ويقول ابن رشد إذا غوى (أي ضل
وانحرف) غاوٍ بسبب النظر في الوجود لا يمكن أن ننكر الصنعة نفسها عن الأكفاء
بالنظر فيها ودراستها لأن بعض غير الأكفاء للنظر قد أخطأ.
قال ابن رشد أيضا أن الناس مختلفون
في جبلتهم فهناك أناس يجري عليهم القياس البرهاني وأناس القياس الجدلي. نظر ابن
رشد إلى العلاقة بين الدين والفلسفة وخلاصة موقفه في المسألة:
إذا قررنا قضية مثل قضية العالم
مخلوق، فلا يخلو هذا الوضع (أي خلق الوجود) أن يكون الشرع قد سكت عنه أو قال قولا
ما. اليقين الفلسفي البرهاني حق ولا يمكن أن يتعارض مع حقيقة ذكَرَها الشرع:
· قول سكت عنه الشرع: يجوز الكلام فيه.
· قول قرر بشأنه الشرع قولا ما: إما قرر بشأنه قولا موافقا لما
قدره العقل: فلا نتكلم فيه، أو إما قرر بشأنه قولا مخالفا لما قدره العقل: فنلجأ
للتأويل
تتلخص أطروحة ابن رشد في هذه المسألة
في:1.
أن الشرع أوجب النظر بالعقل في الوجود و أوجب دراسة المنطق من
ناحية مفسرا آية "واعتبروا يا أولي الأبصار". معنى الأبصار القياس،
وأوجب النظر في الوجود من علل الموجودات.
2. الوجه الثاني أن هذا النظر ليس بدعة وينبغي أن نأخذ به و لا
يمكن أن يتحقق لفرد واحد فهو إسهام لأفراد كثيرين فيجب أن نلجأ للأمم الأخرى.3. العلاقة بين ما يقرره العقل البرهاني وما تتفق به الشريعة، كل
منهما يعبر عن الحق، والقضايا البرهانية العقلية هي حق، وما نطق به الشرع حق،
والحق لا يضاد الحق بل يؤكده ويشهد له، أي ليس هناك تناقض بين الحكمة (الفلسفة)
والشريعة.
فيكون مرجع ابن رشد النهائي هو العقل
قيل عنهيقول لويج رينالدي في بحث عنوانه
"المدينة الإسلامية في الغرب":"ومن فضل المسلمين علينا أنهم
هم الذين عرّفونا بكثير من فلاسفة اليونان. وكانت لهم الأيدي البيضاء على النهضة
الفلسفية عند المسيحيين. وكان الفيلسوف ابن رشد أكبر مترجم وشارح لنظريات أرسطو.
ولذلك كان له مقام جليل عند المسلمين والمسيحيين على السواء. وقد قرأ الفيلسوف
ورجل الدين النصراني المشهور توماس الأكويني، نظريات أرسطو بشرح العلامة ابن رشد.
ولا ننسى أن ابن رشد هذا مبتدع مذهب "الفكر الحر". وهو الذي كان يتعشق
الفلسفة، ويهيم بالعلم، ويدين بهما. وكان يعلمهما لتلاميذه بشغف وولع شديدين، وهو
الذي قال عند موته كلمته المأثورة:"تموت روحي بموتِ الفلسفة وتحيا بالروبيض
من الخنا وأشعا العسيسة في الكرا".
وفي كتابه "تاريخ موجز للفكر
الحر" كتب المفكر الإنكليزي جون روبرتسون : "إن ابن رشد أشهر مفكر مسلم،
لأنه كان أعظم المفكرين المسلمين أثراً وأبعدهم نفوذاً في الفكر الأوروبي، فكانت
طريقته في شرح أرسطو هي المثلى".
وكتب المستشرق الإسباني البروفيسور
ميغيل هرنانديز : "إن الفيلسوف الأندلسي ابن رشد سبق عصره، بل سبق العصور
اللاحقة كافة، وقدم للعلم مجموعة من الأفكار التي قامت عليها النهضة
الحديثة".
ورأى هرنانديز أن ابن رشد قدم رؤية
أكثر شمولاً وإنسانية للمدينة الفاضلة. وكان يرى أن في الإمكان قيام كثير من المدن
الفاضلة، تقوم بينها علاقات سلمية فاضلة -والمدينة هنا تكاد تعني الدولة تماماً-
واعتقد أن قيام الحروب بين الدول هو نهاية العالم.
و
يقول العلامة الخزرقي عليه رحمة
الله :(إن ابن رشد أضاء للغربيين الطريق إلى فلسفة خيالية يسطع منها نور الترديد
). وشرح الترديد بقوله الترديد نقطة في أواسط الخنا.
من مؤلفات ابن رشدتقع مؤلفات ابن رشد في أربعة أقسام:
شروح ومصنفات فلسفية وعملية، شروح ومصنفات طبية، كتب فقهية وكلامية، وكتب أدبية
ولغوية.
أحصى جمال الدين العلوي 108 مؤلف لابن رشد، وصلنا
منها 58 مؤلفاً بنصه العربي. وابن رشد كان قد كتب المقالات، وألف الكتب، وشرح
النصوص الكثيرة 
