رئاسة الجهاز لأكثر من18 عاما, وهي أطول فترة في
تاريخ رؤساء الجهاز منذ انشائه, وتولي سليمان الكثير من الملفات المهمة
والحساسة, وأطلق عليه البعض الصندوق الأسود لعصر الرئيس السابق مبارك.
أما اللواء حسام خير الله وكيل جهاز المخابرات الأسبق فيقول: عمر سليمان
كان مصابا بمياه علي الرئة منذ فترة وعندما تحدثت إليه بعد الانتخابات كان
صوته يبدو عليه الإرهاق والتعب, وأخبرني أنه يعاني من التهاب بالحلق وبعدها
سافر إلي الأمارات.
ويضيف خيرالله: لست من أنصار الشك أو المؤامرة في وفاة سليمان فهو كان
يبلغ من العمر77 عاما ومسألة ربط تزامن وفاته مع آخرين بأجهزة مخابرات أخري
غير منطقي, وبالمناسبة كان لدينا وكيل بالمخابرات وخرج من العمل منذ15
عاما وتوفي في نفس توقيت رحيل عمر سليمان فهل يمكن القول إن ثمة علاقة تربط
بينهما.. بالتأكيد هو شيء غير منطقي.
وحول ما يحمله عمر سليمان من أسرار وكونه الصندوق الأسود لحقبة مبارك يؤكد
اللواء خير الله أن كل ما يخص العلاقات والعمل بالمخابرات موجود في ملفات
خاصة ومحتفظ به في ملفات سرية خاصة بالجهاز وعندما ترك سليمان مكتبه قام
بتسليم كل شيء وكل الملفات إلي الجهاز, وما يمكن أن يحتفظ به سليمان هي
علاقات ما بين رؤساء في اتصالات خاصة وتفاصيل لقاءات بين الرئيس المصري
السابق ورئيس دولة أخري وتفاصيل الأحاديث الجانبية التي كان يحضرها, فكل
الأسرار التي رحلت مع سليمان لا تهم أحدا, وهي علاقات وأسرار ذات طبيعة
شخصية من خلال حجم علاقاته أما كعمل مخابراتي فليس هناك جديد, وعندما عين
سليمان نائبا لرئيس الجمهورية ترك جهاز المخابرات وسلم كل الملفات
ويضيف اللواء خير الله إذا كان سليمان قد حاول إفشاء ملفات سرية كان من
الممكن أن يحاسب قانونيا علي ذلك طبقا للقانون100 لإفشاء معلومات سرية لا
يجوز الإفصاح عنها.
ويؤكد خيرالله أن عمر سليمان كان شخصا كتوما للغاية ومصدر قوته أنك لا
تستطيع قراءة ما بداخله أو ما ينتوي القيام به, فهو كان قوي الذاكرة ولديه
قدر كبير من العلاقات الدولية حيث ظل لنحو20 عاما رئيسا لجهاز المخابرات
المصرية من6 مارس1991 وليس كما يشاع من1993.
وحول ضرورة وجود شخص من المخابرات بصحبته داخل غرفة العمليات وأثناء تأثير
المخدر, يوضح اللواء خير الله عادة ما يقوم جهاز المخابرات بذلك ومن
الممكن أن يقوم به الملحق الطبي الموجود بالسفارة أو رجل عسكري يوجد داخل
غرفة العمليات, ولا أعلم إذا كان الملحق الطبي بأمريكا قد دخل معه أم لا,
ولكن سليمان ترك المخابرات منذ عام ونصف العام وليس لديه معلومات عن الفترة
الحالية, كذلك فيما يتعلق بتشريح الجثة فأنه طالما ليس هناك ما يدل علي أن
الوفاة تحمل شبهة جنائية فلا داعي لذلك ويجب موافقة أسرته علي القيام
بتشريح الجثة أما فيما تردد عن سفره سليمان لسوريا فهو غير صحيح وكلام
فارغ.
ويضيف وكيل جهاز المخابرات الأسبق: سليمان كان شخصية وطنية يتمتع بقبول في
العالم وتولي إدارة ملفات مهمة خلال السنوات الماضية فكان المسئول الأول
عن إدارة الملف الفلسطيني- الإسرائيلي وملف المصالحة الفلسطينية التي بذل
فيها الكثير وكذلك طائرة البطوطي والتي أرادات أمريكا تحويل ملف الطائرة من
مكتب المباحث الفيدرالية إلي المدعي العام الأمريكي لتدخل المحاكم
الأمريكية ويكون هناك تعويضات أشبه بطائرة لوكيربي ووقتها سافر سليمان إلي
واشنطن واستطاع حل المسألة وتم حفظ الملف في الـFBI.
وكذلك لعب دورا مهما في مسألة الهيئة العربية للتصنيع عندما عقدت مصر
اتفاقية كامب ديفيد للسلام وخرجت قرارات قمة بغداد بمقاطعة مصر وكان لدينا
الهيئة العربية للتصنيع وتضم السعودية وقطر والأمارات وانسحبوا وقتها
وكانوا يريدون أموالهم التي بلغت وقتها أكثر من2 مليار جنيه, وكانت تعاني
مصر وقتها من ظروف اقتصادية صعبة وظلت هذه القضية ممثقفة حتي عام1993 عندما
قام سليمان بحل المشكلة وتم الانتهاء منها في لندن.
أيضا دوره في حادث أديس أبابا وغيرها من الملفات المهمة.
ويشير اللواء خير الله إلي أن ما تردد خلال الأيام الماضية من شائعات
سيحول وفاة عمر سليمان إلي واحدة من الألغاز التي ستستمر لسنوات طويلة