الأخطاء
الإملائية والخط السيئ مشكلتان عند بعض التلامذة خصوصاً في المراحل
المدرسية الأولى. فكثيراً ما يجد التلميذ، في بداية تعلّمه الكتابة، صعوبة
في التمييز بين الأصوات الطويلة والأصوات القصيرة، وأحياناً لا يستطيع
التمييز بين مخارج الحروف.
فمثلاً يخلط بين حرفي الـ«ق» و«ك» وبين
«ض» و«د». وعندما يصبح في الصف الابتدائي لا يحذف حرف العلّة من الفعل إذا
سبقته أداة جزم أو نصب مثلاً يكتب «لم يأتي» بدل «لم يأتِ» لأنه لا يفهم
القواعد الإملائية.
ويؤدي تكرار الأخطاء ومحاسبة الأهل إلى أن يكره
التلميذ الإملاء والقواعد جملة وتفصيلاً. أما الخط السيئ فقد يسبب رسوب
الطالب الذي يخضع لامتحان الشهادة الرسمية.
فلماذا يرتكب التلميذ الأخطاء الإملائية؟
وكيف يمكن الأم تعليم طفلها تجنّبها؟
وما هي الوسائل المثلى لتشجيع الطفل على الكتابة وتحسين أدائه؟
وكيف يجب تحسين خط التلميذ ليصبح مقروءاً؟
يرى
التربويون أن الطفل يتعلّم المهارات الكتابية بدءاً من الروضة الثانية حتى
الصف الثاني الابتدائي. يبدأ في مرحلة الروضة رسم الحروف والكلمات، ولا
تُستعمل مفردة «الكتابة» لأنها مفهوم يحتاج إلى تحليل، بينما الرسم يعني
النقل.
فيرسم الحروف الطويلة والقصيرة مثل «را» و«ر». ثم يبدأ كتابة
كلمة تتألف من ثلاثة أو أربعة أحرف ، ويؤلف في مرحلة متقدّمة جملة من أربع
كلمات، ويبدأ كتابة الأعداد من 1 إلى 10.
وفي الصف الأول ابتدائي
يُطلب من التلميذ كتابة جملة صحيحة من حيث التركيب، ومن ثم فقرة قصيرة
استناداً إلى تصميم معيّن، أي من 10 إلى 15 كلمة، ويكتب الأعداد من 1 إلى
50. وفي الصف الثاني ابتدائي يطلب منه كتابة فقرة من 50 كلمة والأعداد من 1
إلى 100، ويبدأ بتوظيف قواعد الإملاء في كتابته، أي الشدّة وألـ التعريف
وقاعدة التاء.
وتعتبر المرحلة الواقعة بين الصف الثالث الابتدائي
والخامس الابتدائي مرحلة مراجعة وتثبيت لما تعلّمه من قبل. هذا من الناحية
الأكاديمية البحتة.
نحو الكتابة
يُظهر الطفل أحياناً استعداداً
لتعلّم الكتابة في الروضة الأولى، وهذا ما يسمى مرحلة ما قبل الكتابة أو
نحو الكتابة. ومن المهم جداً في هذه المرحلة تمرين العضلات المسؤولة عن
الإنتاج الكتابي، وتعرف بالعضلات الدقيقة والتي هي الأصابع، لاسيما الإبهام
والسبّابة، واليدان وحركة معصم اليد.
ويكون ذلك عن طريق اللعب. فمن
المعروف أن اللعب ينمّي حواس الطفل وقدراته الجسدية والذكائية. لذا من
الضروري توفير الألعاب التي تشجع الطفل على الكتابة.
كمجسمات أشكال
الحروف واللوح والطبشور واللعب بالمعجون والكتابة على الرمال التي تتطلب
منه الضغط على الإصبع، وتصنيف الحبوب التي تحفّز الطفل على استخدام الإبهام
والسبابة، كأن تجلب الأم مثلاً كمية من حبوب الفاصوليا والعدس مخلوطة
بعضها ببعض وتطلب من طفلها تصنيفها وفرزها في كوبين منفصلين. يساعد هذا
النوع من النشاطات على تقوية الذاكرة العضلية والدماغ الحركي لأنه ينمّي
العضلات المسؤولة عن مهارة الكتابة.
كما يمكن للأم أن تكتب حرف
«القاف» وتطلب من طفلها كتابته بالمعجون أو بالمكعبات الصغيرة، أي لا نجعله
يمسك القلم فوراً بل يسبق ذلك نشاطات ومهارات تطورها.
ويلي ذلك تمرين الطفل على رسم الخطوط بطريقة عمودية ودائرية وحلزونية ومتعرّجة، وذلك لأن معظم الأحرف تأخذ أشكال هذه الخطوط.
وينصح
التربويون الأهل بتجهيز ركن خاص في غرفة الطفل توضع فيه إضافة إلى الألعاب
التعليمية أوراق بيضاء ومسطّرة، وأقلام كبيرة لأن عضلات اليد لا تزال في
مرحلة النمو والأقلام الصغيرة قد تسبب له إحباطاً لأنه لا يزال غير قادر
على التقاطها.
الخربشة شكل من أشكال الكتابة البدائية
الحروف
والكلمات هي أمور مجرّدة لا يستطيع الطفل في سن صغيرة أن يربط شكلها
بمعناها لأنه لا يزال غير قادر على التحليل المنطقي. لذا من الملاحظ أنه
يخربش.
فمثلاً عندما تطلب منه والدته كتابة كلمة ماما يرسم خربشة ويقول لها
«انظري
كتبت كلمة ماما»، في هذه الحالة على الأم أن تكتب إلى جانب رسمه كلمة
ماما، فهي بذلك تجعله يميز بين الكلمة الصحيحة والخربشة، فالخربشة شكل من
أشكال الكتابة البدائية.
ومن الملاحظ أيضاً أن بعض الأطفال في بداية
كتابتهم للأحرف يكتبونها بالمقلوب، فمثلاً تكتب (ح بالاتجاه المعاكس)،
عندها يكفي أن تكتب الأم الحرف في شكله الصحيح.
ويحذّر الاختصاصيون
من مطالبة الطفل بالنسخ، كما تفعل بعض الأمهات عادة وتتفنن في طلبها، كأن
تقول «انسخه في الشكل الصحيح أربع مرات وفي كل مرة بلون مختلف»، فهذا قصاص
وليس تصحيحاً.
وهناك نوعان من الكتابة: الكتابة الكلية والكتابة
الهجائية. الكلية حين ينسخ كلمة كاملة مثل ( بابا - ماما- كتاب)، ينسخها
ويصوّرها كما هي. أما الهجائية فهي التي ترتكز على تركيب الحروف في كلمة
مفيدة.
مثلاً تطلب الأم من طفلها كتابة حروف (ب- ر- ا- د) في شكل
منفرد ومن ثم تطلب منه أن يجمعها ويؤلف منها كلمة برّاد. ومن الضروري ربط
تأليف الكلمات بنماذج موجودة أمامه لأنها تعزّز التحليل المنطقي الذي يربط
بين الأمور المجرّدة والأشياء الملموسة. مثلا يمكن الطفل أن يلصق على
البرّاد الكلمة التي ألّفها.
الطفل يكتب ما يسمعه
تسبق الطلاقة
الدقّة أو الشكل، وحين يصبح الطفل ماهراً في كتابة الأحرف والكلمات يكتب ما
يسمعه أي يكتب كلمة تشبه السمع. مثلاً يكتب كرس بدل كرسي، وهذا مسموح لأنه
لم يتعلم بعد القواعد الإملائية، وإذا تعلّمها لن يفهمها لأن عقله ليس
مستعداً بعد لفهم الأمور المجردة.
المهم في هذه المرحلة، تحفيز
الطفل على الكتابة. فمثلاً إذا كتب كلمة مهى «مها» أو «مه» هذا أمر جيد
وطبيعي ولا يجوز محاسبته أو انتقاده كأن نقول له: «أخطأت ولا تعرف
الكتابة».
فاللغة العربية تتضمن الكثير من الفخاخ اللغوية وقواعدها
ليست سهلة. وإذا كانت المعلّمة أو الأم تضع إشارة الخطأ في كل مرة يخطئ
فيها الطفل، فهذا يحبطه و لا يحفّزه على الكتابة، وتصبح الكتابة بالنسبة
إليه عقاباً.
توقع مخارج الحروف الطفل في التباس مثل «ض» و«د»،
فهناك حروف متشابهة بالصوت وأخرى متشابهة في الشكل مثل «ذ» و« د». ويمكن
الأم أن تساعد طفلها على تمييز الحروف المتشابهة من خلال تأليف قصة طريفة
عن هذه الحروف كان تقول له مثلاً: «الضاد أخت الدال، ولكنها كانت تأكل
كثيراً ولا تمارس الرياضة فأصبحت سمينة». فبهذه القصة الطريفة يثبت في ذهنه
الفرق بينها.
- هل من الصواب الإمساك بيد الطفل أثناء الكتابة؟
لا
يجوز إمساك يد الطفل أثناء الكتابة بل سندها وإرشاده على الطريقة التي
عليه تحريك يده، شرط ألا تعتمدها الأم على أساس أنها الطريقة الوحيدة، بل
عليها تجربة كل الطرق التي أشرنا إليها سابقاً. فمثلاً إذا كان عند الطفل
صعوبة في كتابة حرف «الضاد» تساعده في حل هذه المشكلة بالتدرج.
مثلاً
تطلب منه تجسيم الحرف بالمعجون، ثم ترسم له الحرف في شكل منقّط وتطلب منه
رسمه. ومن المفروض أن يجد الطريقة التي يكتب فيها الحرف، وإذا لم يتمكن من
ذلك، فهذا مؤشر إلى وجود مشكلة في الذاكرة العضلية عنده. فالطفل يمكن أن
يكون ذكياً جداً ويعرف جميع الحروف ويميّز بينها لكنه لا يستطيع كتابتها.
الخط الجميل ضروري
يظن
البعض أن مسألة جمال الخط لم تعد ضرورية نظراً إلى وجود الكمبيوتر الذي
يقوم عن التلميذ بمهمة الكتابة. ويتذرّع البعض أيضاً أنه مع وجود الكمبيوتر
لا ضرورة لأن نشدّد على الأخطاء الإملائية التي قد يرتكبها الطفل،
فالكمبيوتر مبرمج على تصحيحها.
فيما يرى التربويون أنه من المستحيل
الاستغناء عن القلم والورق، ولا يمكن ادعاء غير ذلك. فالتلميذ حين يخضع
للامتحان لن يستعمل الكمبيوتر.
قد تغض معلمة الصف الطرف عن قبح الخط
أو الأخطاء لأنها تعرف قدرات تلميذها، ولكن المشكلة تظهر في شكل واضح حين
يفاجأ التلميذ برسوبه في الامتحانات الرسمية، خصوصاً إذا كان متأكداً من
صحة أجوبته.
ويكون السبب أحياناً الخط السيئ، فالمصحح لن يضيع وقته
في محاولة فهم ما كتبه التلميذ، خصوصاً أن أعداد التلامذة في الامتحانات
الرسمية تكون كبيرة جداً. لذا من الضروري أن يتنبّه الأهل إلى هذا الأمر
قبل فوات الأوان.
وفي المقابل، يشير الاختصاصيون إلى أن تعليم الطفل
الكتابة بخط جميل ليس ضرورياً في المرحلة الأولى أي في صفوف الروضة، إذ لا
تكون لديه القدرة في السيطرة على تجميل خطّه، المهم أن يكتب مفردات صحيحة.
ويبدأ
التمرين على الخط الجميل في الصف الأول ابتدائي ويثبت الشكل النهائي لخط
التلميذ في الصف الثالث ابتدائي، وإذا لم تعط أهمية لجمال الخط يصبح هناك
صعوبة في تحسينه. وهناك طرق عدة لتحسين الخط يمكن الأم اتباعها.
مثلاً، حين تطلب من طفلها نسخ كلمة «حمار» لا تضع له أرقام السطور
1-2-3-4-
من أعلى إلى أسفل بل العكس، لأن الطفل حين يبدأ بنسخ الكلمة ينظر من فوق
إلى تحت وغالباً ما يقلّد السطر السابق وليس الكلمة الرئيسية، وحين يبدأ من
أسفل إلى أعلى سوف يضطر إلى تقليد الكلمة الرئيسية في كل مرة ينسخ فيها
الكلمة أو الجملة.
كما يمكن أن تطلب الأم من طفلها أن يضع دائرة حول
الكلمة التي يجدها الأجمل حتى يقوّم بنفسه جمال خطه، وعليها أن تتفادى
نقده في شكل قاس كأن تقول له مثلا:«ياي خطك شو بشع» فهذه الجملة تحبطه
وتفقده ثقته بنفسه.
ويمكن الأم أن تخضع نفسها للتجربة كأن ترتدي
قفازاً سميكاً كالذي يرتديه لاعبي التزلج وتحاول الكتابة، لا بد أنها ستشعر
بصعوبة وستعرف ما يشعر به طفلها أثناء محاولته الكتابة. لذا لا يجوز توبيخ
الطفل على خطه السيئ في هذه المرحلة.
قراءة مستمرة تعني إملاء من دون أخطاء
تغني
القراءة ذاكرة الطفل وتعزز عنده قدرات الكتابة والاستماع والحوار. فحين
يرى الكلمات والحروف ويلاحظ تركيب المفردات في شكل مستمر يصبح من السهل
عليه الكتابة في شكل صحيح.
والطفل الذي لا يقرأ ليس في إمكانه
الكتابة في شكل جيد. ومن المعروف أن النصوص الكتابية، في الصفوف الابتدائية
الأخيرة تصبح أكثر تعقيداً وترتكز على القواعد، ويمكن تسهيل الأمر على
الطفل عن طريق توظيف القواعد في نصوص.
كأن تقرأ الأم لطفلها نصاً
وتشير إلى الأفعال وكيف تغيّرت حسب موقعها في الجملة أو الأدوات التي
سبقتها وتشرح له القاعدة، كما يمكنها أن تطلب منه أن يضع خطاً تحت الفعل
الذي تغيّرت صيغته ويضع دائرة حول أدوات الجزم أو النصب وتقول له مثلاً
تعال نعد كم فعل أمر في هذا النص. فهذه الأمور تساعد التلميذ على فهم
القواعد عن الطريق اللعب والتسلية.
- من المعروف أن التلميذ في المرحلة الابتدائية يحضّر الإملاء في المنزل
ولكن رغم ذلك يرتكب الأخطاء. فما السبب؟
السبب
يعود إلى أن تحضيره للإملاء يكون دفعة واحدة، أي أنه ينسخ الفقرة مرات
عدة، وهذه طريقة غير صحيحة لأنه سوف يركّز على بعض الكلمات دون غيرها.
لذا
على الأم أن تطلب منه أن يتمّرن على كتابتها بالتقسيط. فتمرين الإملاء
المحضّرة يعطى قبل فترة ثلاثة أيام من تطبيقه في الصف، وعلى الأم أن تطلب
من طفلها نسخ جملة واحدة كل يوم.
تساعد هذه الطريقة في ترسيخ المفردات في ذهنه، فيصبح قادراً على كتابة فقرة كاملة مؤلفة من خمس جملٍ من دون أخطاء.
وأخيراً يشدد التربويون على ضرورة تشجيع الطفل على الكتابة سواء أخطأ أو لا، وتوفير كل الوسائل التي تعزز هذه المهارة وتبلورها.