مقدمة المؤلف
ونبدأ
الآن بعون الله تعالى، فيقول المؤلف: بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي هذه
نكتة يسيرة اختصرتها من: (قواعد الإعراب) تسهيلا على الطلاب، وتقريبا على
أولي الألباب، وتنحصر في ثلاثة أبواب
المؤلف ما بدأ الكتاب بالحمدلة ولا بالصلاة على الرسول r ويبدو أنه ترك ذلك اختصارا، وإن كان هذا لا يؤثر على الاختصار، يقول:
"
هذه نكتة يسيرة " النكتة معناها المسألة العلمية الدقيقة التي تحتاج إلى
فكر وإمعان، هذا معنى النكتة، إذا قال العالم هذه نكتة أو هذه نكت، ولعل
بعضكم أو أكثركم أو كلكم يعرف كتاب ابن حجر (النكت على ابن الصلاح) اربطوا
هذا بهذا، ( النكت على ابن الصلاح )، يعني جمع نكتة وهي المسألة العلمية
الدقيقة التي تحتاج إلى تفكير. وقوله رحمه
الله: اختصرتها من قواعد الإعراب ابن هشام له كتاب اسمه (الإعراب عن قواعد
الإعراب)، وهذا الكتاب كتاب مطبوع، وهو كتاب قيم لا يستغني عنه طالب العلم،
جمع فيه ابن هشام
مسائل
جيدة من مسائل النحو لا توجد في كتاب آخر على هذا النسق، لا توجد في أي
كتاب آخر على هذا النسق؛ ولهذا خدم العلماء هذا الكتاب (الإعراب عن قواعد
الإعراب) وشرحوه، ومن شروحه مطبوعة: (مُوصِل الطلاب إلى قواعد الإعراب )،
موصل بالصاد واللام (موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب)، هذا للشيخ خالد
الأزهري المتوفى في أول القرن العاشر.
يقول:
تسهيلا على الطلاب، وتقريبا على أولي الألباب، وتنحصر في ثلاثة أبواب يعني
أن رسالتنا هذه في ثلاثة أبواب، وتبحث في ثلاث موضوعات:
الموضوع
الأول في الجملة، بحث في الجملة، والموضوع الثاني: بحث في الجار والمجرور
والظرف، والموضوع الثالث: في مجموعة من الأدوات يكثر دورانها في الكلام،
فأراد ابن هشام أن يعطيك ضابطا لها حيث ما وجدتها تعربها بهذا الإعراب،
وعددها خمس وعشرون أداة، هذا مجمل الكتاب الذي معنا.
الباب الأول
تعريف الجملة
الباب الأول: الجملة
سنسلط
الأضواء تسليطا لا بأس به على الجملة، أولا: ما هي الجملة؟ لك أن تعرِّف
الجملة بتعريفين، إن شئت تعريفا مختصرا موجزا، وإن شئت أن تعرِّفها تعريفا
مبسطا موضحا، أنت بالخيار، فلك أن تقول: الجملة: "ما تكونت من مسند ومسند
إليه"، فإذا قلت مثلا: أخوك أو جاء أخوك، فجاء مسند، وأخوك مسند إليه، إذن
هذه جملة؛ لأنه وجد فيها مسند ومسند إليه.
لك
أن تعرّفها بتعريف أوضح فتقول: الجملة: "ما تكونت من فعل وفاعل، أو من
مبتدأ وخبر، أو ما يُنزَّل منزلتهما"؛ فإذا قلت: حضر أخوك هذه جملة؛ لأنها
تكونت من فعل وهو حضر، وأخوك وهو الفاعل، أو من مبتدأ وخبر، لو قلت مثلا:
أخوك حاضر، أو ما يُنزَّل منزلتهما، المراد بذلك الفعل المبني للمجهول مع
نائب الفاعل، مثل لو قيل: كُتب الدرس، أو اسم الفاعل مع مرفوعه إذا كان
مبتدأ، مثل أقائم أخوك؛ لأن أقائم أخوك هل هي فعل وفاعل ؟ ما هي فعل وفاعل،
هل هي مبتدأ وخبر؟ ما هي مبتدأ وخبر، إذن ينطبق عليها قولنا: أو ما ينزل
منزلته؛ لأن قائم مبتدأ، أقائمٌ قائم مبتدأ وزيد فاعل سد مسد الخبر.
ذا
هو معنى الجملة، ومن خلال هذا العرض يتبين أن الجملة نوعان -كما ذكر
المؤلف-: إما جملة اسمية وهي ما بُدئت باسم، أو جملة فعلية وهي ما بُدئت
بفعل، هذا واضح.
مما تتكون الجملة
وفيها أربع مسائل، المسألة الأولى: أن اللفظ المفيد يسمى كلاما وجملة
اللفظ
المفيد يسمى كلاما ويسمى جملة، إذا قلت: جاء محمد هذا لفظ، ومعنى لفظ يعني
صوت، ومعنى صوت يعني أنه مكون من حروف، مفيد، حصل إفادة لما قلت لك: حضر
أخوك أو جاء أخوك، إذن يسمى كلاما ويسمى جملة، لماذا يسمى كلاما؟ لأنه
أفاد؛ لأن الشرط الأساسي في اللغة بالنسبة للكلام هو الإفادة، ويسمى جملة
لأنه تكون من مسند ومسند إليه.
لكن
ظاهر كلام ابن هشام أن الكلام والجملة بمعنى واحد؛ لأنه قال: يسمى كلاما
ويسمى جملة، وهذا رأي لبعض النحويين، يقول الكلام والجملة بمعنى واحد، إما
تسميها جملة أو تسميها كلاما، واحدٌ، هذا رأي لبعض النحويين، وهو الزمخشري
ذكره في كتابه المفصل، لكن الصواب خلاف ذلك، وأن الجملة غير الكلام، الجملة
غير الكلام.
فإذا قلت: جاء أخوك هذا
كلام؟ نعم؛ لأنه أفاد، وجملة لأنه مركب من مسند ومسند إليه، طيب لو قلت:
إن قام زيد قام عمرو، إيش رأيك في جملة "قام زيد" بنفس التركيب، إن قام
زيد، جملة؟ جملة؛ لأنه مكون من مسند ومسند إليه، لكن هل هي كلام؟ ليست
بكلام، لماذا؟ لأنها لم تفد، لو قلت لإنسان إن قام زيد وسكت، ما استفاد