تؤكّد بحوث طبية صادرة عن "منظمة الصحة العالمية" أن قلّة الحركة والإكثار
من الراحة وعدم القيام بالأنشطة الجسدية أو تحريك الأعضاء، كلّها عوامل
سلبية تؤدّي إلى أضرار وأمراض صحية مزمنة (السمنة والسكري وارتفاع ضغط
الدم)، فيما يفيد القيام بالأعمال المنزلية بصورة سليمة ومعتدلة من كفاءة
عمل الدورة الدموية في الجسم، ويحافظ على سلامة العضلات والعظام. ويوضح
الباحثون أنه غالباً ما تتجاوز الأعمال المنزلية في بعض الفترات التي تكون
فيها المرأة بحالة صحية فيزيولوجية معيّنة (فترات الطمث أو الحمل أو سن
انقطاع الطمث) طاقتها وقدرتها، ما يعرّضها إلى اضطرابات صحية ومزاجية.
"سيدتي" تطلع من الاختصاصي في العلاج الطبيعي بمستشفى السعودي الألماني
الدكتور وسام رياض عبده أبو ضفر عن أبرز الآلام التي قد تصيب ربة المنزل،
والنصائح الواقية منها.
ثمة وضعيّات خاطئة تقوم بها ربة المنزل أثناء أدائها للأعمال المنزلية قد تؤثّر على صحّة عظامها وعمودها الفقري، أبرزها:
1 وضعية الركوع:
تعدّ هذه الوضعية من أسوأ الوضعيات التي تقوم بها ربة المنزل عند
استخدامها للمكنسة الكهربائية أو ماسحة الأرض خصوصاً في الأماكن أو
الزوايا المغلقة التي يصعب الوصول إليها، ما يسبّب تورّم أو التهاب
الركبتين. وتفيد "المنظمة الأميركية لصحة العظام"، في هذا الإطار، أن
الوضعية السليمة للركوع على الركبتين تستوجب أن يكون الجذع مستقيماً مع
انحنائه قليلاً إلى الأمام بحيث يبقى ثقل الجسم موزّعاً على الأطراف
بالتساوي، علماً أن كل انحناءة زائدة في الجسم إلى جهة اليمين أو اليسار
قد تخلّ بتوازن الجسم وتحدث ضغطاً زائداً على الفقرات القطنية أو على
الركبتين، ما يترك آثاراً ضارّة على العضلات والمفاصل (الإجهاد وصعوبة
الحركة).
2 جلوس القرفصاء:
لا تعدّ هذه
الوضعية سيئّة أو ضارّة إذا ما تمّت وفق أسلوب صحّي إذ أنها تعتمد على
توزيع ثقل الجسم وقوته على الفخذين والساقين ومفصلي الركبتين والقدمين
بشكل متوازن ومتساوٍ. ولكن قد تتسبّب المبالغة في الجلوس وفق هذه الوضعية
لفترات طويلة، في:
- تقلّصات وتشنّجات عضلية.
- ألم في المفاصل نتيجة الضغط عليها لفترات طويلة.
- ضغط الدوران الدموي السطحي والذي يسبّب الشكوى الشائعة من التنميل المتقطّع في القدمين والساقين.
- زيادة تدهور بعض حالات الدوالي والاضطرابات الوعائية في أمراض تصلّب الشرايين والسكري.
ولذا، ينصح الأطباء بمحاولة الجلوس على مقعد ذي أرجل قصيرة، على أن تعتاد
ربة المنزل على التحرّك المستمر لإزالة التوتر والضغط على الأطراف
والعضلات والمفاصل.
3 الوقوف المتكرّر:
يجهد الوقوف المتكرّر منطقة الفقرات القطنية ومنتصف الظهر، إذ يتركّز في
خلاله وزن الجسم على الظهر ومفاصل الأطراف السفلية، وقد يزداد الأمر سوءاً
في حال زيادة الوزن حيث يتزايد ضغط الجسم على الظهر والرقبة ما يؤدّي إلى
تشنّج العضلات وتصلّبها وبالتالي إصابتها بالضعف العضلي، كما يزداد توتر
العضلات وتشنجها في حال حفظ توازن الجسم لفترة طويلة. وتجدر الإشارة إلى
أن غالبيّة النساء تعتمد على طرف واحد في الوقوف لفترات طويلة، ما يزيد من
أذيّة الطرف الذي يتعرّض لثقل الجسم منفرداً بفعل الضغط على جهة دون
الأخرى، وبالتالي يختلّ توازن الجسم ويزداد التقلص العضلي اللازم لحفظ
توازن الجسم.
أمراض شائعة
تتكرّر شكوى ربّات المنازل من الحالات التالية:
_ التهاب الأوردة في الساقين (داء الدوالي):
قد تلاحظ ربة المنزل ألماً زائداً بالطرفين السفليين أو وجود أوردة سطحية
متعرّجة ومتّسعة بعد قيامها بالأعمال المنزلية المجهدة والتي تحتاج إلى
الوقوف لفترات طويلة. وتذكر دراسة حديثة صادرة عن "المعهد الأميركي للصحة
العامة"، في هذا الإطار، أن نسبة تتراوح ما بين 15 و20% من ربات البيوت
تصاب عادةً بداء الدوالي بالطرفين السفليين. وإذ يفيد الباحثون في "مركز
الوقاية والتحكّم من الأمراض" أن الوراثة تشكّل السبب الرئيس الكامن خلف
الإصابة بالدوالي، يؤكّدون أن هذه الإصابة تنتج أيضاً عن ارتفاع الضغط
الوريدي، علماً أن الدوالي لا تظهر بوضوح لدى النساء البدينات لأنها تختفي
وسط الأنسجة الكثيفة، كما أن المرأة أكثر عرضة لهذه المشكلة من الرجل.
وقد تتسبّب الدوالي في عدد من الأعراض المزعجة لربة المنزل: ثقل في الرجلين وألم في الساقين وتقلّص العضلات ليلاً والتنميل أحياناً.
التوصيات العلاجية:ينصح الأطباء للوقاية وعلاج داء الدوالي بـ:
- رفع الساقين أثناء النوم، ما يخفّف من احتقان الدم في الأوردة.
- اتّباع نظام غذائي يرتكز على الإكثار من تناول الخضر والفاكهة والتخفيف من الملح والدسم والتوابل.
- تناول المشروبات المدرّة للبول كتلك المحتوية على الكافيين (الشاي الأخضر والشاي الأحمر والقهوة).
- الوقاية باستعمال جوارب مطّاطية خفيفة الضغط ومرنة.
- انتقاء الأحذية المناسبة لحجم القدم، مع تلافي استخدام تلك الضيّقة أو الصغيرة التي تضغط بشدّة على ظهر القدم.
_ آلام الرقبة:
آلام موضعية ووقتية تظهر بسبب تشنّج عضلات الرقبة أثناء القيام بأعمال
المنزل المجهدة التي تعتمد على تحريك عضلات الرقبة بطريقة خاطئة. وتتكوّن
تليّفات غالباً من فرط التقلّصات العضلية في الرقبة، تنتقل مع مرور الوقت
إلى أعلى الرأس محدثة الإصابة بالصداع، كما قد تنتشر أيضاً إلى الكتف
والذراعين.
التوصيات العلاجية: تدليك عضلات الرقبة بشكل متكرّر
والقيام بحركات تحريك الرقبة والرأس، وإجراء بعض حركات الإطالة للرقبة
وتثبيتها بأربطة خاصّة، ما يعمل على ارتخاء عضلات الرقبة والتخفيف من
الآلام الحادّة والمزمنة منها.
- صداع التوتر:
يصيب هذا النمط من الصداع نسبة كبيرة من ربات البيوت بشكل يومي، ويزداد
شدّة عند حالات الضجر الشديد أو الإعياء أو اضطرابات النوم، وقد ينتقل إلى
الرقبة، وتصاحبه: سرعة في النبض وشعور بعدم الارتياح والقلق وضيق التنفس.
التوصيات العلاجية: يعالج صداع التوتر بالاسترخاء والراحة، كما باستخدام
المسكّنات والمهدّئات في حالات الإصابة الشديدة. وينصح بإرخاء عضلات
الرقبة عبر التدليك والتمرينات الرياضية الخفيفة، مع المواظبة على
الحمّامات الدافئة.
- ألم الكتف:
تتسبّب
الأعمال المنزلية المجهدة، والتي تستعمل في خلالها ربة المنزل ساعدها
بحركات قوية ومتكرّرة (تنظيف الأواني والدعك الشديد والغسل اليدوي)، في
بروز ألم الكتف المصاحب بصعوبة في الحركة. وتأخذ آلام الكتف عدداً من
الأشكال، أبرزها:
* ألم الكتف الجهدي البسيط:
يظهر هذا النوع من الألم عند زيادة الجهد على الكتفين من خلال ممارسة بعض
الأعمال المنزلية المجهدة، ما يحدث صعوبة في مواصلة العمل وظهور بعض
التورّم. وينصح الأطباء، في هذا الإطار، باستعمال بعض الكمّادات الدافئة
ومراهم إزالة التورم المخفّفة للالتهابات، مع التدليك.
* التهاب حول الكتف (الكتف المتجمدة):
يتركّز الألم في هذه الحالة في أعلى الكتف وحولها، فيما تتصلّب الكتف
وتتجمّد حركتها في المراحل المتطوّرة. ويكمن العلاج في استخدام المسكنات
ومضادات التورم والالتهاب (أدوية غير ستيرويدية)، بالإضافة إلى المواظبة
على السباحة الخفيفة والتدليك والمعالجات الحرارية وجلسات البخار.
* ألم تنكّس الكتف:
تكثر الإصابة به في المراحل المتقدّمة من العمر، وتنتج عن العمل المجهد.
ويشتدّ الألم غالباً في أثناء الليل، ويتمظهر عند تحريك الكتف. ويؤكد
الأطباء أن مفصل الكتف في هذه الحالة يصاب ببعض التبدّلات التنكسية
الجزئية في السطح المفصلي، ما يساعد على نمو وبروز بعض الحواف الصلبة حول
الأربطة. وتجدر الإشارة إلى أن حالة تنكس الكتف مزمنة ودائمة، تتحسّن
بالعلاج.
_ ألم المرفق (ألم لاعب التنس):
ينتج عن الضغط المتزايد على عضلات الساعد والذي يشابه حركات لاعب التنس
المجهدة للمرفق. وينتشر الألم، منتقلاً إلى ظهر الساعد والأصابع، ويشتدّ
أثناء القبض على هذه الأخيرة. ويكمن العلاج في التوقّف عن الضغط على عضلات
الساعد أو تكرار قبض الأصابع، كما تناول المسكنات ومضادات الالتهاب غير
الهرمونية المسكّنة، بالإضافة إلى أهمية استعمال الموجات فوق الصوتية على
هذه المنطقة.
_ آلام مفصل الركبة: تنتج آلام الركبة عن حالات ثلاث تعاني منها ربة المنزل، هي:
* آلام الإجهاد:
تنتج عن إجهاد مفصل الركبة بالأعمال التي تسبب الضغط والاحتكاك والرضوض البسيطة المتكرّرة، وتتحسّن عبر الراحة والأدوية المسكّنة.
* تمزّق الغضروف:
قد ينتج ألم الركبة عن تمزق الغضروف الهلالي للركبة، علماً أن هذا النوع
من الآلام يحدث نتيجة إجهاد مفصل الركبة خصوصاً عند صعود الدرج أو اتخاذ
وضعية القرفصاء بشكل متكرّر. ويرافق هذه الآلام تورم المفصل وازدياد
السائل المفصلي (ماء المفصل). وقد يتطلّب العلاج استئصال الغضروف المصاب
بعد إجراء أشعة متخصّصة (الرنين المغناطيسي).
* الكيسة المبايضية:
تورّم كيسي ينمو في المنطقة الخلفية من المفصل. وإذ يكون حجم الورم صغيراً
بدايةً، ثم ينمو ليصبح بحجم حبّة البرتقال الصغيرة محدثاً الألم والتوتر
أثناء المشي أو ممارسة الأعمال المنزلية. كما قد يتسبّب هذا الورم أحياناً
في إحداث جلطة وريدية. ويتم العلاج جراحياً عن طريق استئصال الورم.